سياسة

حزب الاستقلال .. أعرق أحزاب المغرب يرنو لاستعادة بريقه المفقود

ديناميكية يشهدها البيت الداخلي لحزب “الاستقلال” المغربي المعارض، في مساعي يقول مراقبون إنها ترنو إلى تأمين عودة “قوية” إلى المشهد السياسي عبر بوابة الحكومة.

مواقف شكلت، مؤخرا، نقاط توقف في المشهد السياسي المغربي، سواء داخل قبة البرلمان أو خلال لقاءات أو ندوات، قد تمنح الحزب تأشيرة العبور إلى الحكومة من جديد في انتخابات 2021، وهو الذي غادرها منتصف ولاية الحكومة السابقة (2011 – 2016)، ليجد نفسه محاصرا في صفوف المعارضة.

ولحزب الاستقلال 46 مقعدا في البرلمان المغربي من إجمالي 395، ما يجعله ثالث أكبر قوة تحت القبة التشريعية.

وفي 22 أبريل/ نيسان 2018، قرر المجلس الوطني لـ”الاستقلال”، انتقال الحزب إلى صفوف المعارضة، بعدما كان يساند الحكومة الحالية التي يقودها حزب “العدالة والتنمية” دون أن يكون طرفا فيها.

ديناميكية داخلية

رشيد لزرق، المحلل السياسي المغربي اعتبر أن “ديناميكية حزب الاستقلال لا تقوم على مشروع جديد أو فكرة جديدة، وإنما تشمل داخل البيت الداخلي للحزب”.

وفي حديث للأناضول، قال لزرق إنّ “قوة الأحزاب هي القدرة على إطلاق أفكار جديدة أو مشاريع مجتمعية جديدة، واقتراحها على عموم المواطنين”.

وبالنسبة له، فإن الحزب لم يقدم أي فكرة لتشجيع المواطنين على المشاركة في الانتخابات، في ظل ضعف المشاركة المسجلة بالانتخابات السابقة”.

كما أن “الحزب”، يتابع الخبير، “لم يقدم بديلا حقيقيا للمواطنين، خصوصا في ظل ارتفاع وتيرة الانتقادات الموجهة للحكومة”، ما جعل تحركاته الأخيرة غير شعبية، أي أنها لقاءات حزبية، ويتم تنظيمها بمدن تعرف حضورا كبيرا لأعضاء وأنصار هذا الحزب”.

وتابع: “ما أعطى لهذا الحزب زخما مؤخرا، هو عضوية القيادي المنحدر من (إقليم) الصحراء حمدي ولد الرشيد، خصوصا في ظل الامتداد القبلي لهذا القيادي، وامتداده داخل (إقليم) الصحراء”.

وولد الرشيد؛ هو عمدة مدينة العيون (كبرى مدن إقليم الصحراء)، وبرلماني عن حزب الاستقلال بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، ويعتبر أحد رجال الإقليم الأقوياء.

طرف بالمعادلة السياسة

مع احتدام الصراع السياسي بين حزب العدالة والتنمية (قائد الائتلاف الحكومي)، وحزب التجمع الوطني للأحرار (مشارك بالائتلاف الحكومي)، خصوصا في ظل تصريحات مضادة حول إمكانية الفوز بالانتخابات البرلمانية المقبلة، برز حزب الاستقلال كطرف في المعادلة السياسية، مستفيدا من الصراع الداخلي الذي يشهده حزب الأصالة والمعاصرة (أكبر أحزاب المعارضة).

عبد الجبار الراشيدي؛ الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال، قال إنه “منذ المؤتمر الأخير لحزب الاستقلال، اعتمدت قيادته الجديدة برئاسة الأمين العام نزار بركة، استراتيجية جديدة للعمل الحزبي”.

ولفت الراشيدي، في تصريح للأناضول، إلى أن “الاستراتيجية تهدف لاستعادة ريادة الفعل الحزبي بالبلاد، وذلك عبر إطلاق سياسة حزبية جديدة تروم التأهيل الشامل للحزب على المستويين السياسي والتنظيمي”.

واعتبر أن الحزب استطاع تعزيز هويته وتحسين صورته لدى الرأي العام، باعتماد خطاب سياسي رصين متشبع بمرجعية الحزب و بعيدا عن الخطاب الشعبوي”.

وبخصوص انتقال الحزب “من المساندة النقدية للحكومة إلى ممارسة المعارضة”، رأى أن ذلك “أعطى للحزب هامشا كبيرا لإعادة ترتيب أجندته السياسية، وبيته الداخلي، وتطوير آليات عمله”.

الحزب اعتمد أيضا، وفق الراشيدي، على “سياسة القرب من المواطنين ومن المجالات، حيث نظمت قيادة الحزب تجمعات جماهيرية كبرى في العديد من مناطق المملكة”.

ومستعرضا أبرز اللقاءات، قال إن “آخرها كان لقاء العيون بـ(إقليم) الصحراء، والذي حضره أكثر من 57 ألف مواطن”، في تجمعات أشار إلى أنها كانت “مناسبة للإنصات للمواطنين، والوقوف عن كثب على حجم احتياجات السكان على المستوى الاجتماعي والتنموي”.

ووفق الراشيدي، فإن “حزب الاستقلال استطاع أن يلعب دور الوساطة في عدد من الملفات مثل إضراب المعلمين المتعاقدين ممن نفذوا منذ مارس الماضي، إضرابا عاما استمر 7 أسابيع، وغيرها من الملفات الأخرى التي يتطرق إليها في البرلمان”.

ولفت إلى أن “الحزب استطاع، بالعمل الميداني والتجمعات الجماهيرية الحاشدة، وبقوة اقتراحاته وتقديمه للبدائل الواقعية لسياسة الحكومة، أن يضع حدا للترويج لفكرة الاستقطاب الحزبي (في إشارة إلى حزبي العدالة والتنمية وحزب التجمع الوطني للأحرار)”.

ورأى أن ذلك “الاستقطاب كان فكرة مصطنعة تخدم أجندة حزبية معينة، وتضر بالمسار الديمقراطي بالبلاد”.

“نجم” يسطع من جديد؟

في مارس/ آذار الماضي، سلّم المبعوث الخاص للملك المغربي، نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال (معارض)، رسالة من العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز.

والشهر اللاحق، نظم حزب الاستقلال لقاء حزبيا بمدينة العيون (كبرى مدن إقليم الصحراء)، يعتبر الأكبر من نوعه في السنوات القليلة الماضية.

وبين التاريخين، بدأ نجم حزب الاستقلال الذي يعتبر أعرق التشكيلات السياسية بالمملكة، بالسطوع، خصوصا خلال النقاشات العامة، والملفات التي تطفو على السطح، إذ كان من أكبر المدافعين على اللغة العربية في التدريس، في خضم محاولة أحزاب أخرى الدفاع على فرنسة التعليم.

كما عرض وساطة بين الحكومة والمعلمين المتعاقدين (بالتعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي)، للمطالبة بالتراجع عن نظام التعاقد.

وفي مايو/ أيار الحالي، توسط الحزب بين الحكومة وموظفين يطالبون بترقيتهم منذ سنوات، ما أدى إلى تعليق إضراب عام نفذوه منذ مدة.

ولم تتوقف مواقف الحزب عند هذا الحد، بل دعا البرلمان، الشهر الماضي، إلى سحب الثقة من الحكومة، بسبب تعثر هذا القانون.

لمحة عن الحزب

حزب “وطني محافظ” تأسس في 1944 على يد عدد من قادة الحركة الوطنية المغربية ضد الاستعمار الفرنسي، وعلى رأسهم الزعيم الوطني علال الفاسي، الذي ظل يرأس الحزب حتى وفاته عام 1973.

وفي 1959، تعرض الحزب لانشقاق تزعمه ما عرف آنذاك بالجناح اليساري النقابي، وعلى رأسهم المهدي بن بركة (اختطف في باريس عام 1965 ولا يعرف مصيره حتى الآن)، وعبد الرحمان اليوسفي الوزير الأول الأسبق، الذين أسسوا حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2017، انتخب حزب الاستقلال (محافظ)، نزار بركة، رئيسا جديدا له، والأخير هو حفيد مؤسس الحزب، علال الفاسي من جهة الأم، وقد سبق أن تقلد عدة مناصب سامية بالمملكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *