ملف

ملف: عريضة لأشخاص ذوي إعاقة تعبد الطريق للديمقراطية التشاركية

فتح ظهور أول عريضة نموذجية محلية في إطار تفعيل قوانين الديمقراطية التشاركية، الباب أمام ظهور عرائض وطنية ترمي إلى المشاركة في تسيير الشأن العام عبر بوابة الديمقراطية التشاركية.

وكانت أول عريضة اكتست الطابع “المحلي”، قدمتها جمعيات مدنية متخصصة في مجال الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية بأسفي إلى مجلس جماعة المدينة تطالب بتعميم الولوجيات في مرافق البلدية.

وقد أعقب تلك العريضة ظهور عريضتين وطنيتين، تتعلق الأولى بمراجعة كيفية تنزيل مشروع تهيئة ضفتي وادي مارتيل إقليم تطوان، والثانية تتعلق بطلب إقامة منشأة مائية على واد شق الأرض بدائرة أوطاط الحاج إقليم بولمان.

 

العريضة بين الإمكان والتعجيز

على المستوى الوطني، يشترط القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية (الحكومة، البرلمان) جمع خمسة آلاف توقيع، حتى تكون العريضة قانونية.

أما على المستوى المحلي، ينص القانون التنظيمي للجماعات على أنه “يمكن للمواطنات والمواطنين والجمعيات أن يقدموا عرائض يكون الهدف منها مطالبة مجلس الجماعة بإدراج نقطة في صلاحياته ضمن جدول أعماله”.

ويترأس رئيس الحكومة “لجنة العرائض الوطنية”، فيما يترأس رؤساء الجماعات الترابية “لجان العرائض الموجهة للجماعات الترابية” (الجهات، العمالات والأقاليم، الجماعات).

وكان العديد من المحللين اعتبروا شرط جمع 5 خمسة آلاف توقيع لقبول التقديم بعريضة وطنية شرطا تعجيزا، تبين بعد تقديم عريضتين وطنيتين أن الأمر لا يتعلق بالتعجيز وإنما بشرط يضمن الجدية كما عللت الحكمة.

 

استنساخ تجربة

قال رشيد لوماني، رئيس الجمعية اليوسفية للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية باسفي (غير حكومية)، “لقد قمنا بتقديم عريضة هي الأولى من نوعها بالمغرب إلى بلدية اسفي من أجل توفير الولوجيات للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية”.

وتابع قوله في تصريح لجريدة “العمق” “موضوع العريضة هو إحداث ولوجيات في كل مرافق المدينة التابعة للبلدية، وكذا إلزام شركات البناء والتشييد ببرمجة الولوجيات في مخططات البناء وغير ذلك”.

وزاد قائلا “لقد تواصلت معنا جمعيات مدنية متعددة على الصعيد الوطني من أجل استنساخ التجربة، وبالتالي تقديم عرائض للسلطات والجهات المنتخبة في أفق ترسيخ الديمقراطية التشاركية”.

وأضاف لوماني، رئيس الجمعية المتقدمة بالعريضة “قام مجلس البلدية بقبول العريضة في وقت قصير، وذلك بعد مناقشتها خلال مدارسة جدول أعماله وفق ما ينص عليه القانون”.

 

ترسيخ الديمقراطية التشاركية

واعتبر أن “قبول المجلس البلدي للعريضة وضع أمام جمعيات المجتمع المدني تجربة ملموسة وفريدة من أجل ترسيخ الديمقراطية التشاركية”.

بدوره، قال عبد الجليل البداوي، رئيس جماعة مدينة أسفي، “إن العريضة المتعلقة بالولوجيات هي أول عريضة تلقاها المجلس وتفاعل معها بإيجابية”.

واعتبر رئيس البلدية، أن “عريضة الولوجيات أول عريضة فريدة من نوعها بالمغرب ستساهم في ترسيخ الديمقراطية التشاركية. ومضى قائلا، “بعد قبول العريض قمنا ببرمجة الولوجيات في الميزانية (الفائض) للبلدية”.

وأضاف البداوي في تصريح لجريدة “العمق” أن “القسم التقني للبلدية قام بإعداد دراسة تتعلق بالحاجيات والأماكن المتعددة التي ستكون مشمولة بالولوجيات مستقبلا”.

 

لا خوف من عرائض المواطنين

وقال “سنقوم قريبا بإطلاق طلب عروض للمقاولات قصد بناء تلك الولوجيات، وقمنا كذلك بمراسلة جهات أخرى قصد إحداث الولوجيات بإداراتها ومؤسساتها”.

ومضى قائلا “لا يجب أن يكون هناك تخوف من عرائض المواطنين التي تترجم المقاربة التشاركية بين المؤسسات التمثيلية ومؤسسات المجتمع المدني”.

وزاد “استطعنا مع جمعية من المجتمع المدني إعداد دليلين خاصين بالعرائض والملتمسات، فالأول دليل خاص بالمجتمع المدني، والثاني دليل خاص بالجماعة”.

وأكد أن “على البلديات والجهات المختصة التفاعل مع العرائض بإيجابية، وسيؤدي ذلك إلى خلق جو من الثقة المتبادلة بين المؤسسات المنتخبة ومؤسسات المجتمع المدني”.

 

2018 سنة الممارسة الفعلية

وكانت لجنة العرائض قد شرعت يوم الجمعة 13 أبريل 2018 برئاسة مصطفى الخلفي الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، في مباشرة مهامها المتعلقة بالبت في عرائض المواطنين المقدمة وطنيا.

وأشار المسؤول الحكومي خلال الاجتماع، إلى أن سنة 2018 ستكون مفصلية في هذا المجال حيث سيتم الانتقال إلى الممارسة الفعلية بعد اعتماد المراسيم والقوانين وإرساء منظومة مؤسساتية.

وقد صرح رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، خلال ترؤسه أول اجتماع للجنة العرائض الوطنية أنه “أصبح بإمكان المواطنين التقدم بطلبات ومقترحات وتوصيات للسلطات لاتخاذ إجراءات معينة”.

وأضاف العثماني، أن “هذا المشروع يكتسي أهمية للمواطنين، خصوصا أنه يعكس الديمقراطية التشاركية التي تكمل الديمقراطية التمثيلية”.
وشدد على أن “الكرة الآن لدى المجتمع المدني ولدى المواطنين من أجل الاستفادة من هذا الحق، وفق المقتضيات القانونية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *