رمضانيات

“صحافة الأمس” (2).. الملحن بن عبد السلام يحذر الدكالي من الغرور

“صحافة الأمس”.. إطلالة قصيرة خلال أيام رمضان على مغرب الأمس بعيون صحافيين كانوا يرزحون تحت رقابة الاستعمار الفرنسي أو تحت رقابة المخزن، ويشتغلون بوسائل بسيطة. ونفض للغبار في كل مرة على خبر من مجلة أو جريدة صدرت قبل عقود من الزمن.

قبل 60 عاما من اليوم، حذر الملحن محمد بن عبد السلام، المغني المغربي عبد الوهاب الدكالي من الغرور، عندما سأله الصحافي بجريدة “رسالة الفن” محمد العلوي عن رأيه في بعض الفنانين المغاربة.

وجاء كلام بن عبد السلام في حوار مع “رسالة الفن”، نشر في عددها الأول في شتنبر من سنة 1960، أي بعد ثلاث سنوات على بداية مسيرته الفنية وكذلك المسيرة الفنية لعبد الوهاب الدكالي.

وقال الملحن عن عبد الوهاب الدكالي إن “صوته لا بأس به إذا لم يستول عليه الغرور”، وعموما فإن الفنانين المغاربة “يعملون حسب طاقتهم وهم يؤدون مجهودات جبارة ستضمن لهم مستقبلا زاهرا”، واصفا المطربة الشهيرة آنذاك “بهيجة” إدريس بأنها لم تعد قادرة على التغني بألحانه “حيث إن صوتها انحرف عن طباع” ألحانه.

ويقول العلوي الذي أجرى الحوار، “أفتر فاه بابتسامة وقال بارتياح انتظروا من الذي خلق بهيجة الأولى أن يبرز؛ في أقرب وقت إلى عالم الغناء بهيجة جديدة.. لم يذكر اسمها بل قال : أظن أنا ستحظى بنجاح لم تحظ به بهيجة إدريس نفسها سابقا وستكون أحسن مغنية مغربية”.

وعبر بن عبد السلام عن رضاه التام عن مكانته الفنية “رغم أن مكانة الفنان في المغرب لا تعتبر حسب اعتبارها في الدول الأخرى، فمكانة الفنان المغربي في بلادنا وإن كانت محمودة لم تدرك بعد صفتها المنشودة وسيتم ازدهار الفن المغربي أكثر في المستقبل وأنا على يقين من ذلك”.

الموسيقار بن عبد السلام الذي بتدأ التلحين قبل ثلاث سنوات من إجراء هذا الحوار، أي عام 1957 ولحن بعض المقاطع العربية، يقول بكل ثقة في النفس إنه منفرد الطباع، وأنه “الوحيد الذي امتاز بطباعه المعروف وأنه طابع خاص يكتسي صيغة معينة لا ينازعه في استنتاجها أحد”.

ويسترسل أنه “أول من استعمل الميزان المغربي وكان في القطعة المشهورة “الباهية” التي غناها أحمد جبران وسمي هذا النوع الانقلاب من ميزان إلى ميزان”.

ويستطرد أن من بعده “صار يستعمله الملحنون في الأغنية المغربية”، ويضيف أنه هو أول من أدخل التصفيف في الأغنية المغربية، موضحا أن اختصاصه هو “النوع الخفيف من الموسيقى” الذي “لا يحتك قط بأي صيغة شرقية”.

“ألحان مغربية محضة”، يقول الصحافي محمد العلوي “نطق فناننا بجملته هذه وقد تجلت على ثغره ابتسامة عريضة فيها فخر وانتصار.. وندت على محياه علامات الاهتمام والتفكير ثم قال: إن المستمع المغربي باعتبار الأغاني المغربية لفي غنى كبير عن غيرها من الألحان الشرقية.. أما ما يبدو للكثير -وأخص المستمعين- فهو عكس ما قلت إذ يظن المستمع المغربي أن الطرب الشرقي يمتاز على طربنا الشعبي: وأنا أظن أن هذا التأثير الذي تشبت بمستمعينا ناتج عن الازدواج الذي تملكه الأغنية الشرقية”.

ويواصل نقلا عن بن عبد السلام “ذلك أن المستمع لا يكتفي بسمع صوت المغني في المذياع بل يرى المغني في كثير من أفلامه وهو يردد أغانيه فتحبب له هذه الأغاني الذي شهد إلقاءها وتعلقت بفكره دوما.. وهذا ما يتيح امتياز الأغنية الشرقية على المغربية؛ لأن ما من أسطوانة غنائية ظهرت في السينما إلا وكانت السينما دعاية لها ودعامة قوية لشهرتها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *