منتدى العمق

المسن … علاقة زمانية متحولة

يعتبر المسن ذا حكمة بالغة وخزانة واسعة فهو شريط وصل بين الماضي والحاضر لكونه عبارة عن صندوق من التجارب والخبرات الحياتية ، فالمسن مكلف بتربية الأبناء للالتزام الاباء بالأعمال وكذلك له موقع خاص داخل الأسرة كمستشار للأبوين فيقراراتهم .فهل فعلا مسن اليوم له دور فعال داخل الأسرة أم أن الأسرة أقصته؟ إذا كانت الاسرة قد اقصته في الدور وفي الوجود داخل المنزل فهل هناك ملجا اخر بديل؟

لطالما لعب المسن دورا مهما داخل الأسرة بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة باعتباره ذا قيمة عليا ومهمة لاكتسابه مجموعة من التجارب ولما يحمله من خبرات شتى، فهو ذا بعد أخلاقي في الأسرة أي انه رمز للاحترام والصبر وكدا الحكمة وذا بعد ديني فيما يخص درجة الاحترام والتقدير والرعاية أي أن الأبناء لهم مسؤولية الاهتمام وملزمون بالرعاية لأباءهم “المسن” لاعتبارات هامة تدخل في ثقافة المجتمع وفي عملية التنشئة الاجتماعية ,غير أن الأسرة المغربية الحاضرة قد عرفت تطورات وتحولات حيث كشفت دراسات عن انتقال الأسرة المغربية من الأسرة الموسعة إلى الأسرة النووية وهذا ما جعل هذه الاخيرة تنحاز نحو الانغلاق على نفسها أي أصبحت الأسرة تضم الأباء والأبناء فقط مما جعلها تتخلى على صفة الجد والجدة داخلها , وهذا الإقصاء هو رفض للمسن داخل الأسرة رغم التعاليم الدينية بكوننا “مجتمع مسلم” وأيضا رغم التنشئة الاسرية والاجتماعية وهذا راجع بالأساس إلى إرادة المجتمع بالتمسك بثقافة الغرب والتخلي على الثقافة العربية التي تولي أهمية كبرى للمسن داخل الأسرة أو خارجها .

فبروز “مؤسسات اجتماعية ” تقوم بمهمة الرعاية الاجتماعية للمسن هو ما أعطى الضوء الأخضر لمجموعة من الأسر بوضع المسنين فيها ، فالأسرة أصبحت الان تتخلى على المسن بمبررات يطغى عليها الجانب المادي وجانب الرعاية نظرا لمشاغل الأبوين ، لكن بعض المسنين يغادرون بيوت ابنائهم نظرا لبعض الاشارات من طرف الأزواج على اقصائهم داخل الاسرة ما يجعلهم يتجهون صوب مؤسسات الرعاية الاجتماعية للمسنين بكونها المؤسسة التي تمد لهم يد العون باعتبارها هي الكفيلة التي ستضمن لهم الرعاية. بيد أن هذه المؤسسات الموجودة يعيش المسنون داخلها على إيقاع الوحدة والعزلة وانعدام الأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية ، كما تستقبل هذه المراكز فئات غير متجانسة ، إضافة إلى ذلك فإن المكلفين بالتأطير في هذه المؤسسات يفتقرون إلى التكوين والمهنية والتحفيز….

ومما سبق، فيجب تثمين دور المسن في عملية التربية الأسرية والاجتماعية وإعادة الاعتبار للمسن في دوره ومكانته وكدا قيمته داخل الإطار الأسري والاجتماعي،فكل شيخ وافته المنية بمثابة مكتبة احترقت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *