وجهة نظر

عين على الحدث

تصريحات الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار “عزيز أخنوش” أمام بعض مغاربة إيطاليا، قد تكون زلة لسان في لحظة حماسة، وقد تكون خروجا عن النص، في مناسبة كانت تقتضي التحكم في الكلمات والعبارات، وقد تكون ضحية سوء الفهم وسوء التأويل، وفي جميع الحالات، فتصريحات الرجل، كان لها ما لها من تداعيات، بعدما وضعها الكثيرون في خانة “الإساءة” و “الإهانة”، بشكل جعل الرجل هدفا للقصف، الذي وصل حد السب والشتم والتشهير، والتسديد من جميع الزوايا والمستويات، فقد نحتج على الرجل فيما صدر عنه من تصريح، وقد نعارضه بلغة السياسة، وقد نختلف معه من حيث التوجهات والمواقف، لكننا ندين ما تعرض له من إساءة وصلت حد الإهانة وما يدور في فلكها، دون أن نترك له حق الرد أو حق التعقيب، أو حتى فرصة “الاعتذار”..

لا ندافع عن أحد ولا نلمع صورة أحد، ونحن أبعد ما يكون من السياسة، ونرى أن مواجهة “الزلة” بالزلة، ومبادلة “الخروج عن السطر” بالخروج عن النص بأكمله، هو أمر غير مقبول بالمرة، كانت اللحظة، تقتضي الارتقاء بمستوى الخطاب والتحلي بعين العقل والحكمة، وتفادي الوقوع في مخالب النعرات المثيرة للعناد والعراك غير المبرر، وضبط الأنفس والتحكم في مستويات الرد والاحتجاج الراقي والمسؤول، لكن، للأسف، ما صدر عن الرجل من تصريح، كشف حجم ما يعشش في ذواتنا من أحاسيس الخلاف والصراع والعراك، وعرى عن سوءة ما يسيطر علينا من نعرات مغذية للحقد والضغينة والتشرذم والشتات، في واقع سياسي واجتماعي، لم نعد نطيق فيه بعضنا البعض أو نتحمل خطايا وزلات بعضنا البعض، وكل ما أصبحنا نجيده ونتقنه، أننا نمسك بالزناد متربصين ببعضنا البعض، متأهبين للقصف، متى تراءت لنا الخطايا والكبوات والزلات، مسخرين كل الطاقات والقدرات لإسقاط بعضنا البعض، في معركة جبانة كلنا فيها خاسرون وفاشلون.

قبل سنوات، وتحديدا في زمن الحماية، التف المغاربة (عرب وأمازيغ) حول بعضهم البعض لمواجهة ظهير 1930م، بعد أن تجردوا من كل النعرات والخلافات الهدامة، وفي ثورة الملك والشعب (20 غشت 1953م) التف الشعب بالعرش والعرش بالشعب، للوقوف في وجه المؤامرات الاستعمارية وكشف سوءتها أمام العالم، إلى أن تحقق المراد(الاستقلال)، وفي ظل ما يواجهنا اليوم، من رهانات وتحديات آنية ومستقبلية مرتبطة في شموليتها بمعركتي “التنمية الشاملة” و”الوحدة الترابية”، ليس أمامنا من خيار سوى التجرد من أحاسيس الأنانية والخلاف والصدام، ونتصافح بصدق، ونعانق بعضنا البعض بمحبة ونوايا حسنة، لأننا مغاربة، قدرنا أن نتقاسم التاريخ والجغرافيا، في “وطن” يقينا من قساوة التشرذم وحرارة الشتات … ومن أخطأ أو أساء بقصد أو بدونه، فالمغاربة كرماء و أسخياء، والوطن غفور رحيم، و “الخلاف لا يفسد للود قضية”… على أمل أن نسخر الطاقة، كل الطاقة لبناء الوطن في “مغرب الأمل”، لا لهدم الوطن ونسف الأمل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *