المغرب العميق، مجتمع

فاجعة “إجوكاك” قدر الله ولكن .. تفاصيل الحادثة (فيديو)

بمجرد أن تطأ رجليك مكان وقوع حادثة “اجوكاك”، تتبادر إلى ذهنك أسئلة كثيرة، ولعل أهمها بعد إمكانية بقاء المسافرين أحياء، هي؛ أي نوع من الضحايا تحت الأنقاض، وهل يملك المسؤولين قلوب الرحمة تجاههم؟ سؤلين يتسللان إلى تفكيرك بدون استئذان، لبطء عمليات التنقيب، وضعف وقلة الآليات المستخدمة، والتي يمكن تشبيهها بفاعل الخير الذي يطعم جائعا بملعقة الدمى.

أرقام مخيفة

الصور المتداولة لا تحاكي الواقع المعاش هناك، فهي لا توضح بالتدقيق أن الأوحال التي ظن كل البعيدين عن مكان الحادث أنها تربة وهي على العكس بل كانت طينا يصعب التخلص منه وأنها ستتسرب إلى السيارة وستعيق التنفس لا محالة، الأمر الذي يفسر أنهم قد فارقوا الحياة بعد ساعة على أكثر تقدير.

أما بالنسبة لحجم الجبل الذي صنعته الصعقة الرعدية، والذي لا يمكن أن تؤكده الصور المنشورة، فقد وصل علوه ما بين 25 و30 مترا، أما مساحة انتشاره فتقدر بـ70 متر طولا، و40 عرضا.

وقد قُدر للضحايا 15 أن يكونوا في النقطة الوسط والأكثر عمقا، إذ حاولت آليات الحفر والتنقيب “المحتشمة” التي وفرتها مديرية التجهيز والنقل الإقليمية، وكذا بعض الجماعات الترابية المجاورة، الوصول إلى سيارة النقل المزدوج المطمورة، إلا أنهم ظلوا كمن يبحث عن إبرة وسط كومة قش لمدة تفوق 30 ساعة.

آليات

بين 6 و7 آليات تدور حول مكان اختفاء السيارة، انطلق عملها من الواحدة بعد منتصف ليلة الأربعاء/الخميس، حسب ما رواه شهود عيان لجريدة “العمق” التي حلت بعين المكان صباح يوم الخميس، استمر عملهم بدون انقطاع حتى وجدوا أول جثة تمام الساعة 20:30 من يوم الخميس، كانت لامرأة، عاينت الجريدة لحظة انتشالها وسط الأوحال.

آليات أخرى تعمل على تسريح الطريق في نقط آخرى قد شلت السيول الجارفة حركتها على مستوى الطريق الوطنية رقم 7، المعروفة بـ تيزي نتاست”، وأحيانا تأتي للمناوبة، لأنه يصعب أن تجتمع جميعها عند مكان الحادث، بحكم الجبل الذي يقف عائقا من جهة اليمين، والشمال تحدهم حافة الوادي الذي ظلت تسقيه مياه الجبل الذي أخذ روح الضحايا.

تهاون

ربما كان الموت مقدرا، بحكم الأمطار  التي تهاطلت مرة ثانية زوال يوم الخميس، وأدت معها إلى انجراف الأتربة لتكون جبلا فوق السيارة، من جديد، في لحظة حاسمة قال عنها العمال أنهم اقتربو للسيارة، وهذا ما أكده أحد موظفي التجهيز والنقل بالإقليم في تصريح “للعمق”، لكن هذا لا يشفع للمسؤولين الذين تأخروا في الوصول إلى جثث الضحايا.

فبعد أن وقعت الحادثة عند الساعة السادسة لم تحضر عناصر الإنقاذ إلا حوالي منتصف الليل، وبعد حضورها سجل أهل الضحايا والحاضرين بعين المكان، ضعف التجهيزات التي جيء بها من أجل انتشال الضحايا، و تذمروا في عدة تصاريح إعلامية من “استرخاص أرواحهم بعدم الحضور بشكل عاجل، وعدم إحضار آليات كبيرة من شأنها أن تساعد على إخراج الضحايا بسرعة، كالآليات العسكرية، أو على الأقل طلب الدعم من الشركات الخاصة لإحضار آليات استخراج المعادن”.

أخبار مغلوطة

ظلت الأخبار الرائجة إلى حدود ليلة يوم الخميس، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي والمنابر الإعلامية ضعيفة، وبعيدة عن نقل تطورات الفاجعة، بل منها من نشرت أن عدد الضحايا الذين فارقوا الحياة فاق عددهم 20، وبذلك ظن البعض أنه تم انتشال الضحايا. الأمر الذي جعل بعض عائلات الضحايا تتفاعل مع الصحفيين سلبا، لدرجة أنه قيل”إن مجيئكم هدفه خلق البوز، لقد كتبتم أنه تم انتشال الجثث لماذا أتيتم؟”.

ولأن أذهاننا ألفت تلفيق التهم للعنصر البشري في كل حادث، تم الترويج لعبارة؛ “لقد وقعت الحادثة بعد تجاوز سائق النقل المزدوج سيارة خفيفة”، فظن البعض رغم صحتها أن سبب الحادث هو “الدوبلاج فالفيراج” بسرعة، إلا أن السيارة قد انهارت عليها سيول الأتربة بعد صعقة رعدية ضربت رأس الجبل.

عائلة واحدة

لم يتحدث أحد بسوء عن سائق النقل المزدوج الذي عثر على سيارته أشلاء متناثرة وسط ركام الحجارة، ولا تنكر أحد من قبيلته لأخلاقه الحميدة، أو انتقص من درايته بالطريق أو فطنته في مداعبة عجلة القيادة، رغم صعوبة الطريق وضيقها لعشرات الكيلومترات، إنه سائق دوار تاليوين الذي امتهن هذه المهنة لأزيد من 20 سنة، ينقل الساكنة التي هي عائلة واحدة بعامل المصاهرة وأبناء العمومة كباقي دواوير الجبال، يأخذ من يريد السفر خارج البلدة يوم الأربعاء صباحا، ويعيدهم مساء.

تسليم الجثامين

وصلت جثامين ضحايا “إجوكاك” أمس السبت إلى “تالوين”، حيث ثم دفنهم هناك، بعد معاناة أهاليهم وطول انتظارهم بداية من يومي الأربعاء والخميس، جراء عملية البحث وانتشال الجثث البطيئة، ثم يومي الجمعة والسبت، بمدينة مراكش، أمام مستودع الأموات “أبواب مراكش”، الذي لم يوفر لهم حتى مقاعد للجلوس داخله أو في حديقته الخارجية، بل ظلت العائلات تنتظر رحمة المسؤولين تحث أشعة الشمس الحارقة.

وبدل أن تُيسر المساطر في طريق هؤلاء المكلومين، ظلوا ينتظرون انتهاء الإجراءات القانونية المتبعة، والتي وعدهم بها أحد المسؤولين أمام المستودع، إذ قال إنهم سيضعون الوثائق في المحكمة الإبتدائية بمراكش، عند الساعة 8:30 من صباح يوم الجمعة، إلا أن الواقع كان عكس الوعود، وأن  أرواح الضحايا لم تتمكن من النوم بهناء إلا بعد ظهر اليوم السبت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *