وجهة نظر

ملاحظات حول سينما المقاومة من خلال فيلم “أدور” عن المقاوم زايد أوحماد

عرضت القناة الأمازيغية، ليلة أمس، فيلم “أدور-الشرف-“، للمخرج أحمد بايدو، وهو فيلم يحكي مسار المجاهد زايد أوحماد رحمه الله، المنحدر من قرية اكدمان -ايت هاني-اقليم تنغير، شارك في معركة بادو 1933 التي انتهت بعد كفاح بطولي باستسلام قبائل أيت مرغاد، وعرف زايد أوحماد ببنيته الجسمانية القوية و بالشجاعة وولعه بالصيد وكان من أتباع الفقيه محمد بن الطيب الهواري رحمه الله، فرض عليه الفرنسيون شق الطريق بين أيت هاني وامسمرير في يوم صادف عيد الأضحى، ارتدى جلبابه وعمامته وذهب للعمل، أهانه رئيس الورش وقال له ” هل أتيت للعمل أم لأحيدوس ؟ووقع بينهما شجار أدى إلى تمزيق قميصه سنة 1933، اقتنع زايد أوحماد رحمه الله عندئذ بمقولة”الإنتقام هو بمثابة وجبة تؤكل باردة”،بدأ جهاده بقتل الضابط الذي اعتدى عليه شتنبر 1933 واستمر في عملياته ضد الفرنسيين وأعوانهم الى اسشهاده شهر مارس 1936.1.

حاول مخرج الفيلم ترجمة هذا المسار الفردي لمقاومة زايد أوحماد، مستعينا بممثلين ذوي تجربة ، مع المزج بين مشاهد من الأرشيف و المشاهد المصورة بمدينة ورزازات.

يحسب للفيلم تسليط الضوء على هذه الشخصية المجاهدة والتاريخية، والإنتصار لقيمة الشرف والحرية كتكريم لمقاومين ضحوا في سبيل الوطن، ومن أجل أرضهم وقيمهم المغربية كما صرح مخرج الفيلم خصوصا و السينما المغربية لم تتفاعل بجدية وبوعي مؤطر مع تاريخ المغرب وأحداثه، مثل المواجهات ضد المستعمر، مما قد يعرض هذا التاريخ للنسيان، في حين تصرف الأموال بسخاء على أفلام تافهة وفي المقابل عملت السينما الكولونيالية عبر عشرات الأفلام ،على تشويه صورة المقاومة المغاربية مثل تقاريرها التي حبكت عن زايد أوحماد ،والتي تصفه بقاطع الطريق والمليئة بالتناقضات.2.

قد يفسر غياب انتاج سينمائي متميز عن المقاومة المغربية، وكذا مهرجان سينمائي عنها أمام حضور عشرات المهرجانات السينمائية المتنوعة، بأسباب سياسية، فالسينما تشكل مصدر ازعاج وقلق للسلطة، لأنها قادرة على هدم نظريات وتصورات قام بتشييدها أجيال من رجال السلطة والحكم ،لذلك قد يغيب الضوء الأخضر ربما عن السينمائيين المغاربة لتصوير أفلام تليق بالمسار الكفاحي المرير للمقاومة المغربية ضد المحتل.3

من منظوري الشخصي تغيب عن فيلم “الشرف” من الناحية التاريخية مجموعة من الأمور:

مثل ضرورة ابراز وحشية الاستعمار ضد أهالي المنطقة، وكذا تجسيد المسار الطويل لكفاح زايد أوحماد إلى جانب ضرورة ابراز دور الحاضنة الشعبية في كفاح زايد أوحماد، من أسول الى ايت هاني وتودغى وتادفالت ، التي لولاها لما كتبت الاستمرارية لعملياته ضد المحتل ،مع ضرورة كذلك احترام بيئة المقاوم باستعمال اللسان المحلي لأيت مرغاد وليس السوسي وأخيرا كان من الممكن الاستفادة أكثرمن الأرشيف الفرنسي المصور، بعرض مشاهد حقيقية عن معركة بادو منطلق المسار الكفاحي لزايد أوحماد رحمه الله لكي تتوفر في النهاية الفرجة السينمائية التي تليق بمساره الجهادي.

يبقى تعاطي السينما المغربية مع موضوع المقاومة ،بحاجة الى إرادة وطنية ،للتعريف بفترة الكفاح الوطني من أجل الحفاظ على الذاكرة الجماعية للأمة المغربية.
————————————————————————————————-
*الكلمة الأصيلة والمعبرة هي مصطلح الجهاد وليست الترجمة الفرنسية” المقاومة”.

1- مولاي المهدي بن علي الصالحي ، الرحلة التنغيرية الكبرى،2018، بتصرف.
2- مجلة الذاكرة الوطنية، مقال”موضوع المقاومة الوطنية في السينما المغربية” ،المندوبية السامية للمقاومة…، 2013،بتصرف.
3- محمد العيادي، مقال “إمكانات توظيف السينما في البحث التاريخي”، دراسات في المجتمع والتاريخ والدين،2014،بتصرف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • بهباوي
    منذ 4 سنوات

    اجزت وأفدت استاذي ملاحظات قيمة وفي المستوى.

  • بهباوي
    منذ 4 سنوات

    اجزت وأفدت استادي ملاحظات قيمة وفي المستوى.