منتدى العمق

المغرب كما أراه

منذ أن شكل العثماني الحكومة الهجينة – مثلما كان يسميها الصحفي البارز توفيق بوعشرين فك الله أسره إن كان بريئا مما نسب إليه – وأنا أتجنب الغوص بتفكري في أي شيء ذا علاقة بالسياسة أو الرأي العام . ألتقط العناوين ثم أمر عليها بعد ذلك مرور الكرام ، بل إنه في كثير من الأحيان كان يسألني أحدهم عن رأيي في مواضيع ساخنة تشغل البلاد والعباد ، فيجدني علبة فارغة بكل ما تحمله الكلمة من معاني ، وكأني لا أعيش في هذا العالم . حتى إن قضية الصحفي المختفي جمال خاشقجي ، والتي شكلت الاستثناء من هذه القاعدة السالف ذكرها ، لم أسمع عنها إلا بعد أسابيع من اختفاء الرجل . لماذا انزويت بنفسي داخل قوقعتي المختلفة تماما عما كنته سابقا ؟ بخلاصة بسيطة ، لأنني فقدت الأمل في راية مغرب أفضل على مدى ما تراه العين على الأقل ، ثم إن الأمل الذي لم تتجلى بوادره بعد في الأفق لا يعدو أن يكون وهما يأخذ به لتضميد الخواطر ، وإلا فما الفائدة من أن يخبر ربان طائرة ما ركابها أنها أقلعت في الهواء ، بينما هم يرونها لم تغادر مدرجها بعد عبر النافذة الجانبية ؟! عن أي أمل نتحدث إذن ؟!!

لقد أصابني يومها يأس وحزن شديدين شدة الشجى ، مريرين مرارة العلقم . فتركت الأحداث في تسلسلها وغططت في نوم عميق . لكنني قبل أيام قليلة خلت ، وبينما أنا أتجول بين مواقع الانترنت بحثا عن شيء ما لا أذكره ، إذا بي أجدني أمام نسخة إلكترونية من كتاب “الأمير المبعد” والذي يحوي سيرة سليل الأسرة العلوية ابن عم الملك محمد السادس ، فحملته بلا تردد كي أجعله من أولى أولوياتي ، ذلك أني خلال زمن ليس ببعيد ، توسعت قوقعتي لتشمل الكتب التي أقرأها أيضا ، فما عدت أطالع سوى روايات خيالية لا تمت لواقعي المعاش بأية صلة . توكلت على الله ، نقرت نقرتين متتاليتين على إيقونة الكتاب ، فتح ، وشرعت في الإلتهام.

لقد تملكتني الحماسة المسعرة نارها بالفضول بغية التعرف أكثر على هذا الرجل الذي يقول أنه أبعد عن القصر مركز صناعة القرار ، والوقوف عند ما يؤمن به فكرة فكرة . لكن الآن وبعد انتهائي من آخر حرف رسم على هذه السيرة ، أجدني من موقعي كمواطن بسيط لا يفقه شيئا في السياسة ولا في الاقتصاد ولا حتى في حياة الملوك والأمراء ، ميالا إلى وضع كل خلافاته الشخصية مع الملكين الراحل والحالي جانبا ، لعدة أسباب من بينها أن الطرف الآخر لم يبح بعد بما لديه بخصوص هذا المجال ، لست هنا أدافع عن هذا ولا ذاك ، ولكن الحكم يقتضي أن تسمع من كلا الطرفين ، وحتى وإن سمعت منهما معا فالحقيقة لا يعلمها إلا الله ، بل من أكون أنا حتى أحشو أنفي في متاهة عميقة هي أكبر مني آلاف المرات .. كل ما استطاع الكتاب انتزاعه مني هو أن مغرب محمد السادس لا يختلف كثيرا عن مغرب الحسن الثاني ومن ظن غير ذلك فهو واهم ، اللهم إلا من بعض الشكليات لا أقل ولا أكثر ، وأننا أضعنا سنوات من العمل الجاد في سبيل مغرب أفضل ومانزال ، وأنه كان بالإمكان أفضل مما هو كائن ، وأنه قد آن الأوان لكبح جموح ممارسات المخزن العشواء ، وتلك أفكار لطالما آمنت بها من قبل . فالمظاهرات مازالت تصد بعنف ، والمطالب المشروعة تواجه هي الأخرى بالخيانة أو بعشرات السنوات من السجن ، وقوارب الموت مازالت تحصد أرواحا زكية فقدت أملها في شيء اسمه الوطن.

كان الله لنا ولكم ولهذا الوطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • ibrahim ettaki
    منذ 5 سنوات

    ما شاء الله على أخي وفقك الله