سياسة، مجتمع، ملف

هل فشلت ديمقراطية المواطن؟.. عريضة “يتيمة” في أروقة البرلمان

بعد حوالي ثلاث سنواتٍ من دخول القانونيين التنظيميين حول العرائض والملتمسات في مجال التشريع، حيز التنفيذ، تلقت لجنة العرائض بمجلس النواب عريضة “يتيمة” تهدف لتفعيل الديمقراطية التشاركية المنصوص عليها في الدستور، وهو ما يطرح سؤالا عريضا “هل تحول المقتضيات القانونية دون تفعيل هذه الآليات الجديدة، أم أن المغاربة لا يرون جدوى منها، أما أن هناك أسبابا أخرى مجهولة بالنظر إلى ارتفاع شكايات المواطنين في قضايا عديدة؟

وفي هذا الصدد، رأى الرئيس السابق للجنة الحوار الوطني من أجل المجتمع المدني مولاي إسماعيل العلوي أن الطريق مازالت طويلة جدا أمام المغاربة نحو تفعيل آليات الديمقراطية التشاركية، موضحا أن مناقشة عريضة واحدة في البرلمان بعد مضي 3 سنوات من دخول القوانين حيز التنفيذ معناه أن الشعب المغربي لم يدرك بعد هذه الأشياء، وأن الجمعيات التي تدعي الاهتمام بتطوير مستوى وعي المواطنين من مختلف الجوانب لم تستطع القيام بواجبها.

وقال الفاعل الجمعوي “إن مناقشة عريضة واحدة في البرلمان شيء مخجل، كوننا لا نستفيد من ما يتيحه لنا هذا الدستور الواعد، لا على مستوى العرائض ولا على مستوى المبادرات التشريعية”، مشددا على ضرورة القضاء على الجهل والأمية في صفوف الشعب المغربي، وعلى دور التوعية الموكولة للهيئات السياسية، والجمعيات البالغ عدد أكثر من 140 ألف جمعية، مسجلا أن الهيئات السياسية لا تقوم في كثير من الأحيان بدورها في هذا الشأن.

ودعا العلوي الفئات الواعية إلى بذل المجهودات سواء على مستوى الأحزاب السياسية، أو على مستوى الجمعيات، بما فيها جمعيات الأحزاب السياسية للتواصل والاتصال والتعبئة قصد الدفاع عما هو مشروع، قائلا “علينا ألا نفقد الأمل بأوضاع أفضل في المستقبل”، معتبرا شبه انعدام في العرائض المقدمة للبرلمان “مخز”، اللهم إن كانت هناك عراقيل إدارية.

وطالب رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي في كلمة اختتام الدورة الثانية للمجلس، بالعمل على جعل شروط ومساطر تلقي العرائض والملتمسات أكثر مرونة، معتبرا ذلك بمثابة “ورش تشريعي ينبغِي استشرافُه في الأجلِ المنظور”، وهو ما يعني وعي رئيس الغرفة الأولى للبرلمان بالصعوبات الموجودة في هذا المجال، خصوصا بعد رفض المجلس لعريضة تقدمت بها تنسيقيتا طلبة الهندسة والطب، تحمل أزيد من 15 ألف توقيع، للمطالبة بسحب مجموعة من مقتضيات مشروع القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين والبحث العلمي.

وأتاح القانون التنظيمي بتحديد شروط وكيفيات تقديم العرائض إلى السلطات العمومية، والقانون التنظيمي بتحديد شروط وكيفيات تقديم الملتمسات في مجال التشريع، للمغاربة أفراد وجمعيات رفع وملتمسات إلى مكتب مجلس النواب أو مكتب مجلس المستشارين، وتقديم عرائض إلى رئيس الحكومة أو إلى رئيس أحد مجلسي البرلمان، أو مجالس الجماعات الترابية (الجهات، العمالات والأقاليم، الجماعات، وذلك بعد صدور دستور 2011.

وكانت تخوف الخبراء وفعاليات المجتمع المدني من أن تحول الشروط المتعلقة بأعداد الموقعين على العرائض والتقيد في الانتخابات دون بلوغ الأهداف المتوخاة من إحداث هذه الآليات التشاركية، فالقانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية (الحكومة، البرلمان) يشترط جمع خمسة آلاف توقيع، حتى تكون العريضة قانونية، وبرر البعض اشتراط هذا العدد بالرغبة في الحصول على عرائض جدية.

ويترأس رئيس الحكومة “لجنة العرائض الوطنية”، فيما يترأس رؤساء الجماعات الترابية “لجان العرائض الموجهة للجماعات الترابية” (الجهات، العمالات والأقاليم، الجماعات)، وقد صرح سعد الدين العثماني، خلال ترؤسه أول اجتماع للجنة العرائض الوطنية أنه “أصبح بإمكان المواطنين التقدم بطلبات ومقترحات وتوصيات للسلطات لاتخاذ إجراءات معينة”.

وأضاف العثماني، أن “هذا المشروع يكتسي أهمية للمواطنين، خصوصا أنه يعكس الديمقراطية التشاركية التي تكمل الديمقراطية التمثيلية”، مشددا على أن “الكرة الآن لدى المجتمع المدني ولدى المواطنين من أجل الاستفادة من هذا الحق، وفق المقتضيات القانونية”.

وأعلن العثماني عدم قبول عريضة تطوان التي يعتبرها موقعوها أنها “أول عريضة قانونية في دستور 2011″، وتتعلق بالدعوة إلى “مراجعة كيفية تنزيل مشروع تهيئة ضفتي واد مرتيل”، وذلك بعد مرور أزيد من سنتين على إحالتها على رئاسة الحكومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *