وجهة نظر

سأحضر موازين هذه السنة !

لم أفكر يوماً في حضور مهرجان موازين لكني أفكر جدّياً في حضور المهرجان هذه السنّة ، لم أفكر في ذلك من قبل لأسباب كثيرة و ربما كان أبرزها الحياء، أجل فأنا رجل يخجل من الضحك بصوت مرتفع حين يموت أحد بحينا فكيف حين يموت وطن ! كيف حين يموت الكثيرون برداً في القمم المعزولة أو رفساً أثناء التسابق على كيس دقيق أو خنقاً تحت ردم المناجم بحثاً عن لقمة عيش نقيّة و طاهرة أو غمّاً و تحسّراً على ابن مُعتقل في حراك سلمي كلّ مطالبه يجوز تلخيصها في بناء مستشفى و جامعة و ربط المسؤولية بالمحاسبة في قضية بائع السّمك … !

لم أفكر يوماً في حضور المهرجان لأسباب أخرى أكثر تعقيداً يمنعني الحياء أيضاً من سردها، لكنّي اليوم أجدني مبتهجاً و متحرّراً من كل الحياء بالقدر الكافي لحضور المهرجان، اليوم بعد مشاهدة ملخص مرئيّ على موقع هسبريس – إقبال على مهرجان موازين – لحفلة تجريب للمهرجان أصبحت مصرّاً على الحضور …

لن أكون خجولاً و أنا أقف إلى جوار أناس لم يفقدوا أحداً في منجم أو تزاحم أو في بيتهم معتقل .. لن أكون خجولاً و أنا أقف أمام أناس لا يحكي شكلهم و لا ثوبهم عن معاناة من نوع مّا، لا بأس أن أبتهج أمام أناس مبتهجين فهذا لا يؤذي مشاعر أحد، لا بأس أن أبتهج أمام أناس هم هنا pour s’ambiancer ; pour passé le temps ; (كما صرّح بعضهم) و ليسوا هنا لنسيان شخص أو شيء مّا فقدوه …

سأحضر موازين لأن مُقاطعته تُهدّد الاقتصاد الوطني أكثر ممّا تفعل مقاطعة البنزين و الحليب و الماء المعدني ! ثمّ … و بصراحة ، و كفى خجلاً … سأكون هناك لتشجيع هذه البادرة الطيّبة المُبْتدَعة ! و لأقول بصوت عال دون حياء لستُ من جماعة لا شيء يعجبني ! ..

الجماعة التي سخرت من شاحنات الطن و الحرور في قضيتنا الأولى … هاهي شاحنات أخرى قد تُعجبكم ، جاءت avec sa copine بعد امتحانات bac, licence , master pour se détendre ، شاحنات لا تتحدث عن ” النقلة ” و لا عن الامتحان الصعب … شاحنات تُشبه إلى حدّ كبير تلك التي توجّهت إلى روسيا بمليار سنتيم – كما يروج في صمت مريب للجهات المعنيّة – لاعتلاء منصة للشخصيات البالغة الأهمية ، شخصيّات لم و لن تُجازف بشيء على الاطلاق – و إن كان طلاء أظافر إحداهن و الذي قد يُخصص له برنامجاً كاملاً – لأنها على قدر من الأهميّة في حياتنا لا يسمح بالمجازفة، بل و لا يُمكننا أن نقبل نحن بالمجازفة و تعريضها للخطر ! …

أمّا أمثال أمرابط فهم كثيرون و هم سوادنا الأعظم و سوادنا الأعظم لا أهميّة له في حياتنا و لا في حياة VIP و لا في حياة من يرعونهم ! … سوادنا الأعظم سيجوب الشوارع دائماً فرحاً بنصر معنوي بسيط و إن كان زائفاً … لأن ذلك مفخرة للوطن، و سيبكي أمام شاشات المقاهي غيرة على هذا الوطن، و سيلعن VIP ومن يرعاهم و هم يلوكون الكلم لتحسبه من نشيد الوطن و ما هو من نشيد الوطن في شيء !

سأحضر موازين هذه السنة ، كي لا يُلاك نشيد الوطن على أرض الوطن !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *