مجتمع

العثماني: “عريضة تطوان” غير مقبولة .. وابن عجيبة: رد غير قانوني

أعلن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، عن عدم قبول عريضة تطوان التي يعتبرها موقعوها أنها “أول عريضة قانونية في دستور 2011″، وتتعلق بالدعوة إلى “مراجعة كيفية تنزيل مشروع تهيئة ضفتي واد مرتيل”، وذلك بعد مرور أزيد من سنتين على إحالتها على رئاسة الحكومة.

وأرجع العثماني في جواب مكتوب على أصحاب العريضة، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أسباب رفضه اعتماد هذه العريضة، إلى كونها معروضة أمام القضاء، مستدلا بالمادة الثانية من القانون التنظيمي رقم 44.14 المتعلق بكيفية تقديم العرائض، والتي تنص على أن العرائض تعتبر غير مقبولة إذا كانت معروضة أمام القضاء أو صدر حكم في شأنها.

واعتبر رئيس الحكومة، أنه بعد دراسة العريضة في اجتماع لجنة العرائض، تبين لها أنها لا تستوفي الشروط المنصوص عليها في القانون التنظيمي، مبديا بالمقابل استعداده لـ”التعامل إيجابيا مع كافة العرائض المقدمة والمستوفية للشروط الشكلية والموضوعية المنصوص عليها في القانون”.

وجاء جواب رئيس الحكومة بعد أزيد من سنتين من وضع العريضة لدى لجنة العرائض، حيث التقى وكيلها عمر ابن عجيبة، بالوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني مصطفى الخلفي، أمس الأربعاء بالرباط، للتباحث في مطالب المتضررين، من خلال تبني “خطة تشاركية بين المؤسسات العمومية القائمة على المشروع وساكنة تطوان وأصحاب الحقوق والملاكين والمستغلين للعقارات المزمع نزع ملكيتها من أجل ضمان استفادتهم من الحق في التنمية المستدامة”.

الطعن في القرار

غير أن وكيل عريضة تطوان المحامي عمر ابن عجيبة، اعتبر أن جواب رئيس الحكومة على عريضة تطوان “غير قانوني ومضلل”، مستغربا الأسباب التي ذكرها العثماني في تعليل قرار رفض قبول العريضة، مشيرا إلى أن الموقعين على العريضة سيطعنون في قرار العثماني أمام المحكمة الإدارية بعد الاجتماع مع أعضاء اللجنة.

وكشف ابن عجيبة في تصريح لجريدة “العمق”، أن موضوع العريضة لم يُعرض أمام القضاء إلا بتاريخ 23 يناير 2019، في حين ظلت العريضة أزيد من سنتين لدى لجنة العرائض ورئاسة الحكومة، موضحا أن لجنة العرائض بثت في هذه العريضة يوم 19 نونبر 2018، وأصدر العثماني جوابه في 14 دجنبر 2018، أي قبل أن يتم عرضها على القضاء، وفق تعبيره.

وأوضح المتحدث أن أزيد من 1200 دعوى لنزع الحيازة و1200 دعوى لنقل الملكية تمت إحالتها على المحكمة الإدارية بالرباط، حيث عُقدت أول جلسة بتاريخ 27 فبراير المنصرم، لافتا إلى أن التعويضات المقدمة “جد هزيلة، وتتراوح بين 12 و50 درهما للمتر”، معتبرا أن ميزانية المشروع كانت غير كافية لتعويض المتضررين، حسب قوله.

وشدد المحامي على أن العريضة “قانونية شكلا ومضمونا”، منددا بطريقة تنزيل مشروع تهيئة ضفتي واد مرتيل، مردفا بالقول: “الطريقة كارثية ولا تراعي الظروف الاجتماعية للمُلاك، لأن أصحاب الأراضي اُخبروا في البداية أن نزع الملكية ستتم على مستوى ضفتي الوادي فقط، لكن تبين لاحقا أنه مشروع تجاري ربحي بامتياز، ونزع الملكية سيتم من أجل مضاربات عقارية وإنشاء مشاريع تجارية محضة”.

احتجاجات بالمحكمة

وكان متضررو “نزع الملكية” ضمن مشروع تهيئة سهل وادي مرتيل بمدينة تطوان، قد حذروا من تمرير تعويضات “مجحفة” في حقهم، منبهين إلى “تعمد بعض الجهات إخفاء المعلومة حتى لا يتسنى لعدد كبير من الملاكين حضور جلسات المحكمة الإدارية، وذلك بغرض تمرير الأحكام وفق التعويضات الصادرة عن لجنة التقييم المحلية التي تضم مختلف مؤسسات الدولة بالمدينة”.

وشهدت المحكمة الإدارية بالرباط، يوم 26 فبراير المنصرم، احتجاجات عارمة من طرف ملاك الأراضي التي يقع ضمنها مشروع وادي مرتيل، في ظل مخاوف من إصدار “أحكام غيابية” بخصوص متضررين لم يتوصلوا باستدعاءات الحضور أو يتواجدون خارج أرض الوطن، وذلك في أول جلسة في هذا الملف، وهو ما جعل رئيس المحكمة يتدخل لإعادة الأمور إلى نصابها.

ويقول موقعو العريضة الذين يبلغ عددهم 5126 شخصا من متضرري “نزع الملكية” في المشروع المذكور، إن عريضتهم قُدمت قبل صدور مقرر “التخلي لأجل المصلحة العامة”، أي قبل بداية مسطرة نزع الملكية، معتبرين أن “رئاسة الحكومة الآن في مأزق حقيقي أمام أول عريضة صحيحة شكلا وموضوعا قدمت في إطار تفعيل مضامين الدستور الجديد 2011”.

وكان متضررو نزع الملكية قد أعلنوا عن رفضهم القاطع لمقترح “التشاركية” في ظل شروط اعتبروها “مجحفة”، مشيرين إلى أن هذا المقترح هو “محاولة أخرى من المحاولات الرامية الى انتزاع العقارات الواقعة على ضفتي الوادي باستعمال ترسانة قانونية لا تراعي أبسط حقوق الملاكين والمستغلين والمنتفعين منها”.

وأوضحت جمعية “الدفاع عن حق الملكية” التي أسسها متضررو نزع الملكية في المشروع المذكور، أن صيغة “التشاركية” التي اقترحتها الشركة المكلفة بمشروع تهيئة سهل وادي مرتيل، تنص على “شروط تعجيزية وغير قابلة للتطبيق، على اعتبار أن هذه التشاركية تقتضي التنازل عن التعويضات التي من المفترض أن يتقاضاها مالكو العقارات المزمع نزع ملكيتها إثر تمرير طريق أو إنشاء مؤسسة عمومية أو منطقة خضراء”.

الملف في البرلمان

وسبق لهذا الموضوع أن نوقش داخل قبة البرلمان، بعدما وجه البرلماني عن فيدرالية أحزاب اليسار الديمقراطي عمر بلافريج، سؤالا إلى وزير الداخلية، مشيرا إلى أن الدولة قامت بنزع ملكية 16000 هكتار من المجال الحضري لمدينة تطوان والنواحي، جلها للخواض، في إطار مشروع تهيئة ضفتي وادي مرتيل، لافتا إلى أن شركة “ستافوم” المحدثة لهذا الغرض، “قامت باعتداءات مادية خطيرة خارج القانون”.

وتساءل البرلماني مع الوزير بالقول: “لماذا لم يتم نشر تصميم التهيئة مع قرار التخلي النهائي في الجريدة الرسمية ليوم 23 مارس 2017، لتتضح المصلحة العامة القصوى؟”، مضيفا: “لماذا لم يقتصر نزع الملكية على ضفاف وادي مرتيل فقط مع إشراك الملاك في هذا المشروع الذي تضمنته أول عريضة في المغرب قدمت لرئيس الحكومة منذ دتسور 2011”.

جدير بالذكر أن مشروع تهيئة وادي مارتيل الذي يشمل 1600 هكتار من الأراضي بغلاف مالي قدره 880 مليون درهم، أعطى الملك محمد السادس انطلاقة أشغاله يوم 20 أكتوبر 2015، وذلك بإشراف شركة “تهيئة وادي مرتيل” على ثلاث مراحل، تهم تهيئة قناة شبه منحرفة طولها 18,44 كلم، وإنجاز منشآت فنية تتيح الربط بين ضفتي الوادي، وبناء منشأة لتصريف مياه الأمطار، حيث يهم الشطر الأول من المشروع مقطع تمودا-بوعنان بمساحة 5,3 كلم، بينما سيهم الشطر الثاني مقطع بوعنان-الطريق المتوسطية بمساحة 2,96 كلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *