اقتصاد، سياسة، مجتمع

هذه تفاصيل 60 إجراء اقترحه التقدم والاشتراكية لبناء النموذج التنموي

قدم حزب التقدم والاشتراكية مذكرة الحزب حول النموذج التنموي الجديد، يقوم على قرابة 60 ركيزة أساسية يقترحها رفاق نبيل بنعبد الله لبناء النموذج المنشود، وعلى رأسها تأمين مستلزماتِ دولة الحق والقانون في المجال الاقتصادي، والقضاء الحاسم على مختلف مظاهر وأشكال الفساد والرشوة والريع والاحتكار غير المشروع.

مُحاربة الفوارق الاجتماعية

ومن المرتكزات الأخرى الاستثمار في اقتصاد المعرفة، وفي التربية والتكوين، والقضاءُ على الجهل والأمية، وتحقيق أرضية الحماية الاجتماعية الشاملة، كما هو متعارف عليها دوليا، علاوة على إيلاءُ عنايةٍ متميزةٍ للفئاتِ ذاتِ الاحتياجاتِ الخاصة والمسنين، والقضاءُ على كل أشكال التهميش والهشاشة.

واقترح تصور حزب التقدم والاشتراكية مضاعفة الجهد العمومي لمُحاربة الفوارق الاجتماعية والمجالية والنهوض بالمناطق النائية والجبلية، وتقوية كفاءة الاستهداف الاجتماعي والمجالي للسياسات العمومية الاجتماعية، مع ضمان الوقع الاجتماعي المنصف للسياسات العمومية من خلال تطوير مصالح اللاتمركز الإداري وجعلها مُحَاِورًا فعليا وشريكا موثوقا للوحدات الترابية اللامركزية المتميزة بالقرب من المواطنات والمواطنين.

وأوصى الحزب بضرورة بلورة ميثاق اجتماعي يصون حقوق وواجبات جميع أطراف الإنتاج، من أجل توفير مناخ سليم لتطوير الاستثمار، وتقوية جاذبية الاقتصاد الوطني وتنافسيته، مع الحسم في إعمال المساواة بين النساء والرجال، ومراجعة مدونة الأسرة في اتجاه ملاءمتها مع المقتضيات الدستورية، وتجريم الصور النمطية الحَاطَّة من كرامة ومكانة النساء.

تعزيز الاقتصاد والمساواة الاجتماعية

وحثت المذكرة على الرفع الإرادي من معدل انخراط المرأة في الشغل بِالضعْف على الأقل، مع الإقرار العملي للمساواة في الأجر، وإعمال إلزامية المناصفة في الولوج إلى المناصب العليا ومراكز القرار العمومي، إلى جانب إعطاءُ العملِ المنزلي للنساء ربات البيوت الاعتبارَ الذي يستحقه، وترجمةُ ذلك على أرض المعاملات المادية والمالية، وكذا في الحسابات الوطنية.

ودعت المذكرة إلى إدماج مقاربة النوع، إجباريا، في كل السياسات العمومية، وفي المناهج التعليمية، وفي كل سياسات الاستهداف الاقتصادي والاجتماعي، مع مراجعةِ الإطارِ القانوني لعدد من مؤسسات الحكامة والمراقبة والضبط، وإعادة تقييم عملها وأدائها ومنهجياتها، بالإضافة إلى تسريعِ وتيرة إصلاح القضاء، وتكريس ثنائية الحق والواجب في كافة مستويات ومفاصل الفضاء العمومي.

وطالبت المذكرة بمباشرة إصلاحٍ إداري يعتمد على تعميم رقمنة الإدارة، وربط تحفيز الموارد البشرية بالتكوين والتأهيل والمردودية، والتفعيل الجريء لمبدأَيْ اللاتمركز واللاتركيز، إلى جانب بلورة إصلاحٍ عميق للتنظيم الترابي للدولة للحد من ازدواجية وغموض المسؤوليتين السياسية والإدارية، وإعادة النظر في العلاقة القائمة بين اللامركزية واللاتمركز.

تَلَازُمِ الحريات مع العدالة الاجتماعية

ولم تغفل المذكرة التأكيد على إضفاء قيمة أكبر على مبدأ التدبير الحر، وتعميم الاقتراع العام المباشر في انتخاب جميع رؤساء الجماعات المحلية والإقليمية والجهوية، وتقوية التكامل بين الجماعات الترابية، مع إعادة هيكلة توزيع الموارد العمومية، عبر إدراج معيار المؤهلات الترابية للجهات، وإحداث القطيعة مع المقاربة الضبطية التي تؤطر التقطيعات الإدارية والتقسيمات الترابية، وإحلال المقاربة التنموية بشكل حاسم.

وشددت المذكرة على ترسيخ تَلَازُمِ الحريات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، كعنصرين متكاملين، لبناء ثقة المغاربة في مستقبل بلادهم، بالإضافة إلى الحسمُ في تفعيل المبادئ والمقتضيات الدستورية الديمقراطية، والقطعُ مع الترددِ في السيرِ على نهجها وتحملِ مستلزماتها، مع حرص جميع الفاعلين على تفعيل الديمقراطية التشاركية، دون تردد أو نكوص أو تراجع أو تأخر.

ومن ضمن المقترحات الأخرى تقوية دور الفاعلين السياسيين، وتمتين مهام وصلاحيات المؤسسات المنتخبة، وضمان توازن حقيقي للسلط، والإقرار بقدرة كل هؤلاء المتدخلين على قيادة مسلسل التغيير، وضمانُ ممارسة الحريات الفردية والجماعية في إطارِ تَمَلُّكٍ خلاقٍ لثنائيةِ وجدليةِ الحقوق والواجبات، وإقرارٍ مبدأ المساواة بجميع أشكالها وفي جميع مستوياتها، مع رّدُّ الاعتبار للعمل السياسي من حيث وظيفتُهُ التأطيرية والقيادية، وإحداث مصالحةٍ حقيقية بين المواطن والفعل السياسي، والحرص على مصداقية واستقلالية الأحزاب السياسية.

تعميم المعرفة وتفعيل الأمازيغية

كما اقترحت المذكرة تعميم المعرفة والثقافة بين صفوف المواطنات والمواطنين، والاعتناء بتكوين الناشئة تكوينا قائما على قيم الوطنية والمواطنة، وإدماج العوامل غير الاقتصادية في كل ما يرتبط بالتنمية، تخطيطا وتنفيذا وتقييما، مع تكريس الانفتاح على الثقافة الكونية، واختراق عالم الحداثة والمعرفة، خاصة من خلال تطوير استعمال العقل والتحليل العلمي في مقاربة الواقع، مع صيانة التنوع الثقافي والحرص على التدبير الجيد للمسألة الأمازيغية في إطار وحدة الانتماء، والتقدم في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغي.

كما أوصى الحزب بتوفير الشروط الملائمة للنهوض بأدوار المثقفين في إنتاج الأفكار والقيم، والتعبير الحر عنها، وتبادلها، وفي حمل الإبداع والابتكار والتجديد، مع رصد نسبة مئوية من ميزانية استثمار الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية والخاصة والجماعات الترابية، للأعمال الإبداعية، إضافة إلى الرفع من مكانة وأدوارِ المثقفين والمُبدعين وتيسير إسهامهم في الديبلوماسيةِ الأكاديمية والثقافية والفنية، مع القطعُ مع التردد في إعطاء المكانة المتميزة للثقافة والفن ودراسة المناهج الفلسفية والتاريخ والعلوم الاجتماعية والإنسانية، داخل منظومتنا التعليمية.

تفكك النظام الريعي

وطالب الحزب بتعزيز دور الدولة المحوري في بناء اقتصاد وطني منتج ومدمج، مع إحداث قطائع بنيوية تفكك النظام الريعي الذي يؤطر حاليا معظم الاستثمار الوطني، وتؤسس لنظام اقتصادي بديل يقوم على المنافسة والابتكار وتكافؤ الفرص، علاوة على المراجعة الجذرية لأنظمة الدعم من أجل جعلها منسجمةً مع غايات الاستهداف الاجتماعي، وعقلنة نظام الاستثناءات لجعله خاضعا لمعايير الاستحقاق والمصلحة العامة.

وشددت المذكرة على إعادة النظر في منظومة الصفقات العمومية، في اتجاه تعميم إلزامية العمل بها على كافة الهيئات العمومية، وفي منحى تقوية الشفافية والمنافسة وتكافؤ الفرص، وع الاعتماد على سياسة تصنيعية حقيقية تروم تغييرَ البنياتِ الاقتصادية، والاستثمار في توفير المهارات البشرية والتكنولوجية وترسيخَ ثقافةٍ صناعية ملائمةٍ تتأسس على تحويلِ المواد الأولية.

كما يقترح الحزب اعتماد تطوير صناعي وطني يقوم على أساس مَسَالِك مندمجة ومرتبطة بمنظوماتٍ اقتصادية متخصصة، والعمل على خلقِ شركات مغربية بمثابة “أبـطالٍ صـناعيةٍ وطنية، بالإضافة إلى إعادة توجيه سياسة القطاع البنكي نحو التركيز على تمويلِ المشاريعِ الاستثمارية الصناعية ذات القيمة المضافة، والانحياز الإيجابي إلى التنوع الاقتصادي والقطاعي.

توسيع الإنتاج وتطوير العالم القروي

وفي الجانب الاقتصادي، طالب الحزب بالاعتمادُ أكثر على تعبئة مواردنا الذاتية في تمويل الاقتصاد الوطني، وإنشاء مؤسسة ائتمانية عمومية يُعهد إليها بتمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا، إلى جانب توسيع الوعاء الضريبي، ومحاربة الغش والتملص الضريبيين، والتفعيل الصارم لمبدأ المساواة أمام التحملات العمومية، علاوة على اعتماد نظام جبائي بديل يقوم على مبادئ: التضامن بين الفئات والطبقات الاجتماعية، الإنصاف والتكافؤ، التحفيز، والشفافية.

كما أوصى بإصلاح الجباية المحلية لجعلها وسيلةً قوية وفعالة في التمويل الذاتي للبرامج والمخططات التنموية بالنسبة للجماعات الترابية، تعبئة الإمكانات المالية اللازمة لفائدة الفلاحين الصغار والاستغلاليات المتوسطة، والتشجيع على خلق أو الانضمام إلى تعاونيات، مع تحفيزُ وتكثيفُ عملياتِ تحويلِ المواد الفلاحية، عبر إنشاءِ وحداتٍ صناعيةٍ في المجال القروي.

ورأى الحزب ضرورة أن يتم إشراك أكبر عددٍ ممكن من المواطنات والمواطنين في عملية الإنتاج، من خلال استكشاف واستثمار كل الإمكانات التي يتيحها الاقتصادُ الاجتماعي والتضامني، مع استحضارُ البُعْدِ الإيكولوجي في الإنتاج، والاعتمادُ على الفرص التي يتيحها كُلٌّ من الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري والاقتصاد الأزرق، مع تعزيز الاعتماد على الطاقات المتجددة، والحرص على الحفاظ على الثروات الطبيعية للبلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *