وجهة نظر

الجهوية المتقدمة ومشروع قانون المالية

تعتبر الجهوية المتقدمة من الإصلاحات المؤسساتية والهيكلية، ومازال تنزيل ورش الجهوية المتقدمة يعرف تعثرات جوهرية مما جعل الحصيلة غير متناغمة مع الطموحات التي راهنت عليها الدولة والمجتمع. رغم أن الحكومة تتحدث عن نفقات الاستثمار الخاصة بالجهات تقدر ب 5.74 مليار درهم لسنة 2018، و16.8 مليار درهم بالنسبة للجماعات الترابية الأخرى خلال نفس السنة. والسعي للعملية الإصلاحية لهذا الاختيار الجهوي رهين حسب التقدير الحكومي بنظام التعاقد وتنزيل مقتضيات اللاتمركز الإداري، بهدف إقرار نموذج تنموي سوسيو-اقتصادي وترابي شامل ومستدام. والسؤال المطروح هو أين يتموقع المشروع التنموي الجديد من هذه الحركية الحكومية والجهوية؟ هل شرحنا المفهوم المدني للتراب؟ ما موقع القطاع الخاص والمجتمع المدني من هذا الإصلاح؟

إن ضبط الإيقاع الجهوي، كما أراده الدستور والقوانين التنظيمية مرتبط بإصلاحات أخرى عميقة، فتحتها الحكومة لكنها محفوفة بالأشواك نحو المنظومة الجبائية ، وأنظمة التقاعد، ومنظومة العدالة، والإدارة العمومية…

وهناك أوراش أخرى لا تقل أهمية عما ذكرناه -تصب في ترقية الجهوية المتقدمة- فتحتها الحكومة رغم العراقيل الذاتية والموضوعية نحو: هيكلة المؤسسات العمومية والمقاولات، بطريقة عصرية، وتجديد تدبير الاستثمارات العمومية، وحسن تنزيل مقتضيات القانون التنظيمي لقانون المالية…

إن العمل الحكومي بالتنسيق مع كل الفرقاء للأوراش المفتوحة المذكورة سلفا، وتغيير العقليات سيؤسس لحكامة ترابية، هاته الحكامة مرتبطة بإصلاحات جوهرية حددتها الحكومة فيما يلي:

الرفع من الموارد المالية للجهات، بناء على القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات، وفي هذا الإطار تم تخصيص نسبة 5 بالمئة من الضريبة على الشركات و5 بالمئة للضريبة على الدخل و20 بالمئة من الرسم على عقود التأمين، و2.7 مليار درهم من الميزانية العامة خلال سنة 2019، حيث بلغت الموارد المرصودة 8.46 مليار درهم . بالمقابل بلغت حصة الجماعات الترابية الأخرى من الضريبة على القيمة المضافة 30 مليار درهم مع الأخذ بعين الاعتبار ما يؤخذ مركزيا من أجل تمويل التحملات المشتركة نحو المشاريع الاستثمارية المهيكلة، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والنفقات المتعلقة بالتسديدات والتخفيضات والارجاعات الضريبية…ويبقى سؤال التتبع والافتحاص والتقويم ضرورة ملحة؟

وقد خصص للوكالات الجهوية لإنجاز المشاريع ميزانية قدرت ب 3.65 مليار درهم إلى غاية يوليوز 2019. إن تعزيز تنزيل الجهوية المتقدمة مرتبط كذلك بالتنزيل السلس لإصلاح الجبايات المحلية، تنمية للمداخيل المساعدة على تحقيق الغايات المسطرة من وجودها. فإلى أي حد سيوفق هذا التنزيل بناء على توصيات المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، من خلال العنوان الأكبر: التقائية جبايات الدولة والجبايات المحلية: عدالة و تبسيط؟ وكيف يمكن تعزيز الموارد الذاتية للجماعات الترابية انطلاقا من الحقوق الأساسية، والعقلنة الاقتصادية، والتماسك، والادماج، والحكامة الجيدة؟

هناك مشروع تسعى الحكومة إلى تعميمه هو توحيد الرؤية والنظرة حول منطق التفريع الذي يهم الاختصاصات الذاتية والمنقولة والمشتركة. وما زالت الحكومة تعمل على بلورة إطار مرجعي للعقود والاتفاقيات، وتستهدف مجموعة من المجالات نحو: التكوين والتشغيل وتهيئة مناطق الأنشطة الاقتصادية…

باستثناء جهتين تم التأشير على برامج التنمية الجهوية، بعد المصادقة عليها من قبل مجالسها المنتخبة، بكلفة إجمالية 411.44 مليار درهم. ونتمنى أن تفعل هذه البرامج من خلال التسريع بالعقود المستوعبة للبرامج بين الدول والجهات في الفترة الزمنية ما بين 2019-2021.

نخلص إلى أن إنجاح الورش الجهوي مرتبط بالإسراع بالمتفق عليه كل من زاويته بكل موضوعية وشفافية، مع احترام الاختيار الديمقراطي، والمواطنة، والتشاركية، والحكامة الجيدة ، وربط المسؤولية بالمحاسبة…

ونظرا لارتباط الجهوية المتقدمة باللاتمركز الإداري ، باعتبار التنظيم الترابي للملكة تنظيم لا ترابي، قائم على الجهوية المتقدمة. سنرجئه إلى مقال آخر بحول الله.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *