وجهة نظر

الكوفيديون الجدد

لا يتناطح عنزان على أن كل ظاهرة تطوي بعدين: بعد إيجابي و بعد سلبي، كما لا يقتدر على استكناه هذه الأبعاد إلا من أنفق عمره في تفكيك الظواهر و وصفها و تحليلها.

و لما أضحى كوفيد 19، ظاهرة مجتمعية بامتياز مست مختلف مناحي حياة الناس، الاقتصادية والاجتماعية و السياسية و الثقافية و النفسية، وجب التنبيه إلى الأبعاد السلبية1 التي طفت على سطح مجتمعنا بمجرد ظهوره و انتشاره في مختلف جغرافيات العالم.

و إذا كان لكوفيد 19 أبعاد إيجابية تتمثل في تضمنه لقيم بانية من قبيل العدل من حيث انتشاره الجغرافي حيث ألفيناه ديموقراطيا من حيث التمثيلية المجالية ، و المساواة، حيث لم نجده ذكوري المعاملة، حين ساوى في حلوله الجسدي بين النساء و الرجال، فإن له أبعادا سلبية حمل لواءها من نصطلح عليهم بـــــــــــــ” الكوفيديون الجدد”.

و الكوفيديون الجدد ، نعني بهم كل الذين شكلوا أصواتا شاذة خرجت عن الإجماع الشعبي القاضي بالتصدي الجماعي لجائحة كوفيد 19 ، و الإعلاء من قيم التضامن و التأزر و التكافل و التلاحم بين المغاربة كافة ، ملكا و شعبا و مؤسسات.

و الكوفيديون الجدد الذين تذمر منهم الشعب ، حين عبروا عن أنانيتهم و ضعف في صبيب مواطنتهم و انتمائهم الوطني، و حادوا عن رهانات البلاد و آمال العباد ، هم :

تجار الدين و سماسرة الأزمة الذين غرروا بقصارى النظر و دعوهم باسم الدين إقامة شرائع العبادة للخروج من منازلهم و التجمهر في عدة مدن، هذا الصنيع المشين الذي ساهم بشكل مباشر في تنامي البؤر الحاضنة للفيروس، و محاولة إفشال التدابير الاحترازية والمجهودات التي اتخذتها المؤسسات الرسمية للدولة.

الكوفيديون الجدد هم أنصار التفاهة و الدجل الخرافة الذين استقبلتهم الصحافة الصفراء بدعوى امتلاك وصفة سحرية للعلاج من فيروس كورونا، في تحد سافر للعلم و المجهودات التي يقوم بها الأطباء في مختبرات الأبحاث.

الكوفيديون الجدد هم مصاصو الدماء من أرباب المؤسسات التعليمية الخاصة، الذين بدل أن يساهموا بقدر من المال في صندوق تدبير جائحة كورونا ، طلعوا علينا ببيان يلتمسون الاستفادة فيه من تبرعات الصندوق، مما ينم عن أنانية مقيتة، و غياب روح المواطنة التي أبانت عنها بعض المؤسسات التعليمية الخاصة ، فضلا عن مطالبتهم الأسر بأداء واجبات التمدرس، و تسريح المشتغلين لديهم و عدم صرف رواتبهم.

الكوفيديون الجدد، هم أرباب المصحات الذين امتنعوا عن الاقتداء بالدكتور التازي الذي جعل مصحته الخاصة تحت تصرف وزارة الصحة، و رفضوا الانضمام إلى أطباء القطاع العام للمساهمة في تطبيب المرضى و السهر على علاجهم .

الكوفيديون الجدد هم سماسرة الاحتكار من قبيل تجار الكمامات المسمومة الذين كانوا سيتسببون في أزمة صحية، يروح ضحيتها آلاف المغاربة لولا يقظة وزارة الداخلية، و سلطاتها .

الكوفيديون الجدد هم أولئك المعطلة الذين لايجيدون غير لوك الكلام و انتقاد المجهودات المبذولة دون تقديم أي مشاريع بانية، تجدهم خلف الشاشات بأسماء مستعارة، و في الجرائد الصفراء، ينفثون سموسمهم، غيرة و حسدا من الوطنيين الصادقين الذين تجندوا ماديا ومعنويا لمواجهة الأزمة.

الكوفيديون الجدد، هم أولئك الذين مازالوا يخرجون خلسة ، ويتجمهرون في الأسواق، ويجتمعون في الأحياء ، و يصلون في أسطح المنازل جماعة في ضرب سافر لحالة الطوارئ الصحية.

الكوفيديون الجدد، هم أولئك الذين فتحوا قنوات على اليوتوب لنشر التفاهة، بدل توعية الناس وتجويد المحتوى الرقمي المغربي، حيث ساهموا في تشويه صورة المغاربة أمام العالم بمحتوى رديئ لا يمت للمغاربة و تاريخهم المشرق بصلة.

الكوفيديون الجدد، هم الأنانيون الذين لم يقدروا ظروف الناس، خلال الأزمة ، خاصة الطبقات الهشة، فاستغلوها أو اعتدوا عليها، إما بالطرد من البيوت، بدعوى عدم أداء واجبات الكراء، أو بالتسريح من العمل بدعوى ركود التجارة.

الكوفيديون الجدد، هم أولئك الذين اختاروا أن لا يكونوا مغاربة وطنيين في عز حاجة الوطن و المغاربة إليهم.

و على الإجمال، فإن الكفوفيديين الجدد أكثر من أن تحصيهم هذه المقالة المجملة، التي تدعو الوطنيين الصادقين إلى مواجهتهم بصنيعهم بعد انتهاء الأزمة، لبناء مغرب المستقبل الذي نحلم به جيمعا، مغرب الجديرين بالانتماء للهوية المغربية فكرا وممارسة.

لنواصل معا بهدوء.. نعم نستطيع

* شاعر وناقد، المنتدب الإقليمي لحركة قادمون وقادرون مغرب المستقبل-فاس-تاونات-

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *