مجتمع

الأطباء يشلون مستشفيات المملكة.. والعلوي: نسبة الإضراب فاقت %90 (صور)

شل أطباء القطاع العام مختلف مستشفيات المملكة، اليوم الإثنين، في إضراب وطني دعت إليه النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، ونظموا وقفات احتجاجية جهوية متزامنة بعدد من المدن، تنديدا باعتقال طبيب في العرائش وتوقيف آخر بتزنيت، كما نظم أطباء بالقطاع الخاص إضرابا متزامنا بمجموعة من المدن، دعت إليه التنسيقية النقابية للأطباء العامين بالقطاع الخاص تضامنا مع الطبيبين المذكورين.

واحتشد المئات من أطباء القطاع العام في وقفات احتجاجية جهوية بكل من أكادير والعرائش ووجدة ورزازات وأزيلال، تضامنا مع الطبيين ياسر بناني الذي يوجد رهن الحراسة النظرية على خلفية وفاة امرأة حامل وجنينها بالعرائش، وفريد قصيدي الذي أوقفته وزارة الصحة بتزنيت، معتبرين أن “الطبيب ليس هو الشماعة التي تعلق عليها إخفاقات المنظومة الصحية”، وفق تعبيرهم.

وردد المحتجون هتافات تصف المنظومة الصحية بالمغرب بأنها “فاشلة”، مطالبين الوزارة الوصية بـ”المراجعة الاستعجالية والفورية للمرسوم الخاص بالحراسة والإلزامية، قبل سقوط مزيد من الضحايا الجدد من الجانبين”، مشددين على ضرورة إرساء نظام حراسة حقيقي ومتكامل، يضمن الأمن الصحي للمواطن والطبيب على حد السواء، رافعين شعار “باركا من الضحايا من المرضى والأطباء”.

“ضحايا من المرضى والأطباء”

المنتظر العلوي، الكاتب الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، كشف لجريدة “العمق”، أن نسبة الإضراب في القطاع العمومي على المستوى الوطني هذا اليوم، بلغت %91.6، حيث وصلت النسب على المستوى الجهوي إلى %96 بجهة طنجة تطوان الحسيمة، %90 بجهة الشرق، %95 بجهة سوس ماسة، %80 بجهة بني ملال خنيفرة، %87.3 بمناطق وسط المملكة.

وأشار العلوي إلى أن “الإضراب الوطني الذي عرف استجابة شاملة باستثناء الملتزمين بالحراسة والإلزامية بكل أقسام الطوارئ والإنعاش والمستعجلات، إضافة إلى الوقفات الاحتجاجية، “جاءا للتعبير عن التضامن مع جميع الضحايا من المواطنين أو الأطباء ضد المرشوم المشؤوم المتعلق بالحراسة الإلزامية الذي يلزم الأطقم الطبية على قلتها ما لا تطيقه النفس البشرية”، وفق تعبيره.

وتابع قوله: “لا يمكن للنفس البشرية أن تتحمل العمل 24 ساعة متواصلة ليلا ونهارا وطيلة 20 يوما أحيانا دون راحة، لا نريد أن نكون ضحايا لعجز الوزارة، فهذا المرسوم يؤدي لكوارث وضحايا وسيؤدي لمزيد من الضحايا، والواجب هو إرساء نظام حقيقي للحراسة وهو ما لا تستطيع الوزارة تطبيقه في كثير من المناطق بسبب عجزها عن توفير الموارد البشرية بشكل كاف، وهذا ما كنا ننضال من أجله لسنوات”.

وأوضح أن “بعض الأطباء لهم تخصصات نادرة حيث تجد طبيبا وحيدا في جهة بأكملها مكلفا بجميع حالات تلك الأقاليم، بل يمنعونه حتى من الاستفادة من الرخصة الإدارية السنوية التي هي حقه”، مضيفا: “هناك توقيفات عن العمل ومتابعات قضائية في حالة اعتقال وسراح، لقد أصبحنا كلنا مهددين بالاعتقال، لذا ندق ناقوس الخطر من أجل إيقاف هذا النزيف، لأننا وصلنا حاليا إلى 1300 استقالة جماعية على المستوى الوطني والوزارة لم تقبلها”.

“وقف النزيف”

أحمد القايدي، الكاتب الجهوي للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بجهة طنجة تطوان الحسيمة، قال في تصريح لجريدة “العمق”، إن الإضراب الوطني والوقفات الاحتجاجية التي شهدتها عدة مدن اليوم، تأتي لترفع المسؤولية عن ما يقع في قطاع الصحة عن الطبيب، وتحمل المسؤولية الحقيقية للوزارة والحكومة، باعتبارهما المسؤولان عن القطاع من موارد بشرية وتجهيزات وغيرهما.

واعتبر القايدي أن نظام الحراسة الإلزامية تسبب في سقوط ضحايا في صفوف المرضى والأطباء، مشيرا إلى أن ما وقع في العرائش “ليست الضحية الأولى ولن تكون الأخيرة بسبب سياسية الوزارة الوصية”، لافتا إلى أن تحميل الطبيب مسؤولية الأوضاع الكارثية لقطاع الصحة يجعل كل الأطباء سجناء مع وقف التنفيذ، داعيا إلى “إنقاذ القطاع قبل فوات الأوان”.

القايدي وهو طبيب الإنعاش والتخدير بالمستشفى الإقليمي سانية الرمل بتطوان، أشار إلى أن الوقفة التي نظمها المكتب الإقليمي لنقابته بالعرائش اليوم، تثير الانتباه إلى المتابعات القضائية التي يتعرض لها الأطباء “في ظل اشتغال معظمهم في ظروف تفتقر لأبسط الشروط القانونية والعلمية، والتي تُعرّض معها حياة المواطنين للخطر”.

إضراب القطاع بالخاص

من جانبهم، خاض أطباء بالقطاع الخاص، إضرابا وطنيا إنذاريا دعت إليه التنسيقية النقابية للأطباء العامين بالقطاع الخاص، وذلك من أجل “مقاومة محاولات طمس الحقائق وسياسة الإنفراد بالقرار والتجبر الذي تمارسه الوزارة”، وفق بلاغ للتنسيقية توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، مشددة على أن “الجسم الطبي هو جسم واحد ولن يرضى أن تداس كرامته وقيمته في سبيل أهداف غير معلنة”.

شراف لحنش رئيس التنسيقية الوطنية الأطباء العامين بالقطاع الخاص، أوضح لجريدة “العمق”، أن الإضراب استجاب له أطباء أغلقوا عياداتهم بكل من تطوان، مرتيل، طنجة، مولاي بوسلهام، العرائش، القنيطرة، الرباط، بوزنيقة، الدار البيضاء، برشيد، المحمدية، الجديدة اليوسفية، بني ملال، الفقيه بن صالح، شيشاوة، الصويرة، آسفي، أكادير، سيدي يحيى، سلا، الراشيدية، الناظور، الدريوش، أزيلال الخميسات، سوق الأربعاء الغرب.

واعتبرت التنسيقية ذاتها في بلاغها أن “الإعتقالات بصفوف الأطباء في ظل غياب تحمل الوزارة الوصية لأي مسؤولية مباشرة وغيابها عن إيجاد أي حلول لجميع المشاكل العالقة والتي تستفحل يوما بعد يوم، يدفع للحنق والإحساس بالظلم خاصة مع استهداف الأطباء وتوجيه تهم كبيرة وخطيرة وأحكام سالبة للحرية في أفعال داخل الإطار المهني”، وفق تعبيرها.

وأضافت أن “الحكم على الأشياء بسطحية والإقرار بمسؤولية أفراد مباشرة عن أحداث مؤسفة نتيجة إفلاس منظومة صحية اعترف الجميع بعجزها عن معالجة وإيقاف النزيف الذي يحصد وسيحصد أرزاق وأرواح المرضى والمهنيين من أطباء وغيرهم، يعتبر هروبا إلى الأمام وضحكا على الذقون هدفه بالأساس البحث عن أكباش للفداء في ظل تنصل المسؤولين الحقيقيين عن القيام بما يلزم حفاظا على أرواح الأبرياء مهنيين ومواطنين”.

وعبرت التنسيقية، عن “تضامنها المطلق مع الأطباء في محنهم سواءا في القطاع الخاص أو العام”، داعية “إلى إحكام العقل والكف عن استهداف العنصر البشري على قلته و الذي سيزيد من حالة الاحتقان و الغليان الذي يعرفه القطاع”، مستنكرة ما اعتبرته “الصمت المريب للهيئة الوطنية للأطباء، وعدم تفعيل المسطرة القانونية قصد مؤازرة منتسبيها ومتابعة الملفات طبقا للقوانين المؤطرة للمهنة 13-131 و08.12″.

وحملت وزارة الصحة والحكومة “المسؤولية الكاملة عن كل الأحداث المؤسفة التي تهدد صحة المواطن المغربي”، مطالبة الوزارة بـ”مراجعة مشروع القانون المنظم للعيادات الطبية، والأخذ بعين الإعتبار المقترحات البناءة المقدمة في يوليوز 2017، وإخراج التغطية الصحية للوجود مع مراجعة نسبة المساهمة الخيالية”، كما دعت إلى “فتح حوار اجتماعي حقيقي أو إعلان بلوكاج من طرف الوزارة والحكومة لكي يكون للنقابات كلام آخر بدون تسويف وضحك على الذقون”.

“ظروف كارثية”

وكان بلاغ للمكتب الجهوي للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بجهة طنجة تطوان الحسيمة، قد أشار إلى أن “ظروف عمل كارثية ونظام حراسة لا يحترم الطاقة القصوى للبشر، كانت نتيجتها وفاة إمرأة حامل بالعرائش، ما تسبب في احتقان اختارت الإدارة إخماده بالتضحية بطبيب النساء والولادة الذي يتابع تعسفاً بتهمة يتحمل فيها المندوب الإقليمي ومن خلاله وزارة الصحة كامل المسؤولية”.

وأضاف البلاغ: “بدل أن تقوم المفتشية الجهوية للصحة المعينة من طرف المديرية الجهوية التي تعتبر طرفاً في القضية، ببحث نزيه ومحايد في النازلة الخاصة بوفاة المرأة الحامل التي يتابع فيها الطبيب، آثرت هذه المفتشية إلا أن تجانب الحياد، وذلك بإبعاد المسؤولية عن المندوب الإقليمي لوزارة الصحة بالعرائش ممثل وزارة الصحة والذي يتحمل المسؤولية كاملة”.

ولفت المصدر ذاته، إلى أن مندوبية الصحة “لم توفر العدد الكافي من الأطباء الأخصائيين لتغطية نظام الحراسة الكفيل بالتكفل بجميع الحالات المتوافدة على المستشفى، بدل استنزاف طبيب يقوم بحراسة لأربعة وعشرين ساعة في اليوم لمدة غير محددة، مع عدم الاستجابة لأزيد من ثلاث سنوات لطلب توفير قاعة للولادة بالعرائش بدل الإشتغال في قاعة أخرى داخل مصلحة مابعد الولادة غير مجهزة و لا تستجيب لأبسط الشروط العلمية”.

وقرر المكتب الجهوي للنقابة ذاتها بجهة الشمال، تكليف خلية أزمة جهوية لتتبع قضية الطبيب المعتقل، وتعيين محامي إضافي للمؤازرة والإتصال بكل الأطراف المعنية إقليمياً وجهوياً ووطنياً، “مع التأكيد على احترامنا وثقتنا في نزاهة القضاء”، ومراسلة وكلاء الملك في جميع أقاليم الجهة بخصوص المصالح والمراكز التي لا تحترم الشروط القانونية والعلمية، وإبلاغها من خلالها بالخصاص في الموارد البشرية واللوجستيكية التي يمكن أن تسبب في خطر على صحة المواطنين”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *