سياسة

حزب منيب: الوضع الراهن يعمق اليأس لدى المغاربة.. والتجنيد ليس حلا

اعتبر الحزب الاشتراكي الموحد، أن “الوضع المتأزم الذي تمر منه البلاد، ما فتئ يزداد سوءا، مما يعمق اليأس لدى المواطنات والمواطنين ويهز ثقتهم في المستقبل بفعل الإصرار على إغلاق كافة نوافذ الأمل في التغيير المنشود الذي يتطلع إليه الشعب المغربي وقواه الحية”، معبرا عن “القلق الجارف الذي يمس مختلف شرائح المجتمع وتذمرها المتنامي”.

وقال الحزب في بلاغ لمكتبه السياسي، إن الدولة تمرر “قوانين مجحف، دون أن يسبقها حوار ديمقراطي، ودون اعتبار ما يتطلبه الوضع من إصلاحات لإعادة بناء الثقة ومن ضرورة مستعجلة لإحداث التغيير الديمقراطي”، مشيرا إلى “تمرير قانون يضمن تقاعدا، غير مستحق، للبرلمانيين والوزراء، وتمرير القانون الإطار 17 ـ 51 الخاص بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي لحرمان فئات واسعة من الحق في التعليم العمومي المجاني، بالموازاة مع مسخ المناهج المدرسية، بعيدا عن الإصلاح الشامل والشمولي الذي يتطلبه قطاع استراتيجي كقطاع التعليم الذي يعتبر المدخل الأساس لكل تنمية”.

ويرى الحزب في بلاغه الذي توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن إخراج القانون الخاص بالتجنيد الإجباري، “لا يمكن أن يشكل حلا لما يعانيه الشباب من تفقير وتخدير وتهميش وبطالة وانسداد الأفق، حيث تتطلب معالجة الوضع، استراتيجية متكاملة بشقها التربوي والمعرفي والثقافي والقيمي لتأهيل الشباب لرفع التحديات المرتبطة بالعالم الرقمي والذكاء الاصطناعي، وجعله قوة دفع للنهوض بالمجتمع والحد من التبعية”.

وأضاف حزب نبيلة منيب، أن الوضع الوطني يزداد تأزما خاصة بعد ارتدادات “الربيع العربي” والالتفاف على مطالب حركة 20 فبراير في بلادنا، وإطلاق الثورات المضادة ورجوع الاستبداد، وتقدم “الفوضى الهدامة” والحروب الاستباقية باسم الاستقرار والأمن ومحاربة الإرهاب، وفق تعبير البلاغ ذاته.

ففي مجال الحقوق والحريات، سجل الحزب وجود تراجع، تجلى أساسا في “مقابلة الحراك الشعبي بالريف وجرادة وغيرها من الجهات بمواجهة قمعية شرسة، شملت اعتقالات وتعذيبا وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان استمرت لقمع احتجاجات شعبية عارمة”، معتبرا أنه رغم إقرار المسؤولين بمشروعية المطالب المرفوعة، أسفرت المحاكمات الماراطونية إلى إصدار أحكام جائرة صادمة.

وشدد الحزب على أن المطلب الملح يبقى هو إطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية حراك الريف وباقي الحراكات الشعبية، كما نادت به المسيرتان الوطنيتان بالدار البيضاء والرباط وجبر ضرر الأسر الصامدة والجهات، معتبرا أن “اعتماد الانفراج المأمول يبقى مدخلا ضروريا لفتح أفق جديدة ومتجددة لشعبنا ووطننا”، لافتا إلى أن الحزب و”مقبل على إطلاق مبادرات سياسية ذات أبعاد مستقبلية متعددة المجالات والجوانب”.

وأشار إلى أن المشهد السياسي “المتحكم فيه، يعرف تراجعا بعد الحصيلة الضعيفة لدستور 2011، وأمام ضعف الحكومة وتصاعد التناقضات داخلها، وتنامي السلطوية، وضبطها للمشهد السياسي بكل الأدوات يجعل من الإعفاءات التي تمت دون تقديم المعلومة ودون محاسبة حقيقية، وإجراء للتغطية وليس للمعالجة الحقيقية”.

وأضاف بالقول: “وتستمر نفس الاختيارات الخاضعة لتوصيات المؤسسات المالية، التي تركّع الأنظمة تحت ثقل المديونية لتسلبها سيادتها ويستمر الريع والاحتكار والإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية، رغم التقارير الصادمة وترتيب مخجل للمغرب على مستوى مؤشر التنمية البشرية”.

وهكذا، يردف البلاغ، ارتفعت نسب العطالة والفقر والتهميش وتفشت ظاهرة أطفال الشوارع والتعاطي لشتى أنواع المخدرات في حين ساهم النظام البتريمنيالي في خلق أوليكارشيا سيطرت على جل ثروات البلاد. الشيء الذي أدى إلى “فشل النموذج التنموي” واتساع الفوارق.

“لكن الثورة المعلوماتية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فتحت نافذة للتعبير وللوصول للعديد من المعلومات، وهكذا يستمر تنامي الوعي حتى بعد خفوت حركة 20 فبراير، حيث استمرت روحها في قلب الحراك الشعبي بالريف وجرادة، وكل أشكال الضغط والمقاومة الشعبية وضمنها احتجاجات العطش والمسيرات ضد التوظيف بالعقدة وضد محاولة وأد الوظيفة العمومية وضد عدم الاستفادة من الحق في التعليم والصحة والسكن والشغل والتنقل وغيرها من القضايا”، يضيف البلاغ.

وأوضح الحزب أن “احتداد الأزمة يدفعنا إلى التشديد على ضرورة اعتماد انفراج سياسي شامل يعيد للوطن بكافة بناته وأبنائه أضواء الأمل في غد تتحقق فيه الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، ويسمح بتقوية الدولة المغربية بالديمقراطية لربح رهان الخروج من التخلف والتبعية واستكمال الوحدة الترابية وتحقيق التنمية”.

وفي هذا الإطار، دعا الحزب إلى جعل تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي كشف عن العديد من الاختلالات في تسيير وتدبير بعض المؤسسات وفي تصريف السياسات العمومية، “انطلاقة للمحاسبة والتصدي لهدر المال العام”، داعيا إلى اعتماد تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول أوضاع الشباب، في تقويم السياسات المتبعة، فضلا على وجوب تفعيل مختلف مؤسسات الحكامة الواردة في الدستور من قبيل مجلس المنافسة والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة وغيرهما.

وشدد الحزب على أن الانفراج الشامل المطلوب “لا يقف عند إجراءات مسكنة عابرة أو انتقائية، إنما هو انفراج عميق ذو أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وحقوقية يقطع مع منطق الاستبداد والفساد ويسترجع للقطاعات الاجتماعية موقعها الفاعل بمؤسساتها العمومية وخدماتها المجانية والجيّدة، وبما يمكن المناضلين الشرفاء من استرجاع حريتهم وإطلاق سراحهم وفي مقدمتهم معتقلو حراك الريف وجرادة والنهوض بجهاتهم في سياق العدالة المجالية”.

وأكد حزب منيب على أنه “لن يذخر جهدا في العمل، إلى جانب مكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي والحساسيات اليسارية والتقدمية والديمقراطية، من أجل الضغط في اتجاه تحقيق إصلاحات فعلية تضمن فصل السلط والربط الحقيقي بين المسؤولية والمحاسبة والتوزيع العادل للثروة، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية وإحقاق الحقوق والحريات وضمانها واحترامها بدون أي تمييز بالنسبة لكل المواطنات والمواطنين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *