أدب وفنون، رمضانيات

كتاب “نظام التفاهة”: المال يمنع التفكير والاقتصاد غبي في حقيقة الأمر (18)

في عمق الأزمة الإنسانية التي نكابدها، تشتد الحاجة إلى أنيس يسافر بنا بعيدا، لمعرفة كيف يمضي العالم اليوم، وكيف تمتزج السياسة بالاقتصاد والإعلام، لتولد مضامين، تعمل على تشكيل وتسيير كافة جوانب عيشنا المجتمعي. لهذا اختارت جريدة “العمق” قراءة في كتاب “نظام التفاهة”، عبر حلقات يومية طيلة الشهر الفضيل، تلخص المضمون، وتحافظ على عمق المعنى. 

قراءة ممتعة…

الحلقة الثامن عشر: 

قال آلان دونو صاحب كتاب “نظام التفاهة” وأستاذ الفلسفة والعلوم السياسية بجامعة كيبيك في كندا، إنه “ما عدنا نستطيع أن نفكر في “الاقتصاد” بشكل جمعي، ذلك أنه عندما يتعلق الأمر بالعمل التجاري، فإن حتى أدنى مستويات التحليل تبدو عسيرة على الفهم، عندما نتعامل مع مبالغ يمكن أن تؤثر بدرجة ملحوظة على مؤشر أولي مثل الناتج المحلي الإجمالي، الذي يرتبط بوثن آخر هو “خلق الوظائف”، فإن المال يمنع جميع طرق التفكير”.

وأشار آلان، لتعبير “إنه المال، أيها الغبي”، الذي استخدم لهيكلة الخطاب الخاص بالحملة الرئاسية لبيل كلينتون عام 1992، يلمح إلى أننا لا نستطيع أن نتخيل المواطن المعتاد مهتما بأي شيء آخر عدا ما يعنونه بالاقتصاد، مردفا “ولكننا إذا أردنا العبارة على وجهها الآخر، فإنها تعني أن الاقتصاد وافتراضاته الارتزاقية تجعلنا أغبياء، مانعة عقولنا من الاشتباك مع المسائل التي تتملص منا، إنه الاقتصاد الغبي، في حقيقة الأمر”.

وأوضح، كيف أن عقد “vista jet” الذي وقعته شركة “بومباردييه” الخاصة بتأجير الطائرات النفاثة للبليونيرات الباحثين عن الراحة القصوى أثناء سفرهم، سنة 2012، من أجل إنتاج ست وخمسين طائرة تجارية نفاثة من طراز جلوبال ذات المحرك المزدوج، “ما هو إلا عرض للإنفاق المفرط من طرف الشركات متعددة الجنسيات وطبقة الأغنياء شديدي الثراء، في الوقت ذاته الذي قامت به الحكومات، عاما تلوى آخر، بإلزام المواطنين بقبول برامجها بشأن التقشف وضبط النفقات، موبخة إياهم، على عاداتهم الإسرافية”.

وأضاف، “إن هذا العقد يذكرنا بالشركات المالية التي أنقذتها الحكومات من الكارثة ابتداء من عام 2008، من خلال ضخ آلاف البليونات من الدولارات فيها، بدعوى أن إفلاسها سوف يقود إلى انهيار حضارات بأكملها، وعودة هذه الشركات إلى أسوأ عاداتها بعد أن تم تأمين تدفقاتها المالية، فرجعت إلى دفع بليونات الدولارات كمكافآت للمدراء وأعضاء مجالس الإدارات، حتى في السنوات التي يحققون فيها عجزا ماليا”.

وأكد آلان، بأن جميع الأماكن التي تنشأ فيها طبقة مالكة ذات قدرة على الدفع للطائرات النفاثة العالية الجودة والراحة، هي بالضرورة مرتبطة بالفساد السياسي، من نهب الأصول العامة، والاستغلال البشع للثروات العامة، وغيرها من عمليات مقاربة للجريمة المنظمة، وأغلبها متواجد في كل من روسيا، الصين، الشرق الأوسط، وإفريقيا”.

وعن الموطنين الأمريكيين، زاد آلان، “بأنهم يملكون العدد الأكبر من الطائرات الخاصة 12.717، متقدمين بذلك على كل من المكسيك 950 والبرازيل 786، الحائزتين على الميداليتين الفضية والبرونزية في هذا الشأن”، مشيرا “إن ظاهرة معدلات النمو الأكبر للفترة بين عامي 2006 و2016 قد رُصدت في بلدين ذوي نظام بلوتوكراسي مبتذل، وآخر يعتبر جنة ضريبية”.

كتاب “نظام التفاهة”.. تعرف على “الجنان الضريبية” الأكثر إثارة للجدل في العالم (12)

وأعرب آلان، إذا كان البليونيرات أو أصحاب الأموال المتهاطلة، سيسخرون بعضا من رؤوس أموالهم ويلغون تلك العقود المفيدة بشكل هامشي للعوام، فإن مُتخصصا يُحذر من أن مثل هذه العقود، سوف لن تكون لها قيمة أكبر من قيمة إشاعة في سوق المال، وستنطوي على احتمال كبير لإلغائها فيما لو انهار السوق، لذلك، لنأمل أن الأسواق والحكومات التي تدعمها سوف تستمر في الدفع إلى الأعلى بأسعار الأسهم التي يعتمد عليها هؤلاء البليونيرات”.

يُتبع..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *