منتدى العمق

سأعيش اللحظة قبل آوانها

إذا كان أمل النصر لازال يرفرف، فذلك ليس إلا بفضل نساء ورجال وأطفال قاوموا ويقاوموا بحجارة أرهبت عدواَ استحل أرض المقدس بفعل فاعل وتوطؤ أمة اختارت خيار الخنوع والذل وجعلت من فلسطين شعب أعزل يجابه الأعداء دفاعا عن استقلاله ودفاعا عن أرض الأنبياء، أعداء بعضهم – الكيان الصهيوني- تسلح بأسلحة مادية متنوعة ومتطورة، فهدموا البيوت والمستشفيات والمساجد واستحلوا الأعراض وسَفكُوا الدماء، والبعض الآخر – الأمة العربية والإسلامية – تسلح بأسلحة معنوية، نكران وجحود وأثر هذه الأخيرة لا يقل عن سابقيتها.

فالأيام دول وسِجال، وعلم النصر حُجِب ولم يسقط، ويعزى ذلك لأسباب عدة بعضها متمثل في البعد عن الدين الإسلامي، عقيدةً، شريعة ً، حضارةَ، تاريخاً، كِتاب، وسُنة، بحيث لم نعد نحتكم إليه لنتقوى وننتصر على أنفسنا ولأنفسنا، ابتعدنا عنه فَبَعُدَ علينا العِزُ والنصر، تركنا فئة قليلة مستضعفة إلا أنها أَرجَلُ من فئة لم ولن تجدي كثرتها في عَز نفسها والدفاع عن غيرها، لم تنتصر حتى للإنسانية التي غابت عنهم وعنا فأصبح الحكام والمحكومين لا يحركون ساكناً، ضعف الدول العربية واضمحلالها المشترك وتكريس حالة الانقسام والصراع بينها، واستفحال الصراعات الداخلية في الكثير منها، وتخليهم عن مواجهة عدوهم وتعاملهم مع تفوقه العسكري عليهم كمعطى ثابت أجل الانتصار إلى يوم توحدهم.

تعددت الشاشات باختلاف حجمها والمصادر باختلاف مواقعها، إلا أن الصورة واحدة في كل وقت وحين، فبات المشهد واحداً ومألوفاً، وأدهى وأمر وأشنع وأفحش في حق شعبٍ وحيد، وهذا ليس إلا قليل من كثير أو غيض من فيض مما نعلم، مشهد بات لا يحرك شعرة فينا، ولا في منظمات تدعي حقوق الإنسان المنعدمة عن سبق إصرار، كل ما تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية خاصة أو بأمة أعزها الله بالإسلام فابتغت العزة بغيره فذلت.

لكن، سأعيش لحظة الانتصار… ووعده الحق في كتابه المحكم الذي قال ” إن تنصروا الله ينصروكم ” وبالتوكل عليه والتوحد والعمل بكتابه وسنة رسوله، بابتسامة الواثقين بقدوم فجر وليد، ويوم جديد، سأعيش لحظة الانتصار وعودة المياه إلى مجاريها، سننتصر… نعم سننتصر إن شاء الله… أقولها بمليء فمي، متأكداً من ذلك ووعده الحق لعباده الصالحين ووعيده للمفسدين ، وأرفع راية السلام في وجه من اغتصب أولى القبلتين، ولن نُقاتل حتى نقُاتَل ، ولن ندمر لا أشجار ولا معابد ولا مستشفيات، ليس ضعفا وإنما تجسيداً لحامل رسالة الإسلام المبعوث رحمة للعالمين، رسالة كانت سابقة لإقرار قواعد القانون الدولي الإنساني الذي فُعِل حقيقيةَ بدون شروط أو تمييز، أما اليوم فتعددت الاتفاقيات والمواثيق إلا أنها تبقى شكلانية من جهة، ونسبية في حق المسلم ومطلقة في حق غيره من جهة أخرى.
سأعيش لحظة الانتصار وأصلي في بيت المقدس وقت ما شئت من دون شروط أو مساومة ومن دون حراس يقفون خلف حواجز يحملون بنادق … نعم سننتصر… مسألة وقت تنتظر.

سأعيش لحظة النصر الآتية لا محال إن شاء الله، وستدق طبول نهاية الاضطهاد والاستعمار ووعده الحق أن الأرض يرثها عباده الصالحين، وأرى القدس كما دخلها صلاح الدين الأيوبي حاملاَ سيفه محرراً أرض المقدس رافِعا راية النصر الحقيقي معيداً البيت لأهله وأمِراً أن يعيش المسلم وغيره بسلام، ويكون لغير المسلم حق على المسلم فالحياة تسِع للجميع والحرب لا يمكن أن تكون قانونا للحياة.

سأعيش لحظة معاملة القدس وسكانها معاملة أرق وأخف بكثير مما عاملهم الغزاة الصليبيون، قبل ذلك بسنين عديدة، لن يقتل المسلمون غيرهم، كما قتل الصليبيون أنذاك كل أهالي القدس من رجال وكهول ونساء وأطفال، وقتلوا الآلاف في ساحة المسجد الأقصى، فلن نعاملكم إلا معاملة السلام التي أتى بها الإسلام لا وجود للقساوة لا معنى لها ولا للتدمير لا للجور لا للقتل.

سأعيش لحظة دخول المسلم وغيره إلى القدس ولن يؤشر على جواز سفر أحدهما من لدن سلطات الاحتلال، ولحظة العلاج المقدم للمرضى في المستشفيات دون ضرورة الحصول على تصريح من أجل العلاج في مستشفيات الضفة الغربية، لأن فلسطين ستكون دولة واحدة وموحدة، ولن يؤخر إدخال البضائع وفرض ضرائب عليها من سلطات الكيان الصهيوني سأعيش لحظة اصطياد الصيادين الفلسطينيين في البحر الأبيض المتوسط دون أن يتم اعتقال أحدهم أو إطلاق الرصاص عليهم.

سأعيش لحظة التحرير؛ ولن يستمر حصار الشعب في قطاع غزة وستصل المواد الأساسية إليه وسيبقى التيار الكهربائي بدون انقطاع، ولن يُتحكم في حركة السير في الضفة الفلسطينية من لدن سلطة الاحتلال، وسَتهدم الحواجز وجدار الفصل بين المناطق المقسمة وستتوحد من جديد شمال الضفة، ووسطها وجنوبها وغور الأردن، والمناطق المحاطة بجدار الفصل، ومنطقة القدس ويندثر الانفصال الجغرافي بين الضفة والقطاع وسوف تستمر مسيرة التحرير والنصر حتى يرفرف العلم الفلسطيني في القدس وفي كل فلسطين.

فيا حكام العرب والمسلمين يا من فيهم باقية من شرف وغيرة إن العدو يستهدف الأمة كلها شعبا ودينا وقيما وثروات، فهم لم ينتصروا بقواهم الخاصة قدرَ ما انتصروا بضعف كثير من القلوب في إيمانها، وافتقار الصفوف إلى الوحدة والتراصّ.

لن يطول الانتظار وسيتحقق الانتصار، لكن هذا الانتصار على الأعداء يتطلب سلاحًا واحدًا، يستخدم بصدق وإخلاص، وجد وعزيمة، والعمل حقيقة بأحكام ومبادئ الإسلام، والسير على نهج حامل الوحي في السِلم وفي الحرب.

يجب أن يعي المسلمون أن الإسلام وحده هو مصدر الطاقة بإذن الله الذي تضيء به مصابيحهم، وتنير به مشاعلهم، وبدون الإسلام ليسوا إلا زجاجات فارغة لا يوقدها زيت، ولا يشعلها ثقاب، ليس للمسلمين عز ولا شرف، ولا حق ولا كرامة إلا بالإسلام، إنهم إن أنكروا ذلك، أو تنكروا له فلن يجدوا من دون الله وليًا ولا نصيرًا، فحين نُغير ما بأنفسهم وفق منهاج عادل -الإسلام -، ونستكمل أدوات النصر؛ لا يضُّرنا تفوق الأعداء، لأن سنَّةً أخرى تتدخل، وهي وعد الله بالتمكين والنصر لعباده المؤمنين مصداقا لقوله عز وجل ” وكان حقاً علينا نصرُ المؤمنينَ”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *