وجهة نظر

اغتيال السفاح قاسم سليماني

ليس هناك أدنى شك، لدى الانسان الحر، الوطني، وخاصة الانسان الثائر، المُسْتَعمَر، بأن إيران بقضها وقضيها، وأقصد بذلك نظام الحكم، ومن تبعه من افراد وفصائل، تمثل أقصى درجات الإرهاب والجريمة المنظمة، التي تعمل بالدسائس والمكائد والخبث والمرواغة، لتحطيم الوطن العربي والإسلامي، ونقله من تاريخه الزاخر بالحضارة، الى تاريخ من العبودية والذل.

وهي والولايات المتحدة والصهيونية، وأنظمة الحكم الرجعية، وجه لعملة لا تملك الا ذات الوجه، وأن قاسم سليماني وروحاني والخميني وخامنئي، وعبيدهم في العراق واليمن ولبنان ودمشق، نسخة من هتلر وموسوليني ونابليون وستالين، لكنها تختلف عن أولئك بأنهم كانوا يوجهون ارهابهم ضد الشعوب الأخرى، للسيطرة على خيرات تلك الشعوب وتسخيرها لشعوبهم، كما صنعت فرنسا وإيطاليا واسبانيا وكل أوروبا، وخاصة بريطانيا.

ايران دولة تحتل عربستان، وهي اكبر من مساحة فلسطين بسبعة اضعاف، طمب الصغرى والكبرى وأبو موسى، خلقت فتن في اليمن أدت لإزهاق ملايين الأرواح، شاركت في اسقاط أفغانستان بيد الاحتلال الأمريكي، دعمت استعمار أمريكا للعراق، اشعلت الفتنة الطائفية في لبنان، وخاضت مغامرات مجنونة ومحمومة ضد الكيان الصهيوني بتكتيك محدود، من اجل ايهام الامة الإسلامية بكونها محور من محاور المقاومة، ونجحت بذلك، حتى اصبح الحزب علامة للمقاومين والثوار، الى جاءت الثورة السورية المباركة وكشفت الوجه الاستعماري للحزب ومن خلفه، فشاركت بكل إمكاناتها بمحاولة السيطرة على الثورة السورية ضد طاغية ابن طاغية سليل طاغية، ولما عجزت، رغم انها بكامل ثقلها، وثقل المرتزقة التابعة لها، ذهبت كعاهرة تتقن فن بيع شرفها وعرضها وعقيدتها، تترنح وتستجدي الروس ليقوموا بعملية التصفية للحلم السوري، قامت فصائل الارهاب المغموسة بشهية الموت والدمار، بتصفية ما يقارب المليون ونصف المليون شهيد، وتهجير اثنا عشر مليون، لتستبدلهم بمرتزقة يتقنون التزاوج في فراش المتعة ومفاخدة الرضيع، والأهم انهم قاموا قبل مقتل السفاح والمجرم سليماني ومن معه، بقمع الإرادة الثورية وتطلعات الشعب العراقي للتخلص منهم ومن الوجود الأجنبي، كما قمعوا تطلعات الشعب الإيراني في طهران وعلى امتداد ايران.

ايران بكل بساطة، كي يتم فهمها دون عناء، لا تدعم الشعوب الإسلامية، وتحديدا الشعب الفلسطيني الا لغايات توسعية استراتيجية مستقبلية، والدليل على ذلك، انها لا تقدم أي من مقومات القوة والبقاء الا لمن يؤمن بعقيدتها الصفوية الخالصة، حزب الشيطان في لبنان، الحوثي الذي دمر اليمن عبر مراحل من تاريخه، بشار الأسد الذي حصر الحكم والقوة والدولة والنظام بيد العلويين التابعين لصفوية ايران، الطغمة الحاكمة بالعراق، الفصائل المرتزقة التي أتت بها من كل اقطاب العالم، لتوزعها على امتداد الوطن العربي كي تخلخل عقيدته وتاريخه وقيمه وتراثه.

الشيعة العرب في العراق، أدركوا الهدف بوضوح كامل من هدف إيران ومرتزقتها في بلادهم، وخبروا خبرة عملية، بأنهم امام استعمار ثقيل ومرعب، اشد وطأة وقهرا، وأكثر خبرة بالجريمة المنظمة والقتل والذبح والسلخ والاذلال، فانتفضوا انتفاضة شهدتها الشاشات ضد الطائفية التي زرعت في الشعب، وطالبوا بكامل وعيهم وثقتهم واخلاصهم بخروج الاستعمار الإيراني من أراضيهم، بنفس القوة التي طالبوا بخروج المستعمر الأمريكي، وبنفس القدر الذي يطالب الشعب الفلسطيني بتحرير وطنه. فلم يجدوا سوى فوهات البنادق، وانياب العمائم وآية الله، تنهشهم وتمضغهم، وتقوم بنفس الدور الذي قامت به في ارض سوريا، تمزيق الحرية والكرامة والوحدة والانتماء.

في المقابل، لم نجد أي دعم من طرفها لأهل السنة، لا في اليمن او لبنان او العراق او سوريا، بتعبير أكثر دقة، لم تقدم أي دعم للشعوب العربية من اجل مواجهتها مع أنظمة الحكم الفاسدة، او مع قوى الاستعمار أيا كان شكلها، واستطاعت بذلك ان تخلق شعورا مفعما بالكراهية نحوها من الشعوب الإسلامية، وخاصة بعد العهر والفسق والدعارة التي مارستها بكل فجرها ضد الثورة السورية وحلم الشعب السوري بالاستقرار.
قاسم سليماني سفاح وقاتل ومجرم وارهابي، شأنه شأن هتلر وستالين وجورج واشنطن، كان يشعر بالفخر والعزة كلما غرق وسبح بدماء الأطفال والنساء والعجزة والكهول، شهيته لا تشبع مثل الغول الذي كلما ابتلع جثة زاد جوعه للحم البشري، وزاد عطشه للدماء النازفة، كان مهندسا قديرا وبامتياز بتمزيق الثوار وتقديمهم قربانا لولاية الفقيه في احتفالاتهم وطقوسهم السرية في اعيادهم المنحرفة وثقافتهم التلموديه.

قاتل وسفاح، قتل بيد قاتل وسفاح، اشباه تصطدم بأشباه، لماذا يود منا بعض المصابين بداء الرؤية المثقوبة ان نحزن عليه؟ لماذا نطالب الشعب السوري الذي احتفل بمقتله ان يصنع غير ذلك بعد ان مزق سوريا ووزعها مع قوى الاستعمار الأخرى الى حصص؟ لماذا يطلب من الشعب اللبناني ألا يلعنه ويعلن فرحته بعد ان زرع فيهم طائفية بغيضة من عصابة من مجموعة من المجرمين والمارقين؟

والاسئلة الأكثر أهمية، الم يقم الصهاينة بقصفهم في سوريا أكثر من مرة؟ دون ان يتعرضوا للطيران الصهيوني بمقاومة؟ الم يقل نتنياهو ان القصف تم بالاتفاق مع الروس الذين يعتبروا سند العصابات الحاكمة في إيران ولبنان وسوريا؟

لماذا كان السفاح سليماني قادرا على مواجهة الفقراء والمستضعفين في سوريا، ولم يكن يملك أدني جرأة لمواجهة الصهاينة؟

الخطأ في بعض المثقفين، او من قادتهم نفوسهم تغريرا بهم بأنهم يملكون حدا أدني من ثقافة، أنك عندما تدين القاتل، يتحولون الى المقارنة بأنظمة أخرى تفتك بشعوبها، وكأنك أعلنت ساعة ادانة القاتل والسفاح، أنك تبارك باقي الأنظمة المهترئة التي تمارس الذبح والسلخ في شعوبها، الانتقال للمقارنة هي عدة العاجز الذي لا يستطيع ان يثبت وجهة نظره فينتقل من حيث لا يدري الى ادانة نفسه واعترافه بكل ما قيل، لأنه يقدم المثل الموازي للقتل والإرهاب، كي يجمع فكرته الكسيحة مع فكرة الظلم والاستعباد.

ولو كان غير ذلك لنحى منحى تقديم الأدلة الدامغة لإثبات فكرته، اما نحن فلسنا بحاجة الى تقديم الأدلة المستندة على ابتكار التبرير، لان الواقع، وعدسة الكاميرات، والجثث الموزعة في كل ذرة تراب من تراب سوريا واليمن ولبنان والعراق، هي الشاهد الحي الذي يسير بيننا وتحتنا وفوقنا، وفي صحونا ونومنا. الشمس ليس بحاجة الى دليل على وجودها، ومن يدعم نظام مثل النظام السوري، او يحاول تصنيف مثل هذا النظام بالنظام المقاوم، علية وبكل بساطة ان يقبل كل أنظمة القهر والظلم والاستعباد وتحديدا الاستعمار، إن تنقية الجيفة من رائحتها، لا تتم الا بالتصاق رائحتها بمن يحاول تنقيتها، فهو امتداد طبيعي لجيفة كانت مغموسة بالجهل والخواء والذل والعبودية قبل تحولها الى جيفة، وهي أكثر قيمة بتحولها الى جيفة من كونها تتنشق هواء لا تستحقه، فالميت الحي أكثر فظاعة وقرفا ونتانة من الجيفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *