وجهة نظر

إشكالات التنمية السوسيو اقتصادية والثقافية بمدينة خريبكة

إن الحكامة الجيدة المحلية نظام أو نسق محلي ونمط وأسلوب جديد في التدبير المؤسساتي للشأن العام، يرتكز على المساءلة والشفافية ويدعم تذويب الحدود ويشرك جميع الفاعلين العامين والخاصين في المجال المحلي بكل تجلياته، ويعتمد على تطوير القدرات الذاتية والإبداعية للجماعات الترابية في سبيل تحقيق التنمية المطلوبة (الحكامة المحلية الجيدة وإشكالية التنمية بالمغرب) رسالة لنيل الماستر في قانون المنازعات ص 17 جامعة المولى إسماعيل.

لا يزال المجال شاسعا بين واقع ترابي يعج بالعديد من الإكراهات والإختلالات وضعف المؤشرات التنموية، وبين الإنخراط في تطبيق وبلورة برامج إصلاحية هيكلية، وأنماط جديدة في التدبير الترابي ترتكز على مبادئ ومقومات الشفافية والمحاسبة والمسؤولية والتشارك والرؤية الإستراتيجية. إذ لا تنمية ترابية بدون حكامة في التدبير الترابي. كما أن المدبر الترابي لا يجب أن يتوقف على المنظومة القانونية للحكامة الترابية وآلياتها وميكانيزماتها فحسب، بل يجب أن يمتلك القدرة على تجاوز العوائق والصعوبات التي تعترض الممارسة العملية للشأن العام المحلي.

فالحكامة الجيدة شرط جوهري لا محيد عنها في التدبير الترابي لتحقيق تنمية ترابية وبالتالي تحقيق التنمية الوطنية ولن يتأتى ذلك إلا بإتخاذ مجموعة من الإجراءات:

-إعتماد الأسلوب الديمقراطي التشاركي في التدبير الترابي وإشراك جميع المكونات والفاعلين الترابيين، والعمل على التنسيق وإلتقائية البرامج.

-تأهيل وكفاءة العنصر البشري المحلي، وتحمل مسئولية النهوض بأعباء التنمية الترابية، والقدرة على الإبداع والتجديد.

-تطوير نظام وتعزيز المساءلة والرقابة، وتفعيل آليات الرقابة الحديثة.

-إرساء ثقافة ونظرة جديدة وإيجابية للتدبير الترابي.

-إعادة النظر في محددات المجال الترابي كفضاء مفتوح ومشاركة جميع الفاعلين وخلق دينامية ترابية.

-الإيمان بأن التنمية الترابية مسئولية الجميع يجب أن ينخرط فيها كل فاعل من جهته في إطار الإنصات للآخر (المدن الجبلية ورهانات التدبير الترابي 2016 ص 167).

إن الإختلالات العميقة التي تعيشها مدينة خريبكة على المستوى الإقتصادي والإجتماعي والثقافي تتطلب من المسئولين على وضع البرامج وعلى تدبير الشأن المحلي حكامة جيدة تكون كفيلة بمعالجة هذا الوضع.

على المستوى الإقتصادي لازالت المدينة تفتقد إلى حكامة في المستوى المطلوب تكون كفيلة بتجاوز الأزمة التي تعيشها فالمدينة لازالت تعيش على مخلفات الإستغلال المنجمي القديم حيث تفتقر إلى قطاع صناعي ينهض بسكانها ويوفر لها فرص الشغل. ونفس الشيء بالنسبة للقطاع التجاري الذي يقتصر على تجارة داخلية بسيطة يبقى مردودها على الساكنة ضعيفا كما أن الرواج التجاري يبقى ضعيفا بالمدينة.

أما السياحة فتكاد تكون منعدمة بالمدينة. على المستوى الإجتماعي أيضا لم يتمكن المسئولون من إرساء قواعد حكامة جيدة توفر فرص الشغل للشباب العاطل عن العمل بما في ذلك أصحاب الشواهد والدبلومات مما يجعل المدينة تعيش حركات إحتجاجية مستمرة بسبب هذه السياسة أيضا تكثر ظاهرة البطالة المقنعة وظاهرة الباعة الجائلين كما ترتفع نسبة الأمية والفقر.

أما على المستوى الثقافي فسياسة المسئولين لم ترق إلى وضع حكامة مسئولة وجيدة حيث تغيب التظاهرات الثقافية ويغيب الوعي بأهمية هذا القطاع، وحتى مهرجان السينما الإفريقية لم يرق إلى المستوى المطلوب لإقتصاره على أفلام رديئة ومستهلكة، تغيب إذن التظاهرات والمهرجانات والأسابيع الثقافية بالمدينة بشكل ملحوظ.

والوضع الإقتصادي والإجتماعي والثقافي يتطلب من المسئولين على وضع البرامج وعلى تدبير الشأن المحلي وضع أسس حكامة جيدة تكون في المستوى المطلوب تساعد المدينة على معالجة الإختلالات الكبيرة التي تعرفها في هذه المجالات الشيء الذي ينعكس بشكل سلبي على ساكنة المدينة (ذ. صالح الكحل أستاذ سابق للجغرافية بجامعة الحسن الأول الكلية المتعددة التخصصات بخريبكة في 11 يوليوز 2017).
– يتبع-

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *