سياسة

تقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يرسم معالم “ردة حقوقية”

رسم “التقرير السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2018″، ما سماه رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خلال ندوة تقديمه، اليوم الجمعة بمقر الجمعية، “ردة حقوقية”، متجلية في بلوغ عدد المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي والتعبير والاحتجاج السلمي ما مجموعه 525 حالة اعتقال، وتجاوز انتهاك الحق في الحياة 125 حالة وفاة سنة 2018.

وسجل التقرير 68 حالة اعتداء على الحق في حرية التنظيم وفي تأسيس الجمعيات والانتماء إليها، وعلى الحق في حرية التجمع والتظاهر السلمي، وعلى حق الجمعيات والنقابات والأحزاب في تجديد مكاتبها، وعقد اجتماعاتها وتنظيم أنشطتها الإشعاعية والثقافية في القاعات العمومية، موزعة على ما بين اعتقالات واستدعاءات من طرف الشرطة، ومتابعات وأحكام قضائية.

27 حالة تعذيب

ورصد التقرير ما يزيد على 27 حالة تعذيب أو معاملة قاسية أو لا إنسانية أو حاطة من الكرامة (فردية وجماعية)، مسجلا استمرار سياسة الإفلات من العقاب في موضوع ممارسة التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، موضحا أن الأمثلة كثيرة آخرها تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي أقر بتعرض معتقلي حراك الريف للتعذيب، والذي أقبر في أدراج الوزارات، ومكاتب المحاكم.

ونبه التقرير إلى استمرار ممارسة التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، سواء في مخافر البوليس والدرك والقوات المساعدة ومراكز القوات العمومية عموما، أو في السجون ومختلف مراكز الاحتجاز أو في مواجهة القوات العمومية لمختلف أشكال الاحتجاج السلمية التي يمارسها المواطنون والمواطنات من أجل احترام حقوقهم

وانتقد التقرير تأخر الدولة المغربية في إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، موضحا أن سنة 2018 تميزت باستمرار نسبة مرتفعة للبطالة، حيث بلغت 9.8% (1.168.000 معطل)، وتراوحت بين 9.1% في الفصل الثاني و10.5% في الفصل الأول من السنة، مقابل خلق قانون المالية لسنة 2018 حوالي 19.265 منصب شغل فقط وهو عدد ضئيل بالنظر للخصاص المهول في الموارد البشرية.

منع الانجيل والحسينيات

وسلط التقرير الضوء على أبرز مؤشرات انتهاك حرية المعتقد ومنها استمرار منع الكتاب المقدس (الإنجيل) دون سند قانوني، وعدم وجود لكنائس مغربية يرتادها المسيحيون المغاربة، وعدم وجود حسينيات خاصة بالمغاربة الشيعة، ورفض السلطات المحلية بالرباط، تسلم الملف القانوني للجمعية المغربية للحقوق والحريات الدينية، بدعوى أن الجمعية “تستهدف الدين والملك”.

وفي ما يتعلق بحقوق الطفل، فقد وقفت تقرير الجمعية على تزايد نسبة الأطفال غير المسجلين في الحالة المدنية حسب تقارير رسمية، موضحا أن الأمهات العازبات يجدن صعوبة وتواجههن عدة عراقيل في إجراءات إثبات نسب أبنائهن، ولا يتم اللجوء إلى تحليل الحمض النووي إلا لماما، في حال رفض الأب البيولوجي، وهو ما يقوّض المصلحة الفضلى للطفل.

وبخصوص حرية الإعلام والصحافة والأنترنيت، سجل التقرير تراجعا ملحوظا على مستوى حرية الصحافة والتعبير، ممثلا لذلك بمحاكمة صحفيين ومدونين ومديري بعض المواقع الإلكترونية، مضيفا أن وضعية الحريات العامة بالمغرب قد عرفت ترديا كبيرا نتيجة ما سماها بـ”المقاربة القمعية”، التي تعاملت بها الدولة مع التنظيمات السياسية والحقوقية والنقابية.

اكتظاظ يفوق الخيال

ولاحظ التقرير أن جل السجون تعرف ما سماه ب،”اكتظاظ يفوق الخيال”، موضحا أن السجناء ينامون في أوضاع لا إنسانية، مضغوطون مع بعضهم أو في الممرات أو حتى المراحيض الموجودة بالغرف، مستندا على الإحصائيات الرسمية للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، التي تشير إلى أن المساحة المخصصة لكل سجين هي 1.89 متر مربع.

وفي شأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، لاحظ التقرير أن البطالة والتهميش ينخران نحو 2.5 مليون معاق في المغرب، موضحا أن من معالم التراجعات في مجال حقوق المهاجرين هو ما تجسد في حملات التنقيل، التي عرفتها المناطق الشمالية، والتي لم تستثن أيا من المدن الشمالية انطلاقا ومرورا من الناظور إلى طنجة، مضيفا أن الحق في التعليم لا زالت تواجهه مجموعة من التحديات.

ورأى التقرير أن السنة الماضية اتسمت بصدور 10 أحكام بالإعدام، ليبلغ بهذا عدد المحكومين بالإعدام، ما مجموعه 72 محكوما، ضمنهم امرأتان، مقابل 73 محكوما خلال سنة 2017، ضمنهم 03 نساء، بتراجع ملحوظ عن سنة 2016 التي سجلت 92 محكوما بالإعدام، وسنة 2015 التي بلغت فيها نسبة المحكومين 117 محكوما، واصفا هذا الرقم بـ”المهول”.

“وضع حقوقي متدهور”

وبخصوص المحاكمات، لاحظت الجمعية أن غالبيتها بالحسيمة وجرادة أو مناطق أخرى، أظهرت من جديد أن الأجهزة الأمنية للدولة لم تقطع بتاتا مع ممارسات الماضي، موضحة أن المتابعين تعرضوا للتعنيف، وسوء المعاملة وللممارسات المهينة، سواء لحظة توقيفهم، أو بمراكز الاحتجاز التي مروا منها، بما فيها السجون، ولم يُمتّعوا بكافة حقوقهم التي يكفلها لهم القانون.

وبالنسبة للحق في الصحة، لاحظت الجمعية تدهورا بالمنظومة، مسجلة ارتفاع معدلات تفشي الأمراض والوفيات، وشــح الموارد الماليــة المخصصـة للخدمـات الصحيـة في القطاع العـام، والفساد وهدر الإمكانيات، مع الخصاص الكبير في عدد الأطباء والممرضين والمولّدات، وارتفاع كلفـة الخدمات الصحيـة بالقطاع الخاص، المستقطب لـ90 بالمائة من المتوفرين على نظام للتأمين الصحي.

واستنتج التقرير من خلال تلك المعطيات والأرقام أن وضعية حقوق الإنسان بالمغرب “تزداد ترديا وتدهورا بشكل تصاعدي”، مرجعا ذاك إلى السياسات العمومية المتبعة، منبها إلى ما سماه بـ”تملص الدولة المغربية من التزاماتها الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها”، متهما الدولة بتصعيدها لهجومها على الحقوق والحريات، وباستهدافها المدافعين عن حقوق الإنسان.

المنع يطال الأحزاب

وأكد رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عزيز غالي، خلال تقديم التقرير، أن المغرب يشهد ما سماها بـ”ردة حقوقية”، رأى أنها مست جميع نواحي الحياة اليومية للشعب المغربي، موضحا أن المزاجية تحكم أفعال السلطة بمنع والتضييق على الجمعيات الحقوقية ثم النقابات العمالية وأخيرا الأحزاب السياسية.

وأوضح غالي أن “الهاكا” لم ترد على الشكاية المقدمة من طرف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسبب عدم تغطية القنوات العمومية للجمع العام للجمعية، موضحا أن هذه ليست الشكاية التي لم تجب عليها الهاكا بل هناك مراسلات وشكايات عديدة، مهاجما عمل الهيأة في تعاملها مع شكايات المجتمع المدني.

وانتقد غالي تقرير المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان أحمد شوقي بنيوب حول حراك الريف، متهما إياه بالاستناد إلى رواية واحدة، مبديا تخوفه من طي الملف وعدم إطلاق المعتقلين السياسيين، مطالبا بتوفير ضمانات لشهود يمكن أن يقدموا شهادات عن محاولات الأمن إشعال قنينات الغاز خلال حراك الريف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *