التفكير أولوية تربوية للتواصل

الجزء المحذوف من كلماتنا، الأحلام التي لا نخبر عنها أحداً، النظرة التي نحتفظ بها حتى نستدير، هي نحن في الحقيقة. ” وليم شيكسبير”
أثناء تحليلنا لنص سردي.. انزعج متعلمو الجذع المشترك العلمي كثيرا من تنكر الأم لعزيز الابن الذي هاجر بلدته إلى فرنسا لمدة ثلاثين سنة دون أي شكل من أشكال الاتصال..
(- عزيز مات ودفناه منذ ثلاثين عاما.،، وأغلقت الباب وسمع خطواتها تبتعد… ) فُتح الحوار تبادليا بين مجموعة الصف…
عبر أحمد عن مسؤولية الأم في قطيعة عزيز وانقطاع أخباره عنها..كما رفض أحمد حكم الأم بموت الابن دون سماع مبرراته..
وقالت آية : يجب إعطاء فرصة لعزيز حتى يبرر غيابه، قد يكون السبب قاهرا!!..
عماد الدين : لماذا ينسى الآباء حق الأبناء في استقلاليتهم واختيار مسارهم بعيدا عن سلطوية الآباء وتحكمهم
خديجة : لو أن الأم كانت طيبة معه، ووفرت له احتياجاته لما غادر كل هذه المدة دون أن يتصل
ملاك : أرى أن المسؤولية تقع على عاتق الأم، قد تكون ربته تربية غرست فيه الأنانية وحب الذات، فكبر ورمى كل شيء خلفه بلامبالاة..
ياسر : ما بالكم؟! وأين حق هذه الأم؟! عزيز جاحد.. مهما كانت ظروف عزيز بفرنسا لا شيء يشفع له انقطاعه عن والدته.. أتفق مع الأم وقرارها صائب.. غيثة تُزكِّي رأي ياسر وتدعمه..
عبد الحميد : أرى أن الجواب يكمن في قوله تعالى : ” إنه عمل غير صالح ” …
كل هذه الآراء والأفكار أشعرتني بالفخر والاعتزاز وأنا أتتبع حلقة النقاش الدائر بين مجموعة الصف وكل متعلم يعبر عن ذاته ويؤكد عبر تدخله سعيه إلى تطوير شخصيته.. من خلال قصة عزيز وعلاقة الآباء بالأبناء ومسؤولية كل طرف..
أحسست بمسؤولياتنا نحن الأمهات والآباء.. الأستاذات والأساتذة في خلق تلك البيئة التي تحتضن ” تطوير الشخصية” فإما أن نقابل فعل التطوير بالإحباط وعدم الإيمان، أو نحيطه بالاهتمام والثقة فنغديه ونعززه وأهم الخطوات : التقبل – أن نكون مساندين غير متحكمين- أن نعمل على التخطيط والتنظيم- خلق مساحة من الحرية- التحفيز وتنويع وسائل وسبل التوجيه…
وبالعودة إلى عزيز بطل نصنا السردي، ( الذي أصر المتعلمون على عدم تقبل فرضية أو احتمال أن المرأة العجوز يمكن أن تكون زوجة وليست أما لعزيز ) بالعودة إلى مقتطف النص، فتدخلات المتعلمين كانت مميزة استنادا إلى الزاوية التي انطلق منها كل منهم.. وكلها تدفعنا نحن الأولياء إلى ضرورة توجيه وتربية أبنائنا بل وتعويدهم على تحمل المسؤوليات.. في البيت في المدرسة.. في مواقف حياتية لمواجهة الابن لأخطائه ومحاولة حلها، مع ترك مسافة يتابع من خلالها الولي تصرف الابن/ البنت.. تحمل المسؤولية يجعل أبناءنا أقوى ويعينهم على مواجهة ما سيعترضهم في المستقبل، ويساعدهم على التفكير في الآخرين بأنانية أقل وفاعلية أكثر.. بل ويساعدنا نحن الأولياء من الاعتماد على أبنائنا.. لأننا بحاجة لجيل مسؤول وليس جيلا اتكاليا أو معاقا..
دروس الحياة صادمة هي أقل مراعاة وأكثر قسوة.. فَلْنُعِنْ أبناءنا عليها ولْنُرَبِّهم على الإقدام لمجابهتها.
* شاعرة وباحثة مغربية
اترك تعليقاً