وجهة نظر

قراءة هادئة في رأي فريق العمل الخاص بالاعتقال التعسفي في ملف بوعشرين

بخصوص رأي فريق العمل الخاص بالاعتقال التعسفي في قضية الصحفي توفيق بوعشرين.

القراءة الهادئة تقود إلى ملاحظات بسيطة:

– اللجوء الى الشكاوى الفردية لدى ما يسمى ب”الإجراءت الخاصة”les procédures spéciales التابعة لمجلس حقوق الإنسان كفرق العمل والمقررين الخاصين،ممارسة عادية تكفلها الممارسة الاتفاقية للمغرب الذي صادق على العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية والبرتكول الاختياري الملحق به فأتاح لمواطنيه الإمكانية،بعد استنفاذ آليات الانتصاف الداخلي والتقدير بأن التظلم لدى الهيئات الأممية يمكن أن يكون أكثر انصافا.والدول الديمقراطية التي تختار هذا المسار،تتصالح مع لجوء مواطنيها إليه،علما ان دولا أخرى ترفض الأمر فلا تصادق أصلا على ما يتيحه من مواثيق وعهود دولية.نذكر هنا أن المغرب يبادر طوعيا في حالات متعددة إلى دعوة فرق العمل المتخصصة وكذا المقررين الخاصين التابعين لمجلس حقوق الانسان،ويتفاعل مع التقارير والآراء التي تتضمن ملاحظات وانتقادات(نتذكر ملاحظات وتوصيات المقرر الخاص المعني بالتعذيب خوان مانديز) كما يعرض المغرب دوريا حصيلته الحقوقية أمام مجلس حقوق الانسان في إطار آلية الاستعراض الدوري الشامل،ويتفاعل مع ملاحظات الدول و”أصحاب المصلحة”les parties prenantes في الحوار التفاعلي ومنها ما يكون انتقادات لاذعة أو حتى مغلوطة وغير قائمة على أساس.

– العديد من الدول تتحفظ على آراء وتقارير “الاجراءات الخاصة”أو حتى تحتج عليها حينما تعتبر أنها غير منصفة أو غير دقيقة،وتقدم ملاحظاتها ودفوعاتها في هذا الاطار دون طعن في مصداقية آليات تابعة لمجلس أممي ينخرط فيه المغرب بفعالية ويطمح إلى تطوير علاقته به،لأن المبدأ يقول أنك قد تكون غير راض على حكم القاضي في حقك في إحدى المرات،لكن الخطير هو الإغراق في تسفيه القاضي وجهازه حيث ستكون مضطرا للعودة للجوء إليه في وجه خصوم مستقبليين،وقد ينصفك في مواجهتهم حينما تكون دفوعاتك قوية وقضيتك عادلة.وبذلك يكون منطق الدولة أكثر رزانة من منطق الأفراد،وينظر إلى عامل الزمن ورهانات المستقبل ببعد نظر بعيدا عن الإندفاع أو التعبيرات العاطفية الغاضبة.

– إن بناء دولة الحقوق والحريات،يتطلب الكثير من الصبر والمبدئية في التعامل مع الاتفاقيات الدولية وبرتكولاتها الملحقة وكل الآليات الأممية التي توافقت عليها الدول فصارت تمثل إرادة الشعوب الكونية،وكل لجوء إليها من طرف الدول أو الأفراد يعتبر في أعراف الممارسة الاتفاقية تعبيرا ديمقراطيا ينم عن اختيار حداثي ينقل الدول إلى مستوى التصالح مع الديمقراطية والتخلص من عقدة المغالاة في تنزيه الذات الذي يعبر عن الضعف والهشاشة الذي تتسم به دول الاستبداد التي ترفض أصلا فتح أبوابها لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

– أتصور كبرلمانية مهتمة بعمل مجلس حقوق الانسان واداء البعثة الدائمة للمغرب بداخله،وكبرلمانية تراقب سلوك الحكومة،أن مكاسب بلدنا وصورته للمستقبل،بغض النظر عن تفاعل الأحداث الآنية يقتضي الهدوء والتوازن: نحن بصدد مواطن مغربي يلجأ إلى آلية أممية وهو حق منحته إياه دولته التي اختارت طواعية التفاعل مع الاجراءات الخاصة لمجلس حقوق الانسان التي تجاوز ما زار منها المغرب العشرين- حسب علمي- وقد اكتسب المغرب خبرة في التفاعل معها وتتبع ملاحظاتها وتوصياتها والإجابة عنها حتى حظيت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الانسان بتنويه خاص من المفوضية السامية لحقوق الانسان،والحكومة تسجل ملاحظاتها على الرأي الذي أبداه فريق العمل في احترام تام لعمله كما لعمل باقي الآليات،وهذه الملاحظات والدفوعات تكمن فيما يلي:1+ 2+3…كما يمكن الاستفادة من الملاحظات التي تقتنع الحكومة بجديتها وستعمل على التفاعل معها ومراسلة فريق العمل بذلك اقتناعا منها باختيارها القائم على ترسيخ الحقوق والحريات وتجاوز النقائص والاختلالات.

– إننا في بعض الأحيان في حاجة إلى تغيير زاوية النظر للأمور أو على الأقل تنويعها وعدم المقامرة بوضع بيض الوطن كله في سلة واحدة،فقد تكون الأمور أبسط مما يروج لها للدفع في اتجاه تبني مقاربات ليست بالضرورة هي الأصلح والأجدى والأنفع للحاضر والمستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *