سياسة

“حراك الريف”.. بوعياش تدعو لإلزام الإعلام الرسمي بمتابعة مهنية

دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقريره حول “أحداث الحسيمة”، حكومة سعد الدين العثماني إلى اتخاذ التدابير الضرورية لانفتاح الإعلام العمومي على كل الآراء والتعابير ومتابعة الأحداث بمهنية وإبراز للتعددية، احتراما للتوصيات ذات الصلة بحرية التعبير والحق في التماس المعلومة الصحيحة والتعددية.

وأصدر مجلس “بوعياش”، أمس الأحد، عن تقريره حول “أحداث الحسيمة”، والذي يقع في 400 صفحة، يتضمن أساسا كرونولوجيا هذه الاحتجاجات، ومطالب المحتجين، وادعاءات التعذيب وحالات العنف، كما يتطرق إلى محاكمة الزفزافي ورفاقه، وتحليل للمنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتفاعل المجلس مع المعتقلين وعائلاتهم.

التقرير ذاته، أوصى المؤسسات الإعلامية المهنية “باعتبار التغطية النقدية للأخبار الزائفة والتضليل وتقديم المعلومات المدققة كأحد العناصر الأساسية لخدمات الصحافة والإعلام، تطبيقا لأدوارها في مراقبة المجتمع، وبخصوص النقاشات ذات الاهتمام العمومي”، كما دعا الرأي العام إلى توخي الحذر من حيث مصادر المعلومات والأخبار، والتقصي في صحتها وواقعيتها وحماية بذلك وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها أداة لنشر الأفكار والآراء والتناظر.

وقال المجلس، في توصياته، إن أشكال الخطاب التي تحرض على العنف والكراهية والعنصرية والتمييز لا تتمتع بالحماية بأي حال من الأحوال، كما هو الحال أيضا بالنسبة إلى أي خطاب يمس بـ”سمعة الآخر”، حيث إن هذه الأشكال من الخطاب تشكل، بالإضافة إلى كونها بعيدة كل البعد عن ممارسة حرية التعبير، مسا خطيرا بالمبادئ التي يتوجب حمايتها والنهوض بها في مجتمع ديمقراطي.

وطالب مجلس “بوعياش” البرلمان المغربي بتحيين التشريعات الوطنية انسجاما مع الاتفاقيات الدولية بما فيها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، تماشيا مع توصية المقرر الأممي الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير.

وأوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان باحترام حق التظاهر السلمي، وإيجاد صيغ للتعاون مع السلطات العمومية في حفظ النظام العام، وضمان ممارسة حق التعبير والتجمع، وإعمال التأويل الحقوقي للحق في التظاهر السلمي، بغض النظر عن التصريح أو الإشعار، واحترام الحق في السلامة الجسمانية للمحتجين وعناصر القوات العمومية.

التقرير ذاته، دعا إلى العمل على تطوير المبادئ التوجيهية الوطنية التي تؤطر تدخل القوات العمومية وفقا للمبادئ الدولية في هذا الشأن، مشيرا إلى أنه يجب ألا يكون هناك استخدام مكثف لسلطات الإيقاف والبحث، وتفريد أي استخدام لسلطات الإيقاف والتفتيش، وكذلك اعتقال المتظاهرين واحتجازهم، وأن يتم ذلك على أساس وقائع محددة.

كما طالب السلطات العمومية بالتواصل مع الرأي العام بخصوص فض التظاهرات، مضيفا أنه يقع على عاتق الدولة واجب الحماية الفعالة للمتظاهرين، إلى جانب الأشخاص آخرين، من أي شكل من أشكال التهديد والعنف من طرف أولئك الذين يرغبون في منع الاحتجاجات أو تعطيلها أو عرقلتها، بما في ذلك “العناصر المستفزة” والمناوئة للمتظاهرين، كما يقع على عاتق السلطات حماية المواطنين غير الراغبين المشاركة في المظاهرات.

وجدد المجلس دعوته إلى تغيير صياغة الفصل 206 من القانون الجنائي في اتجاه تدقيق العناصر التكوينية لجريمة المس بالسلامة الداخلية وصورها، وإضافة مقتضى جديد يتعلق بالعنف في الفضاء العمومي والتحريض عليه في سياق التظاهر، داعيا كذلك إلى تجريم العنف غير المشروع، بما يضمن ممارسة الحق في التعبير والتجمع والتظاهر السلمي.

وأوصى المجلس، بإدماج الحق في الطعن في كافة القرارات المتعلقة بسلب الحرية خاصة الوضع تحت الحراسة النظرية، وبخصوص ادعاءات التعذيب، طالب بتخصيص مقتضيات إجرائية خاصة بالبحث والتحقيق في ادعاءات التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة.

وفي هذا الإطار، دعا إلى عدم تحميل المعتقل عبأ إثبات ادعاءات التعذيب، والمصادقة على بروتوكول إسطنبول دليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ومطالبة السلطات المعنية بتعميق البحث، مطالبا، أيضا السلطات المعنية بتعميق البحث حول حالات اعتبر المجلس أنها يمكن أن تتوفر فيها عناصر فعل التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية، بما يضمن حق المعنيين بالأمر في الانتصاف.

وبخصوص معايير المحاكمات العادلة، أوضى مجلس “بوعياش” باعتماد التسجيل السمعي البصري أثناء استجواب الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية، وتوسيع حق حضور الدفاع خلال مرحلة البحت التمهيدي، كما طالب بضرورة مراجعة قانون المسطرة الجنائية لملاءمته مع الالتزامات الدولية.

التقرير ذاته، دعا إلى تقييم البرامج التنموية بعلاقتها بالأثر على ولوج التعليم والصحة والتشغيل ومراجعة المؤشرات ذات الصلة، وإعطاء أهمية للجوانب الاجتماعية والاقتصادية في برامج السياسة العمومية ذات الصلة بالحسيمة وإشراك المواطنين والمواطنات في صياغة البرامج المستعجلة.

كما طالب بتفعيل الآليات الجهوية لتمكين النساء من المشاركة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، ووضع برامج للنهوض بالثقافة والفن والمسرح والموسيقى مع الأخذ بعين الاعتبار الدينامية المحلية وإدراجها ضمن الزمن المدرسي بما ينهض بثقافة الحوار والتناظر، عبر وسائل متنوعة بما فيها العالم الرقمي.

تقرير مجلس “بوعياش”، أوصى بتفعيل توصيات تقرير المجلس الأعلى للحسابات بخصوص برنامج التنمية المجالية للحسيمة، وتعزيز القدرات بخصوص فض التجمهر، وتعويض عناصر القوات العمومية التي أنهكت سلامتها الجسمانية لها خلال أعمال العنف غير مشروع والتكفل بالحالات التي تعاني من العجز الطويل الأمد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *