منوعات

هل يعتذر حزب الاستقلال عن أحداث الريف بعد 60 عاما ؟

فتح حزب الاستقلال من جديد، ملف الأحداث الدموية التي شهدتها منطقة الريف شمالي البلاد، قبل ستين عاما.

وشكلت الزيارة التي قادت الأمين العام للحزب نزار بركة، يونيو الماضي إلى مدينة الحسيمة، خطوة أعقبها الكثير من النقاش العام.

وجاء النقاش عقب إعلان بركة استعداد حزبه للمكاشفة والنقد الذاتي والاعتذار لسكان المنطقة، إذا ثبت أن أعضاء من الحزب “تورطوا في الأحداث المؤلمة” التي عرفتها المنطقة، وسقط خلالها قتلى وجرحى.

وشهدت منطقة الريف سنتي 1958 و1959، أحداث عنف دامية تضاربت الروايات والأرقام حول عدد ضحاياها.

وتضاربت التقديرات بخصوص عدد ضحايا أحداث الريف خلال سنتي 1985 و1986، إذ يشير بعض الباحثين إلى عشرات، آخرون يقولون إنها تقدر بالمئات.

وفي إحدى رسائل عبد الكريم الخطابي قال، إن “الأحداث عرفت توقيف 8420 منهم 110 امرأة، 5431 منهم تم إطلاق سراحهم فيما بعد (من بينهن 92 امرأة)، و2664 لم يطلق سراحهم، أو صدرت في حقهم أحكام، في الوقت الذي فر 542 إلى كل من إسبانيا وإيطاليا وألمانيا والجزائر”.

وانطلقت الأحداث عقب احتجاجات وصفت بـ “الانتفاضة”، قادها عدد من أبناء المنطقة ضد السلطات المركزية في الرباط، وهو ما ردت عليه السلطات بالمواجهة بقوة السلاح.

وحمل البعض المسؤولية عن أعمال العنف التي تعرض لها سكان المنطقة لحزب الاستقلال الذي كان يدبر شؤون البلاد آنذاك.

لجنة الحقيقة

حزب الاستقلال لم يتوقف عند حدود تصريحات أمينه العام، بل باشر على أرض الواقع التنقيب في صفحات تلك الأحداث بواسطة لجنة شكلها، وأسند مهمة رئاستها إلى شيبة ماء العينين الذي يشغل رئيس المجلس الوطني للحزب (برلمان الحزب).

وقال نور الدين مضيان رئيس الكتلة النيابية لحزب الاستقلال بمجلس النواب، إن اللجنة التقت بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان.

وأضاف أن اللجنة تعمل أيضا على جمع مجموعة من الشهادات الحية لشخصيات عاصرت تلك الفترة من الزمن، على رأسهم محمد بن سعيد أيت يدر الزعيم السياسي المغربي وأحد المقاومين المغاربة المعروفين، والرجل الذي خبر المرحلة المذكورة وخبر العمل السياسي لعقود.

وأوضح مضيان أن “اللجنة ستعتمد على الوثائق المتاحة التي يمكن أن تصل إليها، لإجلاء الحقيقة في هذا الملف الذي عمر طويلا”.

شجاعة ولكن

خلال النقاش الذي أعقب الخطوة التي أعلنها الحزب، تناسلت العديد من الأسئلة وسط المتابعين للشأن السياسي في البلاد.

وفي مقدمة الأسئلة، هل خطوة الحزب غرضها فعلا كشف الحقيقة، ومن ثم إعمال مصالحة حقيقية بين السكان والحزب، أم هي محاولة استفادة من الاحتقان الذي تعرفه المنطقة منذ سنتين؟

وأصدرت محكمة الاستئناف بمدينة الدارالبيضاء في 26 يونيو الماضي، أحكاما بسجن عدد من قادة ونشطاء الاحتجاجات بالريف، تراوحت بين عام واحد و20 عاما.

ومنذ أكتوبر 2016، وعلى مدى 10 أشهر، شهدت مدينة الحسيمة وعدد من مدن وقرى منطقة الريف، احتجاجات للمطالبة بـ “تنمية المنطقة وإنهاء تهميشها”.

وقال عثمان زياني أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الأول، إن “إعلان الحزب فتح تحقيق في الأحداث يعتبر جرأة سياسية في حد ذاتها”.

وأضاف الباحث المغربي أن “هذه الخطوة لن تكتمل إلا من خلال استجلاء عناصر الحقيقة، وتحديد المسؤوليات بشكل دقيق، خصوصا بين السلطات والحزب”.

وأكد أهمية التعويض المادي والمعنوي وإحداث مصالحة حقيقية مع الريف، يتم ربطها حتما مع ما يعيشه حاليا من أحداث واعتقالات بفعل الاحتجاجات الأخيرة.

واعتبر أن الاحتجاجات الأخيرة تعيد إلى الأذهان أحداث 1958 و1959، وتوقظ الجرح من جديد، محذرا من الانزياح عن أهداف ما تم إعلانه.

وتابع “إذا تحول الأمر إلى مجرد مناورة سياسية، عند ذاك سنعود إلى أدراج التخبط وتزييف الحقائق”.

كشف الحقيقة كاملة

وفي الوقت الذي اعتبر فيه زياني أن الكشف عن الحقيقة في هذا الملف “غير ممكن”، لأنها تدين أطرافا أخرى لم يحددها، اعتبر القيادي بحزب الاستقلال نور الدين مضيان، أن الحزب يود كشف كل الأسرار المحيطة بهذا الملف.

وفي رده على أسئلة الصحفيين حول إدانة قادة “حراك الريف” بأحكام بالحبس وصفت بـ “القاسية”، قال مصطفى الخلفي الناطق باسم الحكومة، إن “السلطة القضائية مستقلة، ولا يمكن التدخل في أحكام القضاء الذي له معرفة حيثيات الملف”.

ونهاية أكتوبر الماضي، أعفى العاهل المغربي 4 وزراء من مناصبهم، بسبب اختلالات في تنفيذ برنامج إنمائي بمنطقة الريف “الحسيمة منارة المتوسط”.

ولحزب الاستقلال المعارض 46 مقعدا في البرلمان المغربي من إجمالي 395، تجعله ثالث أكبر قوة في البرلمان، بعد كل من حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحزب الأصالة والمعاصرة المعارض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *