وجهة نظر

الجماهري والجريمة ضد الأصول…

صديقي عبد الحميد الجماهيري، كعادتي ترددت كثيرا في كتابة هذه السطور لكون مقالك تحت “وزارة الصحة، ورضى الوالدين والحماية الاجتماعية ما بعد الموت”، كسر خاطري، و خلق عندي اهتزازا قيميا، هل أساير تحليلك الذي دغدغ عواطفي، أم أحكم فكري و عقلي و هويتي التي كنت أظن أنها تجمعنا، وهي الاشتراكية الديمقراطية وجوهرها التضامن كركيزة ينبغي تثبيتها في المجتمع، أم ارجع تقييمك إلى واقع سياسي في مرحلة تنعرف فيها تضاربا قيميا أم أن موقفك يدخل ضمن تكتيك سياسي تحت غطاء فكري لا نؤمن به، بغاية تحقيق أو حماية مصالح ذاتية انية؟؟؟.

تبعا لذلك، فإن هذا الموقف السياسي يدخل ضمن اختياراتك حسب ما يقتضيه الظرف، من أجل أن ينسجم مع الظرف الجديد أملا في الحصول على مصلحة موجودة.

الرفيق الجماهري، مادمت كسرت خاطري، فإنني سأستسلم لثقافة البوح، فأنا وفق ما يحلو لك وصفي بالثوري، و إن كنت أعتبر هذا الوصف شرف لا أدعيه، عندما فقدت أمي لم أشعر باليتم فقط، بل أدركت معنى رحيل الأم المفجع وغياب حنانها من البيت الذي أصبح فارغا دونها، رحمك الله يا أمي.

من خلال نساء الحي الذين التفو حولي شعرت أن في كل بيت هناك أمي، وتحول هذا الإحساس من الحي إلى الوطن، تعلقت بالفكرة الاتحادية و كانت منهجي إلى تجاوز الحي إلى الوطن من خلال تكريس التضامن بين الأفراد والأجيال والمنادات بالعدالة الاجتماعية وتحقيق التحرر كمثل في منهاج الفكرة الاتحادية.
بعيدا عن الذاتية المقيتة، فان واقع كلامك و كسرك لخاطري استدعى مني ضرورة تحقيق تحليلا مرحليا لأزمة الأداة السياسية لحزب كالاتحاد الإشتراكي، والذي لا يجب في تحليله أن نقف عند حدود بعض التجليات المرحلية، بل بضروة خلق أفق مستقبلي.

الرفيق عبد الحميد الجماهيري،
دعنا نتفق أولا على تشخيص الواقع عبر تحليل الملموس لواقع مأزوم، عنوانه التيه السياسي، و بروز انحراف فكري و سياسي، بعيدا عن منطق التبرير الواهي، كتحالف مع قوى التدين وشغل حقائب وزارية ذات مفعول باهت، و بروز قيادات حزبية فاقدة للوعي و المسؤولية، و غياب الدمقراطية الداخلية، كل هذا يعمق من انكماش القاعدة الانتخابية …

إن التحولات التي تعرفها قيادات الاتحاد الإشتراكي، ونعني تحديدا دور الحزب في إضفاء المشروعية على المخططات اللبيرالية الجديدة والتطبيق المباشر لتدابيرها، من طرف حكومة لا برنامج عملي لها سوى توصيات المؤسسات الدولية المانحة، حكومة شنت هجوم على مكاسب الاجتماعية.

إن حديث الجماهيري عن التضامن بشكل سطحي، في قانون التغطية الصحية للوالدين لهو دليل أخر بكون قيادات لا تعرف جوهر الفكر الاشتراكي و هو التضامن و غير مدركة ، لتحولات شاملة للشروط التي يجري فيها النضال ذو الفلسفة الاجتماعية، و هذا ما يفسر العجز المطبق في طرح البديل و تحديد الأدوات الضرورية لفهم شروط المرحلة .

و من جانب آخر نرى أن النقاش حول وضع التضامن هو نقاش سياسي. فالمفتاح لفهم أي فعل سياسي.

ان الاخ جماهري يجسد بأفعاله مشروع الفئات السائدة وتوليه مهمة قيادة هجومها على الحديث عن التضامن بين الأجيال دون أن تفهم مغزاه، مادام تحررت من راتب المعلم و شغلت مدير جريدة، و وفي هذا التحول تسلق طبقي فهو لم يعد يحس بهموم الطبقات الشعبية، و اليوم ينتظر نصيبه من الغنيمة الحكومية أو الحزبية بعقد تحالفات انتخابية متناقضة تجسد الهجانة السياسية.
هل سنضطر لتذكير الاخ الجماهري بكون الأحزاب بأفعالها لا بأقوالها، يقاس وزنها وخطها السياسي ومدى امتلاكها لسياسة اجتماعية تكرس التضامن، الذي يأتي من خلال امتلاك الوعي الطبقي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *