مجتمع

غزو الحالات الإنسانية لفيسبوك.. منظومة صحية موبوءة وعدالة مفقودة

انتشرت مؤخرا وبشكل ملفت للانتباه ظاهرة اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي طلبا للمساعدة من أجل جمع مصاريف علاج مصابين بأمراض خطيرة ومزمنة تلزمهم مبالغ مالية طائلة للاستفادة من العلاج الذي يكفله لهم الدستور.

وفي الوقت الذي ينص فيه الفصل 31 من دستور المملكة على أن “الدولة تعمل بكل الوسائل المتاحة لاستفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة، من العلاج والرعاية الصحية، والحماية الاجتماعية”، يجد المغاربة مستشفيات بلادهم العمومية تطالب المرضى بالملايين من أجل الحصول على العلاج وتضع لهم مواعيد على بعد أشهر وأحيانا يصل الأمر إلى أكثر من سنة أو أقل بقليل.

وتبعا للظروف المشار إليها يلجأ العديد من المرضى إلى “فيسبوك” والمواقع الإلكترونية مضطرين بعد أن سدت في وجوههم كل الأبواب للتعريف بمرضهم وطلب المساعدة من أجل جمع مصاريف العلاج، حيث لا يكاد يمر يوم واحد دون أن تظهر حالة إنسانية لسيدة أو طفل أو مسن مصاب بمرض مزمن ويحتاج لمصاريف باهظة لإجراء عملية جراحية أو شراء أدوية مرتفعة الثمن مما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن منظومتنا الصحية موبوءة ومتفككة والحماية الاجتماعية ضعيفة جدا وغير معممة على الجميع رغم مجهودات نظام راميد وغيره.

وفي هذا الإطار قال الناشط الجمعوي، عبد العالي الرامي، إن بطاقة “راميد” لا تعطي للمصاب بأمراض مزمنة مكلفة الولوج إلى العلاج بشكل متكافئ وعادل، وحتى في مواعيد إجراء التحاليل والفحوصات يتطلب من المريض الانتظار شهورا، ناهيك عن الأثمنة المرتفعة للأدوية خصوصا أدوية مرضى القصور الكلوي والسرطان.

وأضاف الرامي، في حديث مع جريدة “العمق”، أن “وزارة الصحة لا توفر العلاج لجميع المواطنين، والمستشفيات غير مؤهلة لتقديم العلاج للمواطنين خصوصا في مناطق المغرب العميق، لغياب مستشفيات جامعية، ما يدفع المرضى إلى التنقل للرباط أو مراكش طلبا للعلاج”.

وبحسب المتحدث ذاته، فإن “مواقع التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية تساهم في التعريف بهذه الحالات الإنسانية والتي تلقى قبولا وتجد من يساعدها على تكاليف العلاج”، مضيفا أنه “لا يمكن لأي مواطن أن يظهر بوجه مكشوف ويحكي معاناته مع المرض ويطالب من المغاربة مساعدة إلا بعد أن ضاقت به الدنيا ولم يجد من يساعده”.

الحبيب كروم، عضو الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، أوضح بدوره، أنه “في بعض الأحيان بالرغم من توفر المريض على تغطية صحية إلا أنه يكون مطالبا بتأدية مصاريف إضافية لإجراء عملية على القلب مثلا”، مضيفا أن “لا يملك بطاقة “راميد” يكون محروما من إجراء فحوصات السرطان والاستفادة من الأدوية بالمجان”.

وزاد كروم، في حديث مع جريدة “العمق”، أن حالات مرضية مستعصية كثيرة تعاني من الفقر المدقع ليس لديها تغطية صحية، بالرغم من أن الوزارة صرحت أن 62 بالمائة من المغاربة يتوفرون عليها، مشددا على ضرورة أن تكون هناك عدالة مجالية فيما يخص الخدمات الصحية.

وفي السياق ذاته، قال المتحدث، إن 3 فصول بدستور المملكة تتحدث عن الحق في الصحة، وهي الفصول 31 و34 و154، في حين تجد الخدمات الطبية في بعض المناطق غير متوفرة، وتجد أغلب التخصصات متوفرة في محور القنيطرة الرباط الدار البيضاء عكس باقي المناطق.

وأكد كروم، على ضرورة أن تتوفر جميع المؤسسات الصحية بالمملكة على خدمات ذات جودة عالية وبالتوازي يجب أن تكون لدى المغاربة تغطية شاملة بجميع فئاتهم ومستوياتهم الاجتماعية.

وكان وزير الصحة أنس الدكالي، قد أكد، أن المغرب عازم على تفعيل مشروع التغطية الصحية الشاملة، الذي يعد أحد المحاور الأساسية في الدعامة الثالثة لـ “مخطط الصحة 2025”.

وأبرز الدكالي، في كلمة له خلال مشاركته في أشغال المؤتمر العربي للصحة، المنعقد من 4 إلى 6 أبريل الماضي، أن هذا المخطط يروم، على الخصوص، تجويد حكامة القطاع عن طريق ترشيد الموارد وتعزيز نجاعة استعمالها للنهوض بالقطاع الصحي الوطني، وذلك تماشيا مع التزام المغرب ببلوغ أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *