حوارات، مجتمع

17 سنة على تفجيرات 16 ماي.. معتقل سابق يحكي لـ”العمق” عن مراجعاته

تمر اليوم 17 سنة على هجمات الدار البيضاء الانتحارية التي روعت المواطنين، وهزت الأمن والسلام المغربي.

أحداث دامية مفاجئة، عجلت بنهج الجهات الأمنية لحروب استباقية على “الإرهاب”، باعتقال الآلاف من مُعتنِقي الفكر”السلفي الجهادي”، واستباق كل تهديد لأمن المغرب والمغاربة.

نور الدين الحاتمي، واحد من آلاف الأشخاص الذين اعتقِلوا على ذمة ملف “الإرهاب”، تم اعتقاله لمرتين، الأولى كانت سنة 2004 في ملف “السلفية الجهادية”، وتم الحكم عليه بست سنوات سجنا نافذا، قضى منها سنتان ليتم الإفراج عنه بعفو ملكي سنة 2006، أما القضية الثانية فتتعلق بملف “سوريا”، حيث تم اعتقاله سنة 2013 في مطار محمد الخامس أثناء عودته من الحدود التركية-السورية ليتم الحكم عليه بأربع سنوات سجنا نافذا.

يقول في حديثه مع “العمق”:”كنا شبابا غير ناضجين..نحن أبناء تلك الحقبة الإسلامية، التي نشأت على أدبيات جهادية سواء تعلق الأمر بأدبيات السلفية الجهادية، أو الإخوان، وأدبيات الجهاديين الذين ظهروا في الساحة حينذاك، فتحنا أعيننا ونحن نقرأ لـ”السيد قطب”، “عبد القادر العودة”، “حسن البنا”، “محمد قطب”، “سعيد حوى”، “أبو قتادة”، “أبو الأعلى المودودي”، و”عبد السلام ياسين”..تصوروا أن أحدا نشأ في هذه البيئة كيف سيكون؟”.

وأكد نور الدين الحاتمي، على أنه كان في مرحلة أولى، يتبنى الفكر السلفي الجهادي، من خلال اطلاعه على كتب الشيوخ المشارقة، ومن خلال القنوات التي يصرف فيها هؤلاء المشايخ أفكارهم، لكن في المرحلة الثانية التي حاول فيها الذهاب إلى سوريا من أجل “الجهاد في سبيل الله”، اكتشف قبل الوصول إلى بؤر التوتر، أن ما يحدث بسوريا لا علاقة له بالإسلام، وأن تلك الحروب تتعلق بصراع مفتعل من أجل خلق خريطة جديدة، باستراتيجية معينة.

بعد تراجعه عن الذهاب إلى سوريا، وقضاء سنوات من حياته في السجن بسبب ذلك، صار الحاتمي يفكر بشكل عقلاني، وواقعي، وتغيرت نظرته من التفكير السطحي بكون السلفية الجهادية، هي التي تمثل الإسلام الحق، إلى نظرة إيجابية، وصار ينظر للواقع انطلاقا من التاريخ، حيث فهِم بأن الواقع اليوم لا يختلف كثيرا عن الماضي.

يقول: “صرت أنظر إلى الواقع بالكثير من الواقعية، وأنظر إلى المجتمع بالكثير من الإيجابية، وأنظر إلى الدين نفسه بطريقة مغايرة”.

راجع الحاتمي تلك الأفكار المتشددة التي فرضتها التربية والتهميش والإقصاء، بعد أن تيقن أن كل ما كان يحمله من فكر، ليس إلا سخطا عن تدابير الدولة بسبب حياة الهامش التي يعيشها، وأن الخطاب الذي تبناه عن الإسلام كان سطحيا وساذجا.. مساوئه أكثر من منافعه.

تحصلت المراجعات الفكرية عند الحاتمي بسبب تقدمه في السن، وبفعل المعرفة، ومصاحبته الطويلة للكتب من مختلف المشارب، ولإعادة قراءته لعدد من الكتب للكتاب المعاصرين بشكل متأني، من قبيل: “محمد عابد الجابري”، و”عبد الله العروي”، و”بكري الطرابيشي”.

وفي حديثه عن تأثير الشيوخ المغاربة الذين يتبنون الفكر الجهادي على الشباب، أبرز المتحدث ذاته أن هؤلاء ليسوا زعماء جهاديين، بل أشخاصا اعتلوا المنابر، وصاروا يمررون عبرها أفكار الشيوخ المشارقة.

وفي حديثه عن التغير الذي عرفته الدولة في تعاطيها مع ملف “الإرهاب”، أبرز الحاتمي أن الدولة كانت شديدة القسوة في التعاطي مع المعتقلين على ذمة هذا الملف، حيث لم تكن حينها قد أمسكت بخيوطه، وتم انتهاك حقوق الإنسان، من خلال التجاوزات العديدة التي ارتكبتها، بداية من الاعتقالات العشوائية، إلى المحاكمات التي لا تتوفر على شروط المحاكمة العادلة.

وزاد المتحدث ذاته قائلا، إن التعاطي مع هذا الملف اليوم، صار أكثر نضجا، حيث تكونت صورة واضحة للأجهزة الأمنية، وصارت لديها خبرة واسعة، كما غيرت من أسلوب تعاملها، وإستراتيجيتها، وصارت تتعامل مع كل حالة على حدة كل شخص حسب ملفه والمعطيات المتوفرة عنه، ولم تعد تلجأ إلى العنف كما السابق، ولم تعد تلفق الملفات كما كان يحدث في السابق.

الحاتمي أبرز أيضا أن الأجهزة الأمنية لم تعد تلجأ إلى العنف كما السابق، وصارت تواجه المتهمين بمعلومات يدركون أنها حقيقية ومضبوطة، وفي حال وجد بعد التجاوزات بخصوص المعلومات في الغالب لا تأخذ بها المحكمة، كما لم تعد الأحكام القضائية بنفس القساوة التي كانت عليها في السنوات السابقة-سيما التي تلت أحداث 16 ماي 2003-، وتقلصت مدد السجن التي يتم الحكم بها والتي كانت في بدايات هذا الملف مددا طويلة جدا.

وعرفت مدينة الدار البيضاء،  سلسلة من الهجمات المُتزامنة بالأحزمة الناسفة وقعت في  16 ماي 2003.

خلال تنفيذ هجمات الدار البيضاء، تم الإعلان عن كون جماعة “السلفية الجهادية” هي التي كانت وراء الحادث، كما ظهرت جماعة التبليغ، ومجموعة فكري، وتم اعتقال الآلاف من الشباب، ومحاكمتهم بمدد طويلة، لكن لم تتبنى أي جهة لحدود اليوم، تلك التفجيرات، ولازال هذا الملف يحمل الكثير من الزوايا المظلمة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عبد الله الحر
    منذ 4 سنوات

    السلفية الجهادية سعودية وامركية المنشئ وبتشجيع من شيوخ السلطان وان هذا الشخص لم يقرأ لاعبد القادر عودة ولاغيره وصدقوني اذا قلت لكم فمستواه الدراسي لايسمح بفهم عبد القادر عودة ولاغيره فهذا الشخص وامثاله تشربوا فكر شيوخ سلاطين السعودية الذين حثوا الشباب على ااجهاد بايعاز من سبدهم الامريكي كما وقع في افغانستان في ظل الحرب الباردة والذي تبين فبما بعد ان الكل كان صنيعة الامريكان

  • salah-21
    منذ 4 سنوات

    اولا ليس هناك سلقية جهادية إلا في مخيلة الإعلاميين و تم تداولها يشكل عام في ظلم كبير للسلفية الحقة و الذي سرب هاته اللفظة الى المجتمع بخبث طبعا كان يحاول الركوب على موجة التتدين ليضرب عصفورين بحجر واحد و هؤلاء معروفون و لا حاجة للتفصيل .ثانيا من ذكر الاخ فوق كلهم ينتمون الى تيار الإخوان المسلمين و هم بين متشدد كسيد قطب و متلطف في طرحه كالمودودي مثلا لكن مشربهم واحد و هدفهم واحد و منهحهم واحد و يستعملون هذا الأسلوب (واحد يكوي وواحد يبخ) من أجل الإستمرارية فقط كما سماه سلمان العودة بفقه المرحلة !!و الدليل ان مسألة السلفية الجهادية باطل اريد به باطل هو وجود علماء كبار سلفيين على الساحة منذ عشرات السنين كالشيخ محمد بن العربي العلوي و الشيخ عبد الله كنون و الشيخ تقي الدين الهلالي و كلهم مغاربة و الشيخ الألباني و الشيخ بن باز و الشيخ بن العثيمين رحمهم الله ..و مجرد الرجوع الى كتب و أشرطة و رسائل من ذكرت يتبين للباحث الحق ان هؤلاء هم من واجهوا جماعة الإخوان و من خرج من رحمها كالتتكفير و الهجرة و القاعدة و داعش و غيرهم وهؤلء العلماء هم من كانوا صمام امان بفضل الله حتى لا يتحول الشباب المسلم الى قنبلة موقوتة بفعل الحماس و عدم فهم النصوص او تأويلها ..ز اذا ليس هماك سلفية جهادية هناك جماعات ارعابية تتبنى الفكر الجهادي و هناك سلفية حقة تتبع منهج الكتاب و السنة بفهم الصحابة ... ارجو النشر و لو من باب سماع الرأي الآخر