وجهة نظر

اتحاد طنجة والحاجة إلى مسؤولين عقلاء

أخيرا قدم المكتب المديري لفريق الاتحاد الرياضي لطنجة ( فرع كرة القدم ) استقالته الجماعية بعد سنوات من التخبط التدبيري ، و العشوائية بالغة السوء التي تعاطى من خلالها مع القضايا الملحة و المصيرية لهذا النادي الطموح . و قد سبق لكاتب هذه السطور أن نبه في أكثر من مناسبة إلى المستوى الهزيل في مهمة تسيير هذا المكتب غير المأسوف عليه ، و أبرز في مقالات صحفية عديدة بعده التام عن المقاربة العلمية و العقلانية المستندة إلى روح المهنية الراجحة ، و سقوطه المدوي في أخطاء صبيانية أدى فارس البوغاز ثمنها غاليا . و قد أعلن المكتب في بلاغ الاستقالة الجماعية أن هذه الأخيرة تعود إلى جملة من الأسباب ، من ضمنها “السب و القذف الذي يمارس في حقهم ( المسؤولين ).. من بعض الجماهير” و كذلك إلى “الضغوط الكبيرة التي تمارس على المكتب المديري ، رغم تحقيقه نتائج مبهرة” ، فضلا عن “ترويج الشائعات و القيام بحملات ممنهجة من أجل رحيل الرئيس” . و الحقيقة التي يعرفها كل متتبع لمسيرة الاتحاد ، أنه منذ الصعود إلى القسم الوطني الأول ، وهو يواجه عددا كبيرا من المشاكل الناجمة عن القرارات المزاجية و العجائبية ، التي أصبحت حديث كل من له دراية متواضعة بالشأن الرياضي داخل طنجة و خارجها .

ليس هناك ناد كروي في العالم لا يسلم من انتقادات بعض الجماهير الغيورة على سمعته ، و بالتالي فعلى مسؤولي المكتب المديري ألا ينتظروا رشقهم بالورود ، و هم يغامرون بطموحات و أحلام الساكنة التي كانت تمني النفس لترى فريقها يقطع مع أخطاء الماضي ، و يبصم على عهد جديد يليق بالمكانة الاعتبارية لمدينة طنجة الكبرى . أما الضغوط التي أشار إليها البلاغ فليست إلا ملاحظات صادقة و صادرة من المدرجات الهادرة ، ومن يتأثر بضغوط المشجعين لا يستحق أن يقود ناديا بحجم و وزن الاتحاد الذي أحدث زلزلا في المشهد الكروي الوطني ، و أيقظه من سباته العميق . و في نفس السياق فإن الإشاعات و الحملات الهادفة إلى إزاحة السيد الرئيس ، فقد كانت نداءات موضوعية من أجل تصحيح الاختلالات و تقويم المسار و تغيير منهجية العمل من أجل الأفضل . لم يكن للمكتب المديري أية استراتيجية واضحة المعالم ، و لا تخطيط يستحضر المدى القريب و المتوسط و البعيد ، و يستفيد من عطاء أبناء المدينة و ما أكثرهم ، بل كان شغله الشاغل هو أن يستبدل جل اللاعبين في نهاية كل موسم بلاعبين “جدد” أقل أداء و فنية و جودة ، و غالبا يتم اختيار تشكيلة طاعنة في السن غير قادرة بالمرة على مضاهاة منافسيها في الإنجاز المباشر على أرض الواقع ، دون الحديث عن هواية إقالة المدربين ، باستهتار حطم كل الأرقام القياسية “الرياضية” ، فمنذ الصعود إلى قسم الأضواء ، تم التخلي عن الإطار الوطني البارز محمد أمين بنهاشم ، ليتم استدعاء السيد عبد الحق بنشيخة ثم بادو الزاكي فإدريس المرابط فأحمد العجلاني فعبد الرحيم طاليب و أخيرا و ليس آخر نبيل نغيز !

كيف يمكن أن نبني شخصية قوية لفريق رياضي بهذا التسيير العبثي ؟ كيف يمكن أن نضمن الاستقرار و الثبات من أجل صقل الأتوماتيزمات ، و التعود على خطط محددة و هادفة ، لتصبح عناصر قوة من شأنها أن تتحول إلى قيمة مضافة و فعالة ؟ و ما ذنب الاتحاد الرياضي لطنجة إذا كان له مساندون كثر قادرون على خلق الفرجة ، و تقديم الدروس الرفيعة في المساندة الحضارية غير المسبوقة وطنيا ؟ في اعتقادي الشخصي إن جماهير فارس البوغاز عاشقة للكرة و متذوقة لتجلياتها و متتبعة لمختلف البطولات الدولية و من زمان ، و هي لا تنتظر أكثر من الاستمتاع باللعب الجميل و اللمسة الفنية الساحرة و العمليات المحبوكة الصنع ، أما الألقاب فإذا تحققت فمرحبا . إن هكذا جماهير عظيمة مجنونة بحب ناديها ، لا تتخلى عن مساندته غير المشروطة ، في حاجة ماسة إلى مسؤولين إداريين متخصصين في تدبير و تسيير الشأن الرياضي و .. الشأن الرياضي فقط !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *