وجهة نظر

أسس الفعل السياسي الإسلامي

جاء الإسلام بنظم كاملة الأركان والضوابط المتعلقة بحياة الإنسان الشهودية، الفردي منها والجماعي ، الخاص والعام ، في التربية والاجتماع والاقتصاد والسياسة ، وبالنسبة لهذه الأخيرة فقد أعطاها الإسلام مساحة كبيرة تصريحا أو تلميحا أمرا أو مدحا من جهة العدالة، نهيا أو ذما من جهة الطغيان والفساد .

و الناظر والمتأمل في أصول الإسلام -القرآن السنة – سيجد تأصيلا وإقرارا واضحين في عدم فصل الدين عن الدولة، ولمن يريد معرفة ذلك أكثر فلينظر في أعمال علماء الإسلام الذين –وخصوصا فقهاء السياسة – لا يفرقون بأي حال من الأحوال -ولا يمكن ذلك- بين الدين والحياة.

ولفهم هذا علينا أن ضبط المفاهيم السياسية الجزئي منها والكلي المبثوثة في القرآن والنظر إليها في بيئتها وعلاقاتها والمتعلق بها ، وسياقها الكلي أي المنظومة القرآنية الربانية الشاملة ، كما يجب قراءة تراثنا السياسي قراءة ذاتية دون إسقاط أو تسرع، حتى لا نجتر المفاهيم ونحتطبها احتطابا فقط، دون إدراك لطبيعة انبنائها ومجالها الحضاري، بل لمجرد نشوة الإتباع وموضة التنوير والحداثة .

والذي يجب الانتباه إليه واستحضاره أثناء قراءتنا للقواعد السياسية في النصوص المؤسسة من قرآن وسنة، أن هذا الدين جاء بقواعد واضحة من حيث التأصيل والبناء الجزئي والكلي، في الفعل السياسي:

1- القواعد التي لا تتغير في حياة الإنسان.

قال تعالى :

– (وأمرهم شورى بينهم )، الفعل الجمعي (الشعب …)الذي يحتكم إلى النصوص ويحكم في من ولوه أمرهم العامة كـ”الحالكم ” أو الخاصة كـ” رئيس البرلمان ” أو “رئيس جماعة” …

– (وشاورهم في الأمر )الفعل الفردي /الجمعي أي على “الحاكم ” أن يشاور الأمة / الشعب / المجتمع المدني وذلك عبر المؤسسات التي يعترف بها الفعل الجمعي، في القضايا الكبرى الاقتصادية والسياسية …

– ( وان احكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع أهواءهم )… بعد تحقق فعل التشاور على “الحاكم” أن يلتزم بتفعيل المتفق عليه ولا يتبع أهواء الفاسدين في الاقتصاد والسياسة والثقافة والإعلام.

2- القواعد التي تتغير في حياة الإنسان.

إذا تأملنا في المتغير (الفرع ) فانه متروك للفعل(التفكير- العمل) البشري، يقول عليه الصلاة والسلام (أنتم أعلم بأمور دنياكم)، وهذا العلم والعمل يجب أن ينضبط بالضوابط الكبرى للإسلام وهي مبثوثة في الأصل (النص الشرعي )، ولا يمكن الخروج عنه بدعوى أخرى،مثل:

– دعوة الفصل بين الدين والسياسة أي العلمنة بالمعنى العام المتداول

– النظر التاريخاني (المادي) الذي يأخذ القضايا على عجلة من أمره ليعرضها ، وهنا تكون التصورات الاستشراقية كالشيطان الذي يراقب المؤمن الصادق ليخرجه عن طاعة الله.

وفي الأخير هناك فرق كبير بين التمييز والفصل، إذ التمييز هو النظر في النصوص ومحاولة تبويبها على حسب مجالها الذي تعالجه هذا من جهة، والنظر بين النصوص من حيث الأصل والفرع من جهة أخرى، وكل هذا يجب ألا يخرج عن النسق الكلي للإسلام بأي شكل من الإشكال.

وتبقى النصوص الشرعية هي الأرضية والأنموذج العام الذي نسير عليه / فيه، دون فصل بين الدنيا والآخرة هذا من حيث المنطلق، أما من حيث العمل/ التجربة فعلى المسلم أن يكون دائم التطلع إلى تفعيل النص بالمعنى الكلي ، والفعل الفردي منها والجمعي محكوم بالنصوص، وليست النصوص محكومة به، أي بالتجربة التاريخية، (غير النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء، والخلفاء بالنظر إلى الاعتبارات الموضوعية )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *