اقتصاد، مجتمع

أثمنة “داسيا” بالمغرب .. ماذا يستفيد المستهلك من الاستثمار الأجنبي؟

أثار نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، قضيةً تتعلق بالأثمنة التي تبيع بها علامة “داسيا” التابعة لمجموعة “رونو” منتوجاتها للمغاربة، حيث كشف هؤلاء أن أثمنة البيع للمغاربة مرتفعة عن الأثمنة التي تبيع بها الشركة منتجاتها لدول أوروبية أخرى.

وأورد هؤلاء أنه في الوقت الذي تخصص في الدولة المغربية هكتارات واسعة من الأراضي بمقابل يكاد يكون مجانا، وتستفيد من اليد العاملة الرخيصة جدا، وتُعفى من الضرائب، إلا أن شركة “داسيا” التي تتخذ من مدينة طنجة مقرا لها تبيع للمغاربة سياراتها بثمن مرتفعٍ عن الذي تبيعه في دول أوروبية غنية.

وتساءل هؤلاء كيف أن نتفهم أن شركة “داسيا” تصنع سياراتها في المغرب وتبيعها للمغاربة بثمن يتجاوز 12 مليون سنتيم، في حين يتم بيع نفس السيارة التي يتم تصديرها إلى أزيد من 54 بلدا، بثمن لا يتعدى 7 ملايين سنتيم في بريطانيا وإسبانيا القريبة المغرب، وهو الأمر الذي يمكن التأكد عبر زيارة الموقع الرسمي للشركة في عدد من البلدان الأوروبية.

وأطلق عدد من هؤلاء وسما تحت اسم “#خليها_تصدي”، وذلك تنديدا بالأثمنة المرتفعة التي تبيع بها الشركة منتجاتها للمغاربة رغم أنها تُصنع بالمغرب، في حين تبيع ذات السيارة بثمن مشابه في معظم الدول التي تصدرها إليها، وخاصة في الدول الأوروبية التي يملك مواطنوها معدلات دخل سنوية تضاعف الدخل السنوي للمغاربة.

وأكد هؤلاء أن عدم استفادة المغاربة من وجود معمل لصناعة السيارات في المغرب، يعكس فشل السياسات الحكومية في مراقبة شجع الشركات التي تأتي للاستثمار في المغرب دون أن تقدم أي إضافة للمستهلك المغربي، حيث لا يختلف بيع ثمن سيارة “داسيا” شيئا عن سيارات مماثلة تأتي من أوروبا أو من آسيا، ناهيك عن جودتها الأفضل وتصاميمها الأنيقة.

واعتبر هؤلاء أن هذا الأمر “يقتل” مصداقية مؤسسات الدولة، ويجعل من الدول الأجنبية يستهزئ بالمغاربة وبالحكومة ومن فيها، مؤكدين أن بيع شركة داسيا لسياراتها للمواطنين المغاربة بنسبة أثمنة الدول الأوربية أو أكثر منها أحيانا هو احتقار، داعين الحكومة إلى حماية المستهلك وتشجيع الاستثمار بما لا يُنهك جيوب المواطنين.

وفي تعليقها على الموضوع، اعتبرت شركة “داسيا” أن المقارنات بين الأثمنة في أوروبا والمغرب هي مقارنات مغلوطة، مؤكدة في تصريح لجريدة “العمق” عبر مسؤولة للتواصل بالشركة أن الثمن الذي يظهر في اسبانيا هو أمر يتعلق بتخفيض استثنائي وليس ثمن البيع الدائم، مشيرة أن الأثمنة نفسها في المغرب هي الموجودة بباقي الدول.

وأكدت أن مصنع “داسيا” يوجد بالمنطقة الحرة في طنجة، وعندما يتم التسويق لهذه العلامة داخل المدن المغربية فهي تخضع لضرائب شبيهة بالضرائب المفروضة على السيارات القادمة من دول أخرى.

ولم تجب الشركة عن سؤال يتعلق بالقيمة المضافة التي تقدمها للمستهلك المغربي إذا كانت تُصنّع علامتها التجارية فوق التراب الوطني وتستفيد من عدة امتيازات غير متوفرة لعلامات تجارية أخرى.

إلى ذلك، اعتبر الخبير الاقتصادي المهدي فقير أن النقاش بشأن أثمنة بيع “داسيا” هو نقاش مغلوط وغير منبني على أساس علمي، مؤكدا أن ثمن البيع يخضع لمعايير أخرى مرتبطة بحجم الضرائب وكُلفة الإنتاج، مبرزا أنه يجب الحصول على كافة المعلومات التنقية قبل توجيه الانتقادات.

وشدد فقير في تصريح لجريدة “العمق”، على أنه يجب الاستناد إلى دراسة حقيقة في تركيبة الأسعار والتنافسية، قبل اللجوء إلى المقارنات التي من شأنها أن تكون مغلوطة، معتبرة أن محاولة الترويج لتلك المقارنات هو استهتار بالرأي العام وتبخيس للموضوع.

وأضاف أن المواد التي تدخل في تركيب السيارات نستوردها ولا نصنعها في المغرب، مشيرا أن نسبة الإدماج الصناعي في المملكة لا تتعدى 30 بالمائة، وهو ما يجعل المصنع يستورد أجهزة السيارات بتكلفة معينة، الشيء الذي يتسبب في ارتفاع الأسعار، لأنه لو كانت نسبة الإدماج الصناعي تفوق 80 بالمائة فإن تكاليف الإنتاج تكون أقل وبالتالي تكون تكلفة البيع أقل أيضا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *