آخر أخبار الرياضة، العمق الرياضي، الكرة العالمية، الكرة المغربية

كرة القدم العربية .. إرادة حالمة وواقع مر

“أنقذونا، هكذا صرخ لاعبو منتخب اليمن بعد انتهاء مشاركتهم في بطولة كأس الخليج “خليجي23″، عقب خسارتهم الثالثة من العراق، في إشارة إلى الظروف التي تعيشها بلادهم المنكوبة”، عبارة أوردتها جريدة البيان الرياضي في آخر يوم من شهر دجنبر سنة 2017.

أحمد فتحي بوجي، أول لاعب كرة قدم مصري يحترف بالدوري الجزائري سنة 2014، لعب 12 مباراة من أصل 30. تكشف صرخة لاعبي اليمن واحتراف بوجي حالة الرياضة العربية وأزماتها.

فبوجي يعد أول محترف مصري بالدوري الجزائري بصم على أول تعاون رياضي عربي بين الشعبين في مجال كرة القدم، والأسباب تظافر فيها الوضع المأساوي للرياضة العربية بأرقامها الهزيلة رغم دعوات الاحتراف ووحدة القوانين والتجارب المحتشمة من أجل الانفتاح على الأقطار العربية.

“العمق الرياضي” تفتح هذا الجانب من أزمة كرة القدم العربية.

وضع مأساوي

الصحافي الجزائري، محمد لهوزي، أكد لـ”العمق الرياضي” على أن “الوضع الحالي لواقع كرة القدم العربية يحتاج إلى ثورة على كل المستويات كي تنهض هذه الرياضة من كبوتها وتنطلق نحو العالمية لتصل إلى مستوى المنتخبات الأوروبية والعالمية والبداية بمراجعة كافة القواعد المنظمة للعبة وتوفير متطلبات نجاحها من جوانب قانونية وتشريعية ومزامنتها بين الدول العربية بالإضافة إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية واللوائح الرياضية ومطابقتها مع التشريعات الدولية”.

المختار محمد يحيى، صحافي موريتاني، أكد في تصريح لجريدة “العمق الرياضي”، على “ضرورة تحسين خبرات الكوادر البشرية وتبادل الخبرات وتسهيل انتقال اللاعبين بالإضافة إلى دعم المنظومة بجميع تمفصلاتها استعدادا لامتلاكها القدرات اللازمة من خلال تبادل الخبرات والتأطير”.

وعاد الهوزي، ليقول: “الأكيد أن تجاوز هذه النكسات الكروية سيكون عبر تقليص الفوارق الكبيرة بين الدوريات العربية ونظيراتها في الدول الأخرى المتقدمة في مجال اللعبة خصوصاً في أوروبا والاستفادة منها، وضرورة إيجاد صيغ لتسهيل انتقال اللاعبين بين الأندية العربية للاستفادة من الخبرات الكروية والابتعاد عن هيمنة المال المتوحشة على الرياضة دون الوصول إلى نتائج مقنعة”.

رئيس الجمعية المغربية للمكونين في كرة القدم، عزيز بوعبيد، أكد في تصريح لـ”العمق الرياضي”، أن مرحلة التكوين مهمة في حياة لاعب كرة القدم، خلالها يتم تأهيله من أجل اعتبار دول الجوار والدول العربية وطنا له، داعيا إلى الحرص على التكوين الجيد البعيد عن كل الاعتبارات التي تؤثر على مستقبل الكرة العربية.

ودعا بوعبيد، إلى ضرورة الاستثمار في مراكز التكوين ودعم الكفاءات العربية من أجل تجاوز الصورة القاتمة والوضع المأساوي الذي لا يشرف الكرة العربية، مشيرا إلى ضرورة الاستفادة من التجارب الأوروبية بهدف الوصول إلى تجربة عربية خالصة قوامها النجاح رياضيا.

أرقام هزيلة

يتفاوت عدد اللاعبين العرب (المحترفين) بالدوريات العربية-حسب موقع “transfermarkt.fr”، المتخصص في الإحصائيات الرياضية- من دوري أ آخر، حيث بلغ 45 لاعبا عربيا بتونس منها 23 جزائريا، و19 ليبيا، ومصريان، وموريتاني، متبوعا بالسعودية بـ31 محترفا عربيا ضمنهم 11 مغربيا و9 جزائريين و7 تونسيين، و3 سوريين، وأردني.

المصدر ذاته قدم معطيات إحصائية تتعلق بالدوري الإماراتي الذي يبلغ عدد المحترفين به، 19 من أصل 106 محترفين ضمنهم 5 مصريين و4 عمانيين و3 مغاربة، واثنان من جزر القمر، ويمنيان، وجزائري وأردني وسوداني، فيما مجموع المحترفين بالدوري الجزائري بلغ 19 ضمنهم 5 محترفين عرب.

وأوضح الموقع المتخصص في الإحصائيات، أن مجموع المحترفين بمصر يبلغ 79 لاعبا بينهم ستة تونسيين وخمسة مغاربة وثلاثة فلسطينين وثلاثة ليبيين وعراقي وموريتاني ما مجموعه 19 لاعبا عربيا، كما أنه في الدوري المغربي يوجد 69 محترفا أجنبيا ضمنهم ثلاثة ليبيين وثلاثة موريتانيين وفلسطيني.

دعوة للاحتراف

الصحافي الرياضي المصري عصام فاروق، دعا في تصريح لـ”العمق الرياضي” إلى “ضرورة تطبيق نظام الاحتراف في الدوريات العربية كافة، الاحتراف بمعناه وقواعده، الانفتاح محليًا ثم الخروج إلى نطاق أوسع يشمل البلدان التي تربطها حدود جغرافية أو روابط تراثية”.

من جهته المحرر الأول بجريدة البيان الإماراتية، عوض النمر، أكد في تصريح لجريدة “العمق الرياضي”، أن “تطوير كرة القدم العربية يتوقف على عنصرين أولهما يتعلق بالمدربين المواطنين كما حدث في مصر والجزائر والإمارات، مشيرا إلى أن الإمارات حققت إنجازاتها مع المدرب المهدي علي، ومصر مع حسين شحاتة، والجزائر مع جمال بلماضي”.

وأضاف عوض أن “الأمر يستلزم تقليص عدد الأجانب من أجل منح اللاعبين المواطنين فرصة، بالإضافة إلى التكامل في عناصر التحكيم، ناهيك عن تبادل الخبرات في عدد من المجالات بين الدول العربية والسير نحو الاحتراف وتطوير مستوى كرة القدم العربية”.

وفي هذا الإطار يرى الصحافي الموريتاني محمد يحيى “ضرورة اعتماد سياسة رياضية شاملة تضع نصب عينيها مجموعة من الأهداف بعيدة المدى والمتوسطة بهدف الخروج بتجربة عربية خالصة”.

المحلل الرياضي المغربي، محسن الشركي، قال في تصريح لـ”العمق الرياضي”: “حريّ بنا كعرب أن نعرف أن مرجعيات وأسباب تطوير الكرة موجودة في العلوم الحقّة من بيولوجيا وفيزياء ورياضيات وتغذية حتّى.. وفي العلوم الإنسانية أيضا، من قبيل علم النفس وحقول أخرى للإبداع الإنساني وفي هذا المجال تبرز ملكات الفن والموهبة والثقافة أيضا”.

وبناء على ذلك يضيف الشركي: “يجب أن نعرف أن تطوير الكرة العربية رهين بتطوير البحث العلمي والأكاديمي، وبجعل كل المهن المرتبطة بالكرة من صميم اختصاصات الدرس الجامعي ومراكز الدراسات والأبحاث، ويبقى الخفيّ في تقدم الكرة الأوروبية ونظيراتها في دول متقدمة تواجد عدد لا يحصى من المراكز والجامعات والباحثين في المناحي البدنية والتكتيكية والنفسية وتطوير التقنية والموهبة”.

وحدة القوانين والتكوين

تفاوت القوانين المنظمة للبطولات العربية أمر يرخي بظلاله على تطور الكرة العربية وتقارب مستوياتها، وهو أمر تحدث عنه الصحافي الجزائري، محمد الهوزي، كاشفا “أن الوضع الحالي لواقع كرة القدم العربية يحتاج إلى ثورة على كل المستويات كي تنهض هذه الرياضة من كبوتها وتنطلق نحو العالمية لتصل إلى مستوى المنتخبات الأوروبية والعالمية والبداية بمراجعة كافة القواعد المنظمة للعبة وتوفير متطلبات نجاحها من جوانب قانونية وتشريعية ومزامنتها بين الدول العربية بالإضافة إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية واللوائح الرياضية ومطابقتها مع التشريعات الدولية”.

دعا الإعلامي السعودي، عبد الرحمان الزهراني، في تصريح لجريدة “العمق الرياضي”، إلى الإقتداء باليابان والقريبة من مستوياتنا وبيئتنا الكروية والتي بدأت بالقاعدة (الصغار) وبناء الأكاديميات وأوعزت للجامعات بفتح التخصصات في الإدارة الرياضية والتحكيم والقانون وعلم النفس الكروي وفق المدارس وأكاديميات الأندية الأوربية الكبيرة ومن تم حددوا المسؤوليات والواجبات في عقود اللاعبين.

وأضاف الزهراني، أن اليابان قامت بتسويق اللاعبين الصغار للدول المتقدمة كرويا وبدأت قاعدتها ب 700 لاعب شاب وموهوب بعدها ب5 سنين تحققت بواكير النجاح وعادوا لبلادهم وأشعلوا المنافسة وفِي الأخير كانوا الرقم الثابت في الكرة الأسيوية بالوصول لنهائيات كاس العالم تباعا والوصول للمركز الرابع.

تجارب محتشمة

الإعلامي المصري، عصام فاروق، أكد في تصريح لـ”العمق الرياضي” على ضرورة الاستفادة من التجارب التي حدثت في البلدان الأخرى مع ضرورة نسيان الخلافات والتوحد حول أفكار “التطوير” لا غيرها، فكان من المحبط فشل الاتفاقية التي وقعت بين الاتحادين التونسي والمصري لتبادل الحكام؛ نتيجة أسباب واهية، وكان من المشجع على جانب آخر المقترح الذي طُبق بالفعل من الاتحاد المصري لعدم احتساب لاعبي دول شمال أفريقيا كأجانب في الكرة المصرية.

وكان الاتحاد التونسي لكرة القدم سبق وأن اتجه إلى إصدار قرار يخص أندية الرابطة المحترفة الأولى ، ويستثني حراس المرمى، مفاده تسجيل لاعبي دول اتحاد شمال إفريقيا الجزائر، والمغرب، ومصر، وليبيا كلاعبين محليين في تونس، ابتداء من 19 ديسمبر 2018، بعد أن قرر اتحاد دول شمال إفريقيا لكرة القدم، رسميا إزالة صفة اللاعب الأجنبي عن اللاعب المنتمي للدول السالفة الذكر.

وسبق لاتحاد الكرة المغربية أن أسند مهمة إدارة مباراة الرجاء الرياضي والجيش الملكي، بتاريخ 24 فبراير 2018 للحكم المصري جهاد جريشة، وهو قرار يدخل حسب اتحاد الكرة المغربية في إطار تفعيل وتنزيل بنود اتفاقية شراكة وتعاون بين الجامعة الملكية المغربية والعديد من الاتحادات الإفريقية.

وفي تعليق للمحلل الرياضي الشركي، على التجارب المحتشمة قال، “اقتباسنا وتفاعلنا مع هذه النماذج المتقدمة عالميا، مازلنا كعرب نرى الكرة بذلك المنظور التقليدي: مدرب، لاعبون، حكم، وجمهور ثم النتائج، وعليه نلجأ إلى انتداب المدربين المتفوقين عالميا، واللاعبين البارزين في الدوريات المتقدمة، وقد نلجأ إلى التجنيس، أو برفع عدد اللاعبين الأجانب في الوقت الذي نتجاهل فيه الكيف بمعنى الطرق والاستراتيجيات والمؤسسات وإعطاء القيمة لباقي الوظائف والمهن الضرورية في الكرة المعاصرة، وعليه تبقى كرة متخلفة، إيقاعها بطيء، مجهودها البدني متدنّ، تكتيكها نمطي مكرر، ذهنية لاعبيها وثقافتهم منفلتة ومحدودة، وتفتضح عيوبها خاصّة عندما تصارع مدارس رائدة في منتديات عالمية للأندية أو للمنتخبات على حد سواء”.

وأضاف الشركي، قائلا “إنّ تطور الكرة العربية رهين باستيراد الطرق والنظم والاستراتيجيات لا الأشخاص، وبربط التكوين بمراكز البحث العلمي والجامعات وبتطور الصناعات المرتبطة بالكرة وفي قلبها الإعلام الرياضي كجسر لخلق رأي عام يعشق الكرة عن فهم ووعي ومعرفة قبل الانفعال والتعصب”.

كان قدر اللاعبين اليمنيين سيكون مختلفا لو أن دول الخليج العربي احتضنتهم واعتبرتهم لاعبين محليين لتنقدهم من الفقر والجوع ومآسي الحرب وخطر الموت، وكان وضع بوجي، سيكون أفضل حالا إلى جانب آخرين انفجرت مواهبهم وطاردتهم أعين أندية عربية وتسببت عوامل متداخلة في ثنيهم عن اللعب لها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *