منتدى العمق

مجالس جماعية ضعيفة لن تنتج سياسات عمومية ناجعة.. إقليم وزان نموذجا

إن المتتبع لعمل المجالس الترابية المنتخبة سيدرك حتما حجم الضعف والوهن الذي تعانيه جل الجماعات وذلك راجع إلى عدة أسباب منها بنيوية وبيوقراطية وتداخل الاختصاصات مع جهات أخرى مما ينعكس سلبا على عملها بسب تعقيدات المساطر الإدارية التي تكون سببا في تعثر الكثير من المشاريع ؛ وكذا ضعف الميزانيات المرصودة وتفشي الفساد والريع في دواليبها ؛إضافة إلى الصراعات السياسوية التي تكون سببا في تعثر الكثير من المشاريع والأوراش التي تكون الساكنة في أمس الحاجة إليها من أجل إنتشالها من دائرة التهميش والإقصاء؛ إذن هنا نخلص أن هناك عوامل متعددة تحول دون تحقيق هذه الجماعات الترابية لتطلعات ساكنتها.

لكن هناك من بين الأسباب القوية التي تساهم في ضعف أداء الجماعات الترابية لأدوارها المنصوص عليها دستوريا وكذا في قوانينها التنظيمية؛ ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ضعف المعارضة في هذه المجالس المنتخبة فالمشرع أفرد لها أدوار مهمة من أجل تجويد عمل المجلس عبر تقديم الإقتراحات ومناقشة المشاربع وتجويدها ومراقبة عمل المجالس المسيرة لكن أغلب معارضة المجالس لا تقوم بأدوارها بل يسجل غيابها كليا في بعض المجالس الجماعية وتكتفي برفع أصابعها للتصويت على ميزانية الرئيس ومكتبه المسير طمعا في تعويض مالي هزيل أو تتغيب عن الدورات العادية والاستثنائية كنوع من الغضب على الوضع القائم لكن هذا الغياب يعتبر نوع من الخذلان والجبن لمن صوتوا لهؤلاء المستشارين لأن المطلوب هو المواجهة والفضح وليس الهروب من المسؤولية وهذا ما يعزز نظرية ” أن أكون أنا الرئيس أو الهرب” مما يعطي الإنطباع أن الجدوى من الترشح هو منصب الرئيس والامتيازات عوض خدمة الصالح العام من أي موقع كان.

إن زيارة بعض الجماعات الترابية بإقليم بوزان مثلا ستجعلك تعرف حجم البؤس السياسي والأخلاقي الذي وصلنا إليه مما يجعل دائرة المشككين في السياسة والسياسيين تتسع يوما بعد يوم؛ فأغلبية الرئيس تصوت على كل شيئ دون نقاش مخافة غضب سيادتة (الرئيس) وعينها على التعويضات السمينة وموائد الأكل الشهية التي تكون في انتظارهم؛ أما المعارضة فيصطلح عليهم لقب
“المطأطأة رؤوسهم ” فمنذ دخولهم إلى قاعة الاجتماعات ورؤوسهم منخفظة تجاه بطونهم وكأنهم في مأتم وليس في مجلس جماعي لتمثيل ساكنتهم والدفاع عن مصالحها ؛وفي أحسن الأحوال تجد مستشارا يصرخ عاليا ويوجه انتقاداته في كل الاتجاهات لكن عندما يتدخل الرئيس ويقول”… له لقد فهمتك وبعد الإجتماع سنلتقي رأسا لرأس حينها يبلع لسانه ويشرع في الدفاع عن الرئيس وقرارته ويطالب بالزيادة في الفصول المخصصة لسعادة الرئيس…” ولكن عندما يختم الرئيس الإجتماع ويطالب الرئيس الجمع المبارك إلى حفل الغذاء السعيد يرفع أخيرا السادة ممثلي الساكنة رؤوسهم من أجل تنمية البطون الخاوية….

إنها مأساة السياسة التي أوصلنا إليها صناع القرار في هذا الوطن الجريح حتى لايثق أحدا في السياسة والسياسيين وتدفع الناس إلى المزيد من المقاطعة ليسهل على قوى الفساد والاستبداد الوصول إلى مركز القرار والسلطة من أجل المزيد من نهب المال العام وأحسن وأسهل طريقة لتحقيق أهدافهم هي إغراق المشهد السياسي بالفاشلين والإنتهازيين .

ملاحظة: هذا الوضع لا ينطبق على الجميع لكن للأسف ينطبق على جل المجالس المنتخبة بأغلبيتها ومعارضتها.

* الفاعل الحقوقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *