وجهة نظر

بين المناضل المهاجر والمناضل المهرج

شبع أفراد من الجالية المغربية المقيمة بجهة كتالونيا، ومعهم رواد شبكات التواصل الإجتماعي، خلال الأيام القليلة الماضية، ضحكا وسخرية، بعدما انتشر بينهم فيديو لحوار أجراه مؤخرا موقع إلكتروني مغربي “العمق”، مع مهاجر (فاعل جمعوي وسياسي) يقيم ببرشلونة.

وبالإضافة إلى السخرية والضحك، فلقد أحدثت إطلالة هذا المهاجر المغربي، التي وصف فيها نفسه بالإطار السياسي والجمعوي بين رموز المجتمع المدني الناشط بإسبانيا والدكتور الوازن وسط مغاربة العالم، موجة من التأسف والإستنكار والإمتعاظ بين عدد من مغاربة المهجر، بعدما تكررت حولهم حالات متوالية، أبطالها أشخاص مهاجرون لا يترددون في إستغلال إسم “مغاربة العالم” وقضايا الجالية والوطن، من أجل التقرب من الدوائر الرسمية بالرباط، ثم الوصول إلى تحقيق المراد، البعيد بطبيعة الحال على كل خطاباتهم المعلنة؟.

محتوى حوار موقع “العمق المغربي” مع الدكتور(؟؟)، وظهور الأخير كنجم جمعوي وكإطار سياسي، يدافع بشراسة على المهاجر والمقدسات المغربية، وهو مقيم في الديار الإسبانية، حمل في ثناياه عدة إشارات وقراءات، نحاول سردها باختصار فيما يلي:

الدكتور المشكوك جدا في دكتوريته، والذي تفضحه شفاهه التي لا يبدو عليها أنها كابدت عناء المطالعة ونقاش الأطروحات والتنقيب بين المجلدات والمؤلفات، أضحى محل نكتةٍ يتندر بها مغاربة مهاجرون، يُتابعون بإهتمام كل شاردة و واردة، ويضعون تحت مجهر التحليل كل الخرجات التي تحاول يائسة، الركوب على قضاياهم، وقضايا بلدهم الأم وعلى رأسها الدين والملكية والوحدة الترابية.

وإذا كان معظم المراقبين من أبناء وبنات الجالية المغربية بكتالونيا، قد حصل لديهم شبه إجماع حول تصريحات ضيف جريدة “العمق” ومعطياته، كونها لا تعدو أن تكون مجرد ترهات غارقة في عمق المراوغة، وعلى أن ما رواه بطلنا من وقائع عنترية، ما هي سوى أضغاث أحلام، ونسج من خيال ساذج، خصوصا عند إدعاءه بتعرضه لأكثر من محاولة إغتيال؟ واحد كانت بقلب برشلونة، ضريبة مواقفه الوطنية الخالصة؟.

العارفون والمتتبعون لمجريات ما تبدعه وجوه العبث الجمعوي المغربي ببرشلونة ونواحيها، يعلمون جيدا بأن خرجة فاعلنا اليوم، ليست هي الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة، بل سبقه إلى ذلك فاعلون هلاميون سابقون وحاليون، لكل منهم من ينفخ فيه ويزكيه، ولكل منهم أسطواناته المخدوشة، التي يردد من خلالها إنجازاته الكاذبة ومشاريعه الخرافية كلما أتيحت له الفرصة لإبرازها.

قد يكون “مناضلنا المهرج”، قد أحدث نوع من التفرد بإقحامه في حوار “العمق” المضحك المبكي، لقطات مثيرة من مسيرته السياسية النضالية الجمعوية وسط ساحة الجالية بكتالونية .. لكن وفي مقابل ذلك، إذا إستحضر المراقب سياق من سبقوه، وقام بمراجعة شريط خرجاتهم بكتالونيا على سبيل المثال، سيعلم جيدا بأن “البطل الوطني”، لم يُحدث تفردا، ولم يكن استثناء، بل كل ما في الأمر، أن “مهرجنا” لم يخرج على سلوكٍ منبوذ تتسم به جميع الوجوه التي تتدعي العمل الجمعوي والسياسي وسط الجالية، حيث ظل وفيا لأدبيات جماعة من يُحسنون ويعرفون من أين تأكل الكتف، وهي الجماعة للأسف، التي تجد عند الإدارة المغربية فرش البساط الأحمر والدعم السخي من ميزانيات الشعب المغربي؟.

فمن زعيم ديني يسهر على حفظ الأمن الروحي لمغاربة العالم.. ومن مناضلة ممثلة لحزب عتيد مغربي في بلاد الإقامة.. ومن نائبة برلمانية مهاجرة ومن متكلم بإسم مغاربة العالم في مجلس الجالية .. وصولا إلى دكتور مهاجر حياته مهدد برصاصات الإغتيال والسبب حبه الذي لا يوصف للمقدسات الوطنية المغربية … تتكاثر صور البهتان وتتعدد أساليب الكذب بإسم ملايين من أفراد الجالية المغاربة، من أجل تحقيق أهداف معلنة ومستترة.

“مهرجنا البطل” وأمثاله كثر بجهة كتالونيا، ظهر في حواره وكأنه لا يخاطب الجالية ولا يتكلم مع الوطنيين ولا يوجه كلماته إلى نخبة المجتمع والدكاترة… بل رسائله بدت وكأنها موجه إلى مكاتب محددة هو يعرفها؟.


خرجة “بن معتوق منير” على “العمق”، قد تذهب في إتجاه قد يؤكد مدى التطاحن القوي في الكواليس بين المتهافتين على المناصب والمصالح في المؤسسات المغربية الخاصة بالمغاربة المقيمين بالخارج، وعلى سبيل المثال في هذا لا الحصر، نجد ما يسمى مجلس الجالية والبرلمان والحصص المالية الموجه للمجتمع المدني …، وهي أمور تدفع “منير” وغير”منير”، إلى استعمال كل اللاأخلاقيات منها الكذب والتزوير، من أجل إظهار حسن السيرة والتضحيات الجسام لصالح الوطن ومقدساته من خارج المغرب، بهدف الفوز بالحصة أو تنفيذ تفاصيل الخارطة.

أمام هذا العبث الذي أزكم الأنوف، يظل السؤال المعلق والمطروح بإلحاح على كل الضمائر الحية وعلى جميع المهتمين والمتدخلين في شؤون الجالية المغربية بالخارج، هو كيف تتمكن مثل هاته النماذج، من الوصول بسرعة فائقة إلى بهو القنصليات؟ ثم تلج في المغرب وبسلاسة باهرة بوابات الوزارات والمقرات؟ ومن يسهل لهؤلاء العبث المؤموريات، و من يا ترى يرسم لهم خارطة الطريق نحو تسلق سلم ما يسمى زورا المجتمع المدني لأفراد الجالية المغربية بالخارج؟.
وهل الجهات التي تختار مثل هذه الهلاميات الجمعوية والحزبية، من بين مئات الأكاديميين والطلبة والمثقفين من أجل حضور حفل الولاء مثلا، أو للمشاركة في الملتقيات والندوات والأيام الدراسة التي تتخذ من شؤون مغاربة العالم كعناوين لها، غارقة هي الاخرى في الجبن والسذاجة، حتى يدوخهم واحد أو واحدة كل رصيده خواء وكذب؟.

ومن أي قوة تستلهم هاته الفطريات المتكاثرة، بين مغاربة هاجروا مدنهم ومداشرهم، عنفوانها وإزدهارها؟، أهي سياسة وإرادة رسمية مغربية لتسفيه العمل الجمعوي بالخارج، على غرار تسفيه وإفراغ العمل الحزبي والمدني والإعلامي من حمولته بالداخل؟ أم أن تفاقم المعظلة تتحمل مسؤولية فيها، أولا و قبل أي جهة، نخبة مغاربة المهجر التي يتراجع رموزها عن التأثير والمبادرة مفسحين بذلك الباب مشرعا للمتسلقين والانتهازيين من أجل تصدر الواجهات؟.

وجوه هذا “العفن الجمعوي بكطالونيا” أو (ممثلوا النسيج الجمعوي والسياسي المغربي بإسبانيا) كما تسميهم القصاصات الإخبارية الرسمية،- وهنا لا أعمم ولكن اللبيب بالإشارة يفهمُ، الذين نُـصِبوا أو نَصَبوا أنفسهم كرموز للمجمع المدني المغربي ببرشلونة .. اللاهثون وراء الامتيازات.. المتاجرون باسم الجالية والدين والصحراء .. المنتفعون على ظهر مغاربة الخارج.

رموز “العفن الجمعوي بكطالونيا” هؤلاء الذين يُراكمون المادة والثروات المشبوهة في عز الأزمة، بدعم مفضوح من منظومة الفساد في المغرب وخارجه.. لا تخجل هذه الرموز والوجوه لما تقدم نفسها على أنها من المدافعين على مصالح المغرب العليا وإلى جانبها مصالح وحقوق الجالية المغربية ..، ولا تمل جماعة “العفن الجمعوي ببرشلونة” من ترديد أنها تنكب على مواجهة خصوم المملكة المغربية وخونتها، وعلى أنها تعمل على تأطير المهاجرين المغاربة وتسهل لهم الإندماج وسط محيطهم الجديد .. في حين أن الحقيقة الصارخة التي لا يحجبها حاجب، تقول بأن الواقع شيء وترهات الفاعلين شيء آخر. وكما تقول بأن الأغلبية الساحقة من الجالية هي في واد يوميات حياتها .. أما جماعة “الفاعلين الجمعويين” فهم بشعارهم المشهور (نعرف جيدا كيف ومن أين تأكل الكتف؟) هي متواجدة في مواقع أخرى بعيدة كل البعد عن إهتمامات واَلام ومعاناة عامة المغاربة المقيمين فوق هذه المنطقة من التراب الإسباني.

فإلى متى سيستمر المسؤولون المغاربة والدوائر الرسمية والشبه رسمية، في رهانهم على التعامل وتزكية فاعلين من الجالية لا فعل لهم وتأثير سوى رفع الشعارات العريضة وأسماء جمعياتهم الفضفاضة؟ أم صدق من قال بأن المسؤولين المغاربة وهم يصفون المغاربة في المهجر، بـ “سفراء المملكة المغربية بالخارج”، إنما يعلمون جيدا ماذا يقولون، وما الذي يعون ويقصدون بوصف فئة من افراد الجالية بـ”السفراء”.

ضيف موقع “العمق” اللادكتور قام بعملية الغميق، وأكد بما لا يدع مجال للشك بأنه فعلا سفير للمملكة المغربية ببرشلونة، سفير منظومة الفساد والبهتان والتعتيم، وممثل لعمليات قلب الحقائق والوصولية، وفي هذا المستنقع يتخبط عدد من أمثال الوطني الغيور.

* مهاجر مغربي بكتالونيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *