منتدى العمق

التعديل الحكومي: تقليص، تكنوقراط وتحديات

يعرف المغرب تراخيا اقتصاديا وتأزما سياسيا وبلوكاجا حكوميا، ممى استدعى التدخل الملكي تحت عنوان تغيير حكومي تقني في الظاهر يرمي إلى تقليص عدد الحقائب الوزارية وتجميع القطاعات في أقطاب؛ وباطنه سياسي عنوانه النموذج الجديد للتنمية.

فهل تنجح هذه الخطوة في إخراج المغرب من حالة الجمود التي ظل يراوح مكانه فيها لعدة سنين، على الرغم من استقراره في جوار مضطرب؛ ونجاته من أزمة مالية طحنت العالم؛ وإطلاقه لمشاريع كبرى وبنيات تحتية أساسية؟

عادة ما يأتي التدخل الملكي لحل الخلافات السياسية الضيقة؛ ولأن دور الملك الدستوري هو الموازنة ما بين جميع الاطراف والدفع بالبلاد قدما. والملاحظ في الخطابات الملكية منذ سنوات، امتعاض الملك محمد السادس من مستوى التدبير الحكومي و خمول الوسط السياسي العام؛ فكانت هذه الخطابات على شكل توصيات للرفع من أداء العمل الحكومي ولفتح عدة مشاريع يمكنها النهوض بواقع المغرب اقتصاديا و اجتماعيا و مجاليا؛ وواكبها عمل ملكي مباشر داخليا، بإطلاقه و رعايته الشخصية لعدد من المشاريع المهيكلة؛ وخارجيا، من خلال الانفتاح الدولي على افريقيا.

إلا أن هذه الدينامية الملكية صاحبها، و منذ انهائه للبلوكاج الحكومي الشهير، إنشاء حكومة جديدة مكوناتها غير متجانسة، فأدى ذلك إلى انقطاع التواصل داخل الحكومة نفسها، وبين الحكومة والمؤسسات الاخرى (برلمان، باطرونا، نقابات…).

كل هذا فوت على المغرب فرص ثمينة، مثل استقطاب استثمارات مهمة والاستفادة من التجهيزات الكبرى -عكس إشعاع المغرب في محيطه دوليا- وهو ما انعكس (حسب ما تؤكده دائما الخطابات الملكية) على مسلسل التنمية الذي لم يكن عادلا اجتماعيا ومجاليا. وهو ما ينذر بتأخر المصالح على العموم. ويأتي هذا التغيير المهم، في نصف الولاية التشريعية ، لتدارك ما يمكن تداركه.

فدور الحكومات المنتخبة هو خدمة الشعب من خلال برامج ومشاريع حكومية قطاعية مبنية على الالتقائية والتكامل، هدفها خدمة المواطن واستمرارية المؤسسات ؛ لكي لا يكون أفقها محصورا فقط بمدة ولاية تشريعية معينة؛ وبالتالي فالتدخل الخارجي (الدستوري هنا) لابد منه في بعض الأحيان من أجل إعادة هيكلة هذا الجهاز التنفيذي.

هنا يمكن فهم لماذا اختار الملك مجموعة من التكنوكراط لتدعيم الجهاز الحكومي. فهل ستستطيع لمسة التكنوكراط في الحكومة الحالية إنجاح مهمتها الرئيسية، وهي وضع قاطرة البلاد على سكة التنمية، قبل حلول موسم الانتخابات القادم وما سيسبقه ويليه من بوليميك سياسي لا يقدم بل يؤخر عادة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *