مجتمع

قرويات يكافحن على جنبات الطريق من أجل لقمة العيش (فيديو وصور)

على مقربة من الجسر التاريخي لوادي الشراط، تنصب عشرات النساء خيامهن الوهنة من البلاستيك بجنبات الطريق، طلبا للرزق بعرق الجبين.

زبدة ولبن وحليب وبيض بلدي هي سلعتهن البيضاء التي تسيل لعاب المارة عبر الطريق الوطنية بالقرب من بوزنيقة، مهنة حرة لكن دخلها مرتبط بارتواء الأرض وإشباع الماشية لتجود على النساء بما تيسر من حليب.

زبائن أوفياء يثقون في منتوجهن الطبيعي يترددون باستمرار من أجل أكل “السيكوك” وشرب الرايب واللبن وشراء كل ما هو طبيعي.

رشيدة، خديجة، نعيمة وغيرهن، هن لسنا مجرد أسماء نساء، بل أصبحن علامات تجارية مكتوبة بالبند العريض على طاولاتهن.

خديجة إحدى بائعات الرايب و”السيكوك”، إمرأة في الخمسينات، تحكي لـ”العمق” بنبرة كلها قناعة بما قسم لها رب الأرزاق، عن مسيرتها مع هذه المهنة: “بدأت في بيع اللبن منذ 15 سنة، وكنا نبيع اللبن فقط في فصل الربيع بسبب انعدام الثلاجة، لكن بعد تزويدنا بالإنارة أصبحنا نعمل طوال السنة”.

خديجة التي لم ترزق بذرية، لكنها قررت تربية أبناء أختها، وعزمت على الكفاح من أجلهن ببيع كل ما هو طبيعي من بقوليات وبيض بلدي وسيكوك، تضيف بالقول: “نستيقظ مع آذان الفجر، نبدأ بتنظف المنزل ثم نطهوا الخبز ونمخض الحليب ونحضر كسكس بنوعيه، البلبولة والذرى”.

وبكلمات قوية تواصل حديثها: “نعمل داخل البيت وخارجه منا الرجل ومنا المرأة”، وفق تعبيرها.

زيادة الطلب على “السيكوك” من طرف الزبائن دفع خديجة وغيرها من النساء إلى جلب معظم الأواني معهن إلى خيمهن على الطريق، وكذلك قنينات الغاز من أجل إعداد الكسكس في حالة انقضاء الكمية التي تم إعدادها في المنزل.

هؤلاء النساء على موعد كل يوم مع موزع الحليب الذي يقتنيه بدوره من لدن الفلاحة ببوزنيقة، يصل الحليب إلى النساء في قنينات كبيرة من الألمنيوم، يؤدين ثمنه  للوسيط، مساهمين بذلك في رواج اقتصادي مهم بالمنطقة.

حليب طازج يستخرجن منه الزبدة واللبن والرايب، “نحن لا نخاف.. الشمس توصي علينا الشتاء، والشتاء توصي علينا الشمس”، هكذا أنهت خديجة كلامها لـ”العمق”.

رشيدة التي طلبت الإستئذان من زوجها قبل الحديث إلى “العمق”، قالت: “قضيت في هذه المهنة 11 سنة، لكن نعمل فقط مع الزبائن الأوفياء الذين يثقون فيما نقدم لهم، لأن المكان الذي نبيع فيه يحتاج إلى إصلاحات لتشجيع الناس على التسوق من عندنا، وبالتالي زيادة دخلنا”.

وطالبت رشيدة من المسؤولين بمراقبة عملهن، وإصلاح خيمهن لتجلب المارة من أجل شراء منتوجاهتن، حسب قولها.

بجانب مظلة شمسية تحجب الشمس عن البيض البلدي مخافة فساده، تروي “مي هنية” هي الأخرى قصتها التي بدأت قبل مجيء هؤلاء النسوة إلى جانب الطريق.

تقول “مي هنية”: “قضيت سنين وحيدة في هذا المكان، لكن الآن أصبحت لي صحبة مع هؤلاء النسوة، نقضي يومنا مع بعضنا، نأكل ونشرب معا”.

مي هنية” التي توفي زوجها منذ عشر سنين، تحمد الله وتشكره على وضعها، وتواصل حديثها: “أبيع البيض والدجاج البلدي فقط، ويتراوح دخلي اليومي ما بين 37 و20 درهم، وهناك بعض الأيام التي لا أبيع فيها شيئا”.

تظل أعين النساء تترقب توقف السيارات والشاحنات دون كلل أو ملل، وباتسامة كلها أمل يستقبلن ويودعن زبائنهن، الصحبة والألفة تجمعهن، لكن يظل البحث عن لقمة العيش هو القاسم المشترك بينهن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ 5 سنوات

    الحمد لله على نعمة الله كنتمنوا من الدولة تعاونهم بلا من الوطني باش هاد الناس اخدمو على خاطرهم