وجهة نظر

لماذا فشل حزب العدالة والتنمية في التسويق لإنجازاته؟

الظاهرة العامة، في هذه المرحلة التي يسود فيها التوتر الاجتماعي في المغرب، هي عزوف الناس عن التظاهرات والخطابات السياسية، التي تنظمها الأحزاب السياسية- بما فيها حزب العدالة والتنمية الذي مازال يحتفظ بقدر مهم من المصداقية- والتي من المفروض أن تكون دائما حاشدة لطبيعتها الاجتماعية والسياسية؛ عكس الخطابات والمناظرات والندوات الموجهة لنخب خاصة ومحددة.

وأما بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، رغم كثرة عدد أعضائه نسبيا ورغم قوة هيكلته التنظيمية ووحدتها، فمن أسباب فشله في التسويق لإنجازاته في الحكومة وعدد من الجماعات الترابية التي يسيرها، وفي هذه المرحلة بالذات- مثله مثل الأحزاب الأخرى بفرق قليل- عدم أخذه بعين الاعتبار المعرفة العميقة بدرجات الجماهير المخاطَبة وأنواعها وخصوصية الاشكاليات المطلوب التركيز عليها وحلها، وعدم قيامه بقراءة صحيحة بتطور الوضعية المجتمعية والسياسية وآليات التواصل بشأنها.

يظنون، وما زالوا على ظنهم قائمين – إذ لا مؤشر على تجاوز هذا الظن- أن التسويق للانجاز (المنتوج) هو مجرد دعاية وإشهار يقوم به مكلف بالتبليغ أو مكلف بالاعلام أو وسائل إعلامية دعائية بالأجر أو التطوع أو التعبئة الحزبية؛ لذلك نشاهد كل مرة فشل اللقاءات التي ينظمها هذا الوزير أو الزعيم أو ذلك في استقطاب الجماهير وفي حضورهم العفوي والمتنوع والحاشد بالمقارنة مع المرحلة السابقة؛ وقد يضطرون لإجراءات غير معهودة لملء المقاعد الأمامية؛ رغم التعبئة المكثفة في وسائل التواصل، ورغم التعبئة غير المسبوقة لهيئات الحزب على جميع المستويات.

ذلك ما يمكن أن ينجح فيه أشخاص قليلون بالفطرة لا بالعلم والاكتساب كرئيس الحكومة السابق الأستاذ عبد الإله بنكيران، الذي بلغ في نجاحه ما لم يبلغه أي زعيم سياسي في المغرب، ولم تغلبه كل وسائل التبخيس والعداء إلى درجة التهديد والترهيب؛ لأن التواصل والقدرة على الاقناع، والقدرة على تحسين عمل المؤسسة وصورتها، إما هو بالفطرة ينتفع بها الشخص وحده؛ ولا يملك بالضرورة نقلها للآخرين وحتى لأبنائه وبالأحرى مؤسسته، وإما هي بقواعد العلم التي يجب الإيمان بها واكتسابها والعمل بها.

لأن قوة التنظيم، بصرامته أحيانا وبمساطره وقوانينه، وحدها لا تكفي وقد لا تسمن ولا تغني يوم العرض والحساب، هل من انتباه لهذا الأمر بدل لوم أتباعهم بالتيئيس ولوم أعدائهم بالتبخيس؟

* دكتوراه في العلاقات العامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *