وجهة نظر

باسم الرب يغتصب الأطفال!

في هذا الجزء الثاني من “حالة الاغتصاب”، أجدني مرغمة على الخوض في الاغتصاب وعلاقته بالمقدَّس، أقول “مرغمة” ليس خوفاً من زوابع الفنجان التي تنفجر فجأة كلما تحدث أي إنسان عن “مسَلَّمات” العقيدة السائدة في مجتمع ما. تلك الزوابع التي تتراوح بين صراع للديكة في وسائل الإعلام التقليدية والحديثة وبين معاقبة “المارق” بالمنع من التداول أو حتى بهدر دمه. ولكن لأني أعتبر أن “المعتقد” والإيمان الحقَّين ينبغي أن يدخلا في نطاق الحريات الفردية، بدل من أن يتحولا إلى دين مهيمِن يُسترزق به ويُحكم به وتُرتكب باسمه الفظاعات. وبعد هذا كله وذاك “لكل وجهة هو مولِّيها” (صدق الله العظيم).

باسم الرب إذاً يغتصب الأطفال في كنائسه عبر العالم، ولا يجدُ البابا المؤتمن الأول على “إيمان” المسيحيين الكاثوليكيين في هذه الأرض ما يقوله سوى اعتبار المِثلية مرضاً! فأي مرض أكبر من مرض “الاغتصاب” الذي أصاب زمرة من قادة كنيسته في أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا (وزِدْ على ذلك مناطق أخرى يستباح فيه الإنسان ولا تمنح لحياته كلها أي قيمة وبالأحرى لأطراف من جسده)! أي مرض أفظع من مرض “البكم” الذي أصاب القيمين على الشأن الديني عند المسيحيين إزاء توالي حالات اغتصاب الأطفال هاته وافتضاحها أمامهم قبل أن يعرف العالم أجمع بها!

هذا ليس تشفياً في الكنيسة الكاثوليكية التي قامت بدور تاريخي في الوصاية على الشعوب المسيحية والدخول في أدق تفاصيل حكامهم ومصادرة الحقوق الفردية عبر العصور، دون أن ننسى “حروبها المقدسة” و”محاكم تفتيشها” ضد المسلمين وكل من اختلف معها، حتى من بين رعاياها، لأن المسلمين ليسوا أفضل حالاً في هذا الشأن.

باسم الدين قُهرت شعوب مسلمة بأكملها (وحتى لا نذهب بعيداً في التاريخ يكفي استحضار الإمبراطورية العثمانية وإسلامها الذي رزح تحت نيره ربع الكرة الأرضية ومازال يعاني من آثاره إلى اليوم). باسم الشريعة تصدر أحكام جائرة وتطبق قوانين لا إنسانية في بعض الدول الإسلامية. باسمها أيضا تُكمم الأفواه ويحتكر الشأن الديني من طرف “فقهاء المخزن” ويحرم الحلال ويحلل الحرام.

باسم المقدَّس تدنس كرامتنا الإنسانية ونصير عبيداً نسجد لغير الله. باسم السنة تغتصب بنت الخامسة عشر ربيعاً وأقل، من طرف شيخ على مشارف القبر. باسم الشريعة تبرم عقود زواج (عفواً نكاح) لا تختلف عن الصفقات التجارية في شيء. باسمها أيضاً يحول الزوج زوجته (أقولها جزافاً لأن العلاقة الزوجية تجمع بين شخصين متكافئين بينهما مودة ورحمة وليس بين جلاد وضحية) إلى خيمة أو إلى مومس أو إلى آلة لتفريخ الأطفال…وتحول الزوجة زوجها إلى شباك أوتوماتيكي أو “عبد مْشرطْ الحْناكْ” أو مجرد “دفة”… وفي ظل هذه العلاقات المختلة أصلاً، ينشأ أطفال عند نسبة لا يستهان بها منهم قابلية للاغتصاب، سواء كمغتصِبين أو مغتصَبين أو هما معاً.

لست عالمة اجتماع ولا نفس، إنما ألاحظ فقط وأحاول أنْ أفهم كيف يُجَردُ الحكم المطلق الإنسان من إنسانيته باسم الدين، حين يتسلط على جسده وروحه معاً ويزج بعقله في سجن غير مرئي، فكيف السبيل إلى التخلص منه؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *