سياسة

أوجار يقدم التوجهات الجديدة للمسطرة الجنائية.. ويكشف دواعي المراجعة

قدم وزير العدل محمد أوجار، الخميس، عرضا حول التوجهات الجديدة لمشروع القانون رقم 18/01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، أمام أعضاء مجلس الحكومة، أكد فيه أن هذا المشروع يعد من بين أهم مشاريع القوانين الناظمة للعدالة الجنائية، نظرا لارتباطه الوثيق بمجال حماية الحقوق والحريات ومكافحة الجريمة وتحقيق أمن الأفراد والممتلكات، ولقيامه على معادلة صعبة، توازن بين ضرورة مكافحة الجريمة من جهة، وضرورة احترام حقوق وحريات الأفراد من جهة ثانية، وهو ما يتطلب مجهودا تشريعيا كبيرا تراعى فيه ضوابط الصياغة التشريعية المتعارف عليها.

وبعد أن نوه أوجار بالمجهود الذي بذل من طرف وزارة العدل والحريات في الولاية الحكومية السابقة والتي اشتغلت على بلورة هذا المشروع الذي تمت مواصلة العمل عليه في هذه الولاية، توقف الوزير عند دواعي المراجعة، بحسب ما ذكره بلاغ للمجلس الحكومي توصلت به جريدة “العمق”.

ومن دواعي هذه المراجعة، تحدث أوجار عن التوجيهات الملكية الواردة في خطب الملك، والتي حددت الفلسفة والمعالم الكبرى لإصلاح منظومة العدالة بالمغرب، وكذا تنزيل مضامين الدستور الجديد للمملكة لسنة 2011، الذي أفرد ضمن مضامينه حيزا هاما لمجموعة من الحقوق والحريات ووضع آليات لحمايتها وضمان ممارستها، زيادة على الدعوة إلى تعزيز العديد من ضوابط وقواعد سير العدالة.

وأبرز وزير العدل أن ملاءمة المنظومة القانونية الوطنية مع المواثيق الدولية وتوصيات وملاحظات هيئات منظمة الأمم المتحدة ذات الصلة بمجال حقوق الإنسان شروط المحاكمة العادلة من جهة، وبمكافحة وردع الجريمة من جهة ثانية، وكذا التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة، خاصة على مستوى تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، من أهم دواعي هذه المراجعة.

كما أشار المتحدث ذاته، إلى التوصيات الصادرة عن الآليات الأممية لحقوق الإنسان وبعض الآليات الدولية في مجال مكافحة الجريمة، من قبيل:توصيات لجنة الاختفاء القسري – لجنة مناهضة التعذيب – لجنة حقوق الطفل – لجنة الاعتقال التعسفي – مجموعة العمل المالي، إضافى إلى مواكبة التطور الحاصل على مستوى الأنظمة الجنائية الحديثة، وما وقف عليه الفقه الجنائي المعاصر من نظريات حديثة لتطوير أداء العدالة الجنائية.

أوجار تحدث أيضا في عرضه عن مواجهة ظاهرة الجريمة التي أصبحت تتطور بشكل ملحوظ كما وكيفا، وتتخذ أبعادا عابرة للحدود الوطنية في إطار ما يسمى بالجريمة المنظمة، وسد الثغرات التي أفرزتها الممارسة القضائية العملية، والتي أصبحت تتطلب تدخلا تشريعيا لإصلاحها أو تلافي عيوبها، والملاءمة بين قانوني المسطرة الجنائية والقانون الجنائي سواء فيما بينهما، أو مع نصوص قانونية أخرى ذات الصلة من حيث المفاهيم والمضامين.

دواعي المراجعة، أيضا بحسب أوجار، تكمن في إيجاد حلول لمكامن القصور المسجلة على مستوى المنظومة الجنائية، من قبيلتضخم عدد القضايا الزجرية المعروضة على المحاكم، تضخم عدد النصوص القانونية الزجرية، وارتفاع نسبة الأشخاص المقدمين أمام العدالة بمن فيهم المودعين رهن الحرسة النظرية، ارتفاع نسبة المعتقلين الاحتياطيين، بنسبة تقارب في أغلب الأحيان 40 في المائة من مجموع الساكنة السجنية خاصة أمام غياب بدائل الاعتقال الاحتياطي، فضلا عن تعقد العديد من المساطر والإجراءات القضائية التي تتسبب في البطء وتؤثر على النجاعة القضائية والبت في القضايا داخل أجل معقول.

وأبرز المسؤول الحكومي أن المشروع أعد بناء على مسار تشاركي تشاوري شمل العديد من القطاعات وأحيل على الأمانة العامة بتاريخ 28 دجنبر 2017 وعقدت العديد من الاجتماعات على مستواها مما مكن من بلورة المشروع، كما تقدم بالشكر والتقدير لوزير الدولة المصطفى الرميد الذي تولى حقيبة وزارة العدل في الحكومة السابقة على الجهود التي بذلها في إعداد هذا المشروع.

وبحسب أوجار فقانون المسطرة الجنائية الحالي يضم ما مجموعه 756 مادة، وقد همت التعديلات موضوع المراجعة في المشروع الحالي ما مجموعه 345 مادة شملت كافة مقتضياته موزعة على الشكل التالي:تغيير وتتميم 196 مادة؛ وإضافة 122 مادة جديدة؛نسخ وتعويض 22 مادة؛ نسخ5 مواد.

وتمثل أهم التوجهات، يضيف الوزير، تعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة، تعزيز المراقبة القضائية على عمل الشرطة القضائية، مراجعة ضوابط الوضع تحت الحراسة النظرية، ترشيد الاعتقال الاحتياطي، وضع آليات للوقاية من التعذيب، تعزيز حقوق الدفاع، وضع ضوابط ناظمة للسياسة الجنائية، ضمان نجاعة آليات العدالة الجنائية وتحديثها، مراجعة ضوابط الاختصاص، مراجعة المساطر الخاصة بالامتياز القضائي، تعزيز وتقوية آليات مكافحة الجريمة وحماية الضحايا،إرساء مقاربة جديدة لعدالة الأحداث ومقاربة لآلية التنفيذ الزجري.

ومن أهم المستجدات التي جاء بها مشروع القانون، يقول محمد أوجار، اعتماد التسجيل السمعي البصري أثناء استجواب الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية المشتبه في ارتكابهم جنايات أو جنحا مع الإحالة على نص تنظيمي لتحديد كيفيات التسجيل، وأيضا النص على حضور المحامي خلال الاستماع للمشتبه فيهم الأحداث المحتفظ بهم، أو الأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية إذا كانوا مصابين بإحدى العاهات المشار إليها في المادة 316 من هذا القانون كالأصم والأبكم.

ونص مشروع القانون كذلك على منح حق الاتصال بالمحامي ابتداء من الساعة الأولى لإيقاف المشتبه فيه، ودون اشتراط الحصول على ترخيص من النيابة العامة، إضافة إلى عدم جواز تمديد مدة الحراسة النظرية إلا بمقتضى أمر كتابي معلل صادر عن النيابة العامة بالنسبة لكافة الجرائم.

المشروع الجديد جاء أيضا بإلزام ضابط الشرطة القضائية بإخضاع الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية لفحص طبي بعد إشعار النيابة العامة، إذا لاحظ عليه مرضا أو علامات أو آثارا تستدعي ذلك، ويشار لهذا الإجراء بالمحضر وبسجل الحراسة النظرية، ويضاف التقرير الطبي المنجز إلى المحضر المحال على النيابة العامة.

وينص مشروع القانون، أيضا، على بطلان كل إجراء يتعلق بشخص موضوع تحت الحراسة النظرية، إذا تم بعد انتهاء المدة القانونية للحراسة النظرية أو بعد التمديد المأذون به قانونا، مع عدم شمول البطلان بالإجراءات الأخرى التي تمت خلال الفترة القانونية للحراسة النظرية.

كما ينص على توسيع مجالات الصلح في الجنح وتبسيط إجراءاته ليشمل بعض الجنح التي يصل الحد الأقصى لعقوبتها 5 سنوات بعدما كان محصورا في الجنح المعاقب عليها بأقل من سنتين.

وأكد أوجار في ختام عرضه على أن مشروع هذا القانون سيشكل بحول الله قيمة مضافة للترسانة القانونية الوطنية، وإضافة نوعية تغني التجربة المغربية في مجال الحقوق والحريات، وتستجيب لمطالب الحركات الحقوقية الوطنية والدولية، ويعكس الإرادة الصادقة والأكيدة للمملكة المغربية للوفاء بالتزاماتها الوطنية والدولية في مجال إصلاح منظومة العدالة وحماية حقوق الانسان وتعزيزها، وسيعزز الضمانات الممنوحة للمشتبه فيهم في مجال المحاكمة العادلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *