وجهة نظر

الاختلاط في المدارس بين العلمانية المغربية والعلمانية الغربية

كلما صدحت حناجر وعلت أصوات بالحديث عن الاختلاط في المدارس وما يترتب عنه من مظاهر غير مساعدة للتحصيل العلمي في تعليمنا المغربي، إلا و وعلت أصوات أخرى باسم الحداثة والتقدم ومسايرة العصر لرمي الفئة الأولى بالتزمت والظلامية والانحطاط، ويمثل الفئة الأولى الشعب المغربي بكل فئاته وأطيافه لكونه شعبا مسلما جعل هواه تبعا لما جاء به الشرع الحنيف، ويمثل الفئة الثانية التيار العلماني الذي يدعي الحداثة والعصرنة من مثل الذي نضجر بذكر اسمه حيث نطق مؤخرا ليعتبر الدعوة إلى عدم الاختلاط في المؤسسات التعليمية هي محاولة لإعادة عصر الوصاية والحجر على الناس، وأن المنادين بذلك لا يدركون أسس المدرسة الحديثة ويفكرون بمنطق المسيد والمدارس القرآنية.

إن الفئة الأولى اعتمدت فيما ذهبت إليه على مبررات منها تصفية أذهان الشباب والشابات من أجل الابتعاد عن كل ما يلهي عن الجدية والمسؤولية في البحث والتحصيل، ومساعدة اليافعين على تخطي مرحلة المراهقة بسلام وبتوازن نفسي وعقلي وروحي يتجانس مع شرف العلم وسلوك طريقه. والفئة الثانية اعتمدت مقاربة علمانية لا أخلاقية ولا علمية تعمل من خلال دعوتها إلى تحرير الجسد وحرية العلاقة بين الجنسين، وأحيانا تتطرف إلى أبعد من ذلك حيث قامت من خلال حملات تعبوية إلى توزيع العازل الطبي في الثانويات، وتقديم إرشادات في كيفية تجنب السيدا والزهري والسيلان. فإذا كان هذا معمولا به في دولتنا التي ينص دستورها على إسلامية الدولة، فماذا سنقول عن دول غربية هي أم الحداثة ومتفوقة علينا نحن العرب علميا وتكنولوجيا وتعليميا؟ وماذا سيكون موقف العلمانيين عندنا إذا علموا أن الغرب يعمل على محاربة الاختلاط في مدارسه؟ هل سيعتبرون ذاك حداثة؟ أم أنهم سيعتبرون الغرب قد حاد عن خياره الحداثي وتنكر للحداثة وارتد عنها؟

خبراء ومختصون في بريطانيا قاموا بأبحاث أثبتوا من خلالها أن مدارس البنات تحقق نتائج أفضل من المدارس المختلطة بصورة ثابتة ومستمرة، وأن نتائج المدارس المختلطة عموما أدنى بكثير من المدارس غير المختلطة، مع تسجيل أن نتائج مدارس البنات كانت أعلى من نتائج مدارس الذكور. وجاء في الدراسة التي أعدها مفتشون تربويون أنهم بعد أن أخذوا الظروف الاجتماعية والاقتصادية بعين الاعتبار، وجدوا أن مدارس البنات تتمتع بمستوى أفضل من ناحية الكفاءة والمزاج ونوعية التعليم . وقد شملت الدراسة التي تعد الأولى من نوعها في بريطانيا، أكثر من خمسة آلاف دراسة تفتيشية للمدارس البريطانية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، واعتبرها الخبراء أقوى دليل، حتى الآن، على تفوق البنات في الأداء الأكاديمي على البنين بشكل ثابت ومستمر حين يتلقين تعليمهن في مدارس غير مختلطة. واستنتجت الدراسة أنه في المناطق الفقيرة المحرومة من الخدمات الاجتماعية حققت مدارس البنات في امتحان الثانوية العامة نتائج أفضل بنسبة 21% من مدارس البنين، ونتائج أفضل بنسبة 30% من المدارس المختلطة. في حين كانت نتائج البنات في المناطق ذات المستوى الاقتصادي المرتفع، أعلى بنسبة 5% من مدارس البنين وبنسبة 27% من المدارس المختلطة.

وفي أمريكا، دعت الجهات المختصة إلى عدم اعتماد الاختلاط في التعليم، وهي موقنة أنه سيحقق الأفضل للشباب الأمريكي المتمدرس. والذي يؤيد هذا التوجه يرى أن هذا القرار سيؤثر إيجاباً في مستوى التعليم. وكما جاء في الصحيفة الرسمية الأمريكية أن الوزير المختص ينوي اقتراح تعديلات للتنظيمات المطبقة تهدف إلى توفير هامش مبادرة أوسع للمدراء من أجل إقامة صفوف ومدارس غير مختلطة. ومن أهم أهداف هذا القرار كما يرونه هو توفير وسائل جديدة أفضل لمساعدة التلاميذ على الانكباب على الدراسة، وتحقيق نتائج أفضل. ومن الذين احتجوا على هذا القرار البروفيسور بيتر كوزنيك الاختصاصي في تاريخ الحياة الجنسية في الولايات المتحدة الأمريكية الذي يرى أن: هذا المشروع القاضي بالفصل بين الذكور والإناث لن يخمد الرغبة الجنسية. وكأني به ينظر إلى القرار من زاوية تخصصه في إشاعة الممارسات الجنسية بين الجنسين. بينما يرى خبراء آخرون أن ما تدعو إليه الإدارة الأمريكية سينعكس إيجاباً على التلاميذ، ومنهم البروفيسور إميليو فيانو وهو رجل قانون متخصص في النظام التربوي في أمريكا وأكد أن عدداً من الدراسات التي أجريت بإسهام من الطلاب والطالبات أثبتت أنه في بعض مراحل النمو ينجز الفتيان والفتيات دراستهم بطريقة أفضل حين لا يكونون مختلطين.

وأكدت هذه النظرة الجمعية الوطنية لتشجيع التعليم العام غير المختلط عن طريق استعراض نتائج دراسة أجرتها جامعة ميتشغان في بعض المدارس الكاثوليكية الخاصة المختلطة وغير المختلطة مشيرة إلى أن الفتيان في المدارس غير المختلطة كانوا أفضل مستوى في القراءة والكتابة والرياضيات كما أن الفتيات في المدارس غير المختلطة حققن نتائج أفضل من تلميذات المدارس المختلطة في العلوم والقراء.

وفي الصين تم إعطاء انطلاقة العمل بدون اختلاط بين الجنسية سنة 2011 بمدينة قوانغدونغ حيث تم تسجيل ألف طالبة في القسم المتوسط الخاص بالإنات.

ونحن نقول: في الوقت الذي لا يتوقف خبراء ومفكرو الغرب في التفكير وإجراء البحوث تلو البحوث من أجل ضمان مستقبل تعليمي مواكب ومتميز من شأنه أن يحقق مستقبلا قويا ومضمونا في حراك عالمي يعج بالمنافسة والتنافسية، لازال العلمانيون عندنا يدوسون بأقدامهم العلم ومتطلبات التفوق والنجاح والتميز فقط عنادا وعداء للدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • فاطمة الزهراء اوماني
    منذ شهرين

    هناك اشكال في المدارس والجامعات هناك موضوع حول الفرق بين الجنسين في المدرسة نريد موضوع للمناقشة حوله ادا كان ممكن