وجهة نظر

متعة التفكير بالسينما

السينما، رؤية فنية للذات و/أو الجماعة، لمجموعة من القضايا التي قد تكون واقعية و/أو تخييلية. السينما شكل من أشكال “هدم” الواقع، في أفق إعادة بنائه، بناء يتساير وطبيعة أحلام وانتظارات من يشتغل بالسينما ولمن يهتم بها. التفكير بالسينما اليوم، وفي ظل ما نعيشه من تحولات عالمية متعددة ومتلاحقة، بشكل “رهيب”، في كل أنحاء العالم، بات ضرورة أساسية وجوهرية. إن الحديث عن السينما اليوم، هو حديث عن حاجة وليس عما هو ثانوي. السينما اليوم تجر وراءها مجموعة من الإشكاليات الفكرية، التي بها نقارب ما يجري وما يقع في كل أركان العالم.

هل من الممكن أن نتخلى عن السينما؟

سؤال نبادر منذ الوهلة الأولى، لكي نجزم بأنه من المستحيل أن نعيش دون فنون، وما السينما إلا شكل من أشكال هذه الفنون، التي بها نكشف عما نفكر به. السينما، إذن، نمط تفكيري وفكري.

قيل سابقا، حينما نحب الحياة، نذهب إلى السينما المكان، لمشاهدة السينما الفن. اليوم نقول سواء أحببنا الحياة أم لا، فنحن من اللازم أن نشاهد السينما في مكان السينما.

وفق هذا التفكير، نسجل أن السينما اليوم هي حاجة، ضرورة، لابد منها.

الشعوب لا تعيش بالخبز وللخبز، بل هي تؤرخ لمرورها من زمكان ما بواسطة لغة الفنون، وهنا تصبح السينما، لازمة من الممكن أن نراهن عليها لكي نتحاور ونتقاسم مجموعة من الآلام والآمال، مع ذواتنا ومع الغير، ومع من سيبحث فينا بعد مرور مجموعة من القرون.

إن أجمل حدوثه من الممكن أن نتركها للأجيال الآتية، هي هذه الأفلام التي تبنى وفق رؤية جمالية وإنسانية عميقة. هنا لابد من أن نسجل أن من الأشياء الجميلة التي اهتدى إليها الفكر البشري، هو اختراعه لمكونات هذا الشكل التعبيري/الفكري.

لماذا كلما استحضرنا لفظة السينما فيما بيننا، إلا وابتسمنا، هي لحظة تنسينا ولو بشكل مؤقت، عنف هذا الواقع، بل حتى عنف هذا الواقع، من الممكن أن يتحول إلى حدوثة سينمائية، غايتها الإمساك ولو بشكل ما، بهذا العنف الواقعي، قصد خلخلته، وجعلنا جميعا نعيد التفكير فيه. مناحي العنف في الواقع متعددة منها ماهو رمزي ومنها ماهو مادي الخ. السينما، هنا تصبح لها القدرة على تملك هذا “العنف”، و”تشريحه” وفق رؤية/رؤيا قصصية سينمائية دالة، لتدفعنا من أجل إعادة صياغته وفق ما نحلم به، أي أن من أنبل وظائف السينما، كونها تعطينا الفرصة لكي نعيد بناء هذا العالم وفق رؤيا “حلمية”. رؤيا تجعلنا “نتلصص” على كل شيء. ألم أقل إنه من الصعب اليوم، التخلي عن السينما، لكونها تشكل حاجة إبداعية ضرورية؟. أظن أنها من الأشياء التي ستشكل لاحقا مصدرا للمعرفة والكتابة والحلم والتخييل البشري، بل هي “معيار” إنساني جمالي، إلى درجة، أنه من الممكن المغامرة بالقول، إن الإنسان اليوم،
“كائن سينمائي بامتياز”. هي كينونة متمردة عما يمارسه الإنسان في “حق” أخيه الإنسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *