وجهة نظر

مسار سياسي معطل أم حالة وقف تنفيذ؟‎

شهد المجال التشريعي بالمغرب في العقد الماضي تحولا جذريا، كان رهانا متوافق عليه ، كما عرف قفزة نوعية سواء على المستوى الكمي والكيفي، لكن كل جهود توليد هذه الرزمانة القانونية لم يوقف نزيف ظاهرة الاحتجاجات والتي عرفت تصعيدا منقطع النظير.

ويبقى مشروعا التساؤل حول اسباب هذا الاختلال ،والذي يمكن حصره حسب تقديرنا في عنصرين أساسين:

1- ان المقتضيات القانونية لا تستجيب لحاجيات المواطنين بكل فئاتهم، و ان وثيرة التطور المجتمعي تجاوزت ايقاع ذلك الانجاز التشريعي المعتمد ، مما يجعل المؤسسة البرلمانية في نشاز مستمر مع متطلبات الواقع ،فوجود غرفتين في المؤسسة البرلمانية يساهم الى حد كبير في تقويض مسار اخراج المنتوج القانوني في زمنه السياسي المخصص له، اذ ان اعادة النظر فيه اضحت ضرورة ملحة قبل البحث في تفاصيل اخرى ،لان الزمن السياسي اصبح اسرع من مسار اداري متباطئ يدبر في غياب التوافق.

2-فشل ذريع للمواطن سواء كان فاعلا سياسيا او مدنيا في استيعاب التحول الاستراتيجي التي تشهده المرحلة ، وبالتالي فان تنزيل و تفعيل ورش الديمقراطية التشاركية لم يصل بعد الى مستوى الادراك بأهميتها وجدواها مرحليا ، ربما لان وعي المواطن قد تعرض لقوة صدمة التحول المتسارع لأسئلة الحاضر، فبقي حبيسا لتلك الديمقراطية التمثيلية المتجاوزة.

كما أن نشأة وولادة المؤسسة السياسية والمدنية، لم تعش ذلك المخاض الطبيعي والتطور العادي بل جاءت نتيجة لولادة قيصرية، تزامنت مع ارتفاع وعي مجتمعي والذي عبد الطريق لدستور2011 ذلك الدستور الواعد، فلولا ذلك العجز الواضح في بنية المؤسستين السياسية والمدنية والذي حد من مردوديتها وفاعليتها واجهض أي تجاوب مفض الى استقراء وتوليد قرارات جريئة لكان الامر مختلفا.

كثيرة هي القرارات التي مهد لها هذا الدستور، لكن بقي المواطن عاجز عن استثمار المحطة في مجموعة من المبادرات الواعدة والتي قد تحدث نقلة نوعية في تطوير مستوى وعي المواطن.

فمن الموكد ان الاحتجاجات التي حطمت ارقاما قياسية وتصعيد ملحوظ في حالة التشكي وانتقاد الوضع في السنوات الاخيرة ،لم تفهم جيدا اسلوب الديمقراطية التشاركية ،سواء في تقديم ملتمسات الى المؤسسة التشريعية، ومواكبة عملية الانتاج التشريعي في كل مراحله ،كما انها لم تستوعب قانون العرائض والذي عمر زمنا دون تحريك هذه المسطرة القديمة والتي مرت ثلاث سنوات على دخولها حيز التنفيذ.

فكوننا لا نستفيد مما تتيحه هذه الترسانة القانونية، يعني ان العطب وصل الى مداه، وان الكل لم يكن في مستوى التطلعات المنتظرة منه، أربعة وثلاثون حزبا ومئة واربعون الف جمعية لم تبادر طوال هذه المدة لتدشين مبادرة تفعيل قانون الملتمسات والعروض في حين اقتصرت وبقيت رهينة لنمط الاحتجاج ورفع الشعارات والارتهان لسياسة اللاات ، فهذا العدد الهائل من الفاعلين اشبه بخلايا نحل لو لم تشملها الاعاقة على مستوى وظائفها السياسية لأصبح الوضع اسلم .

فهل غياب التفعيل لهذا المقتضى القانوني مرده الى غياب للتأطيرو للتأهيل ؟ام لتعقيد المساطر ؟

بالتالي وجب اعادة النظر في الالية وطريقة وشروط تقديم العرائض سواء الى رئاسة الحكومة او الجماعات الترابية؟

ام نستعد للتخلي عن هذه الاليات والبحث عن انطلاقة جديدة وبدائل مبتكرة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *