أدب وفنون، رمضانيات

كتاب “نظام التفاهة”.. تعرف على “الجنان الضريبية” الأكثر إثارة للجدل في العالم (12)

في عمق الأزمة الإنسانية التي نكابدها، تشتد الحاجة إلى أنيس يسافر بنا بعيدا، لمعرفة كيف يمضي العالم اليوم، وكيف تمتزج السياسة بالاقتصاد والإعلام، لتولد مضامين، تعمل على تشكيل وتسيير كافة جوانب عيشنا المجتمعي. لهذا اختارت جريدة “العمق” القراءة في كتاب “نظام التفاهة”، عبر حلقات يومية طيلة الشهر الفضيل، تلخص المضمون، وتحافظ على عمق المعنى

قراءة ممتعة…

الحلقة الثاني عشر: 

قال آلان دونو مُؤلِف كتاب “نظام التفاهة” وأستاذ الفلسفة والعلوم السياسية بجامة كيبيك في كندا، وأكاديمي ناشط، إن المقررات التي غالبا ما تُكرس لتدريس الآيديولوجيا، تتناقل بشيء من “الحنين المحموم” أن السوق يحركه لاعبون عقلانيون، يقومون بأخذ القرارات وفقا لمحتوى معين، وفي حدود أفضل ما يعرفونه وما يقدرون عليه، مشيرا “كم من الطلبة الأذكياء الذين يريدون أن يفهموا الأسباب وراء التطور المالي والصناعي المختل للعالم، اكتشفوا أن ارتياد كليات التجارة، الحقوق، أو العلوم السياسية يجعلهم أكثر جهلا مما كانوا عليه قبل الدراسة فيها، هذا لأن المؤسسة الأكاديمية تنقل خطاب الجهل وتنتجه معا.

وأضاف، بأن مديرو الجامعات يقومون بعمل الأشياء بطرق تنتهي بهم إلى عمليات إما على حافة ما هو قانوني، أو ما هو غير مشروع تماما، مشيرا إلى نموذج “جامعة كيبيك”، “التي كشفت التمويل غير المشروع للمؤسسات السياسية من قبل منظمات إجرامية في مجال صناعة الإنشاءات”.

كتاب “نظام التفاهة”: العمل السياسي و”الديمقراطية” تربة خصبة للتفاهة (6)

وتأكيدا لما سبق، أشار آلان، إلى أن ميشيل سيمور أستاذ الفلسفة في جامعة مونتريال، ذكر بشكل دؤوب بأن أغلب الاستثمارات التي قامت بها الجامعات وحكومة كيبيك في السنوات القليلة الماضية كانت تتعلق تتعلق بالأبحاث في المجال العقاري، ومن بين ما شملته هذه المشروعات مستشفيين جامعيين، وناطحة سحاب، ومباني شيدتها جامعات في مواقع بخارج مناطقها الطبيعية، كحرم جامعة شيربوروك وحرم جامعة ريموسكي.

وزاد، “يمكننا أن نذكر أيضا المبالغ الهائلة التي قرر مديرو عدة جامعات دفعها لأنفسهم”، مشيرا “في مارس 2012 قدر راديو كندا أن رؤساء جامعات كيبيك كانوا يتلقون ما يتجاوز نصف مليون دولار سنويا، على هيئة رواتب ومزايا أخرى، في حين أنه في دول مثل فرنسا، فإنهم يقبضون مبالغ تتراوح بين 60.000 و 150.000 يورو، إذ يبدو أن رؤساء الجامعات شمال الأمريكية مقتنعين بأن المعايير المتطرفة التي تمارسها مجالس إدارة الشركات متعددة الجنسيات ينبغي أن تطبق عليهم هم أيضا.

وأعرب الكاتب آلان في شرحه، بأن هناك، أيضا، “حالات فشل ذريع تتعلق ببعض من أكثر الجنان الضريبية إثارة للجدل في العالم، التي جعلت إداريو جامعة مونتريال يتسببون بخسارة الجامعة لمبلغ مائة مليون دولار كانت خاصة بخطة التقاعد الجامعية، وتعود لموظفيها العشرة آلاف، والخسارة تمت عندما عهدوا بهذا المبلغ إلى مدير مالي يقع مقره في الجزر العذراء البريطانية، وقد كان برجوازي ألماني مسؤولا عن استثمارات الجامعة من عام 1998 إلى 2000، والذي استثمر مبلغ خطة التقاعد، في صندوق مدار من قبل مجموعة “لانسر” التي أسست في ديلاوير، الولاية الأمريكية التي تعمل كجنة ضريبية.

ووفقا لشرح مشاعل عد العزيز الهاجري مترجمة الكتاب إلى العربية، فإن الجنان الضريبية يُقصد بها “بلد أو منطقة في بلد يتقرر جعلها ذات نظام ضريبي مرن، سواء عن طريق فرض معدلات ضرائب منخفضة القيمة أو منح إعفاءات ضريبية على أسس تشجيعية أو عدم فرض أي ضرائب على الإطلاق، مما يشكل عامل جذب للعملاء حول العالم، إذ يقوم الأفراد والشركات الراغبون في التخلص من دفع الالتزامات الضريبية في دولهم بنقل رؤوس أموالهم إلى تلك الجنان الضريبية ويودعونها في مصارفها، التي عادة ما تكون نظما مصرفية عديمة الشفافية وذات سرية عالية، حيث يصعب على الجهات الضريبية الدولية اختراقها والوقوف على ما أودع فيها، الأمر الذي يحمي هؤلاء المودعين من الملاحقات القانونية”.

يُتبع..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *