أدب وفنون، حوارات

واكريم: الإنتاجات الرمضانية هذه السنة متوسطة و”سلمات أبو البنات” هو الأضعف

هاجر شريد – صحفية متدربة

اعتبر الناقد السينمائي عبد الكريم واكريم أن الأعمال  الدرامية الرمضانية لهذه السنة لم ترق إلى لتطلعات الجمهور المغربي، وأنها مازلت تفتقد إلى معاير الفنية والإبداعية، كما رأى أنه تشوبها مجموعة من الأخطاء التقنية التي يسهل ملاحظتها من طرف حتى غير المتخصصين.

وأردف واكريم في حوار مع جريدة “العمق” أن مسلسل “سلمات أبو البنات” الذي تم بثه على قناة “mbc5” خلال شهر رمضان، يعد “الأضعف” في الانتاجات الرمضانية لهذه السنة.

وعبر الناقد السينمائي عن رفضه لمشاركة عدد من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي في الأعمال الدرامية والسينمائية، بسبب “عدم قدرتهم على اقتماص الأدوار”، و”ضعف أداءهم” في الأعمال التي شاركوا فيها، مرجعا سبب اختيارهم لأداء تلك الأدوار إلى شهرتهم وقدرتهم على جلب عدد كبير من المتابعين”.

وفي ما يلي نص الحوار:

ما هو تقييمك لمستوى الدراما الرمضانية لهذه السنة ؟

يجب التنويه أولا، إلى ارتفاع عدد الأعمال الرمضانية هذه السنة مقارنة مع المواسم السابقة، وهو أمر إيجابي في حد ذاته لكونه يساهم في إنتاج فني جيد.

لكن بالمقابل، المستوى الفني والتقني كان تقريبا دون المتوسط، ولم يرق بعد لتطلعات الجمهور المغربي، فأغلب الأعمال الدرامية المغربية التي عرضت خلال شهر رمضان مليئة بالأخطاء التقنية، وهي ناتجة بالأساس عن السرعة في الاشتغال، والضغط الزمني الذي أصبح يشكل عائقا أمام تقديم أعمال فنية متميزة، حيث يبدأ الاشتغال في هذه الأعمال حتى اقتراب رمضان، وتظل العديد منها غير مكتملة إلى آخر لحظة ليتم الانتهاء منها بشكل متهور وغير مهني.

ومن الناحية الفنية، هناك مشكلة في كتابة السيناريو الذي يعد العنصر الأساسي للعمل إبداعي، والغائب بقواعده بشكل شبه كلي في اغلب المسلسلات الرمضانية التي عرضت، فهو يشكل نقطة الضعف الكبرى في الدراما المغربية، لكن عموما يمكننا القول أن هناك بعض الأعمال مقبولة نسبيا كمسلسل سر المدفون والإرث.

ما رأيك بمسلسل ” سلمات أبو البنات ” الذي أثار جدلا واسعا؟

بالنسبة لي هو أضعف مسلسل تم عرضه خلال هذا الموسم الرمضاني، لأنه مليء بالأخطاء الفنية والتقنية، حتى الطفل الصغير يستطيع ملاحظتها، خاصة الحلقة العشرين التي خلفت موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب احتوائها على مشاهد بوليودية وخيالية لا تتماشى مع العقل أو الواقع، وهذا يرجع إلى ضعف الإخراج والسيناريو، إلى جانب التسرع في الكتابة والإنجاز وعدم إعطاء العمل وقته وحقه في الإعداد والتصوير، الأمر الذي يؤدي إلى أخطاء المفروض أنها متجاوزة. ناهيك عن بعض الأحداث غير المنطقية والتي لا تحترم ذكاء المشاهد المغربي الذي أصبح اليوم يتطلع على تجارب مختلفة تجعله قادرا على التمييز بين الأعمال الفنية.

بالإضافة إلى أن الممثلين يجدون عناء في أداء الأدوار التي أسندت إليهم لكونها تفتقد إلى رؤية الدرامية، فالمخرج من خلال المسلسل أظهر على عدم قدرته وكفاءته لكتابة السيناريو الذي يعتبر العمود الفقري لأي عمل، وهو ما لم نجده متوفرا في “سلمات أبو بنات”.

وتجدر الإشارة على أن المخرج أنجز في فترة قصيرة ثلاث مسلسلات وبالتالي لا يمكنه تقديم عمل فني يحترم الجودة المطلوبة.

ما هو المسلسل الذي تراه احترم المعاير المهنية والتقنية واستجاب للذوق الفني والإبداعي خلال هذا الموسم؟

بالنسبة لي السلسلة القصيرة “مرجانة” هي الأفضل هذه السنة، بحكم أنها خالية من الأخطاء التقنية الموجودة في أغلب الأعمال الدرامية المغربية، الناتجة حتما عن السرعة وضيق الوقت كما ذكرت سابقا، إلى جانب حضور رؤية واضحة تؤطر العمل وتدخل ضمن تصور إخراجي نجده في مسار المخرج شريف طريبق، لا من ناحية تطرقه للمحطات المهمة من التاريخ المغربي في فيلميه الروائيين الطويلين السينمائيين وهذه السلسة تأتي في هذا المسار نفسه، ولا من جهة التقشف الإخراجي الذي لا يقف كنقطة ضعف أمام تحقيق العمل بشكل محترم عكس ما نراه في بعض المسلسلات المعروضة التي يبدو أنها تتوفر على إمكانيات إنتاجية مرتفعة بالمقابل نجد نتيجة ضعيفة فنيا وإبداعيا.

بالإضافة إلى أداء الممثلين الذي كان جيدا ومختلفا ،خاصة أداء محمد خيي المقتصد والملتزم بنص الحوار مقارنة مع شخصية سلمات في مسلسل ” سلمات أبو البنات” التي حاول فيها الاعتماد على موهبته في التشخيص لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وفي سلسلة “مرجانة”  نجد السيناريو الجيد والكتابة المتميزة ، خصوصا أنها مقتبسة من رواية للبشير الدامون بعنوان “أرض المدامع” وهو الذي حوله بنفسه في أول تجربة له في كتابة السيناريو لعمل درامي وكان موفقا في ذلك كما رأينا .

كيف ترى مشاركة مشاهير السوشيل ميديا في الإنتاجات الرمضانية؟

هي مشاركة فاشلة جدا، حيث أثبت هذه الوجوه عدم كفاءتها وقدرتها على تقمص الأدوار، كما أبانوا عن ضعفهم الكبير في مجال التمثيل، وأن من جاؤوا بهم اعتمدوا فقط على أنهم يحظون بالشهرة والحضور في المواقع التواصل الاجتماعي، وقادرين على جلب عدد أكبر من الجمهور.

ولا يعقل أن تبقى وجوه موهوبة خريجة من المعهد العالي للتنشيط الثقافي والفن المسرحي عاطلة عن العمل فيما يتم فتح المجال إلى وجوه تفتقد إلى لأبسط متطلبات فن التشخيص لتتقمص أدورا بطولية في أعمال درامية تليفزيونية وسينمائية.

وأرى أنه من الأفضل لهذه الوجوه أن تبتعد عن مجال التمثيل، وأن تبحث عن ميادين أخرى يمكن أن تحقق فيها نجاحا.

وبالنسبة لي المسؤولية تقع على عاتق المخرجين والمنتجين، والقنوات التليفزيونية التي تمنح فرصا لأشباه الممثلين والممثلات فيما المواهب الجديدة تظل عاطلة عن العمل .

هل الدراما المغربية بحاجة إلى وقفة؟

نعم، فهناك الكثير من نقاط الضعف التي تعاني منها الدراما المغربية والتي لن يسعني المجال هنا لذكرها كاملة لكن  أهمها الكتابة كما أشرت سابقا، والتي ينبغي إعادة النظر فيها وتطويرها والاشتغال عليها أكثر لأنها العمود الفقري لأي عمل درامي، وتلعب دورا أساسيا في نجاحه .

بالإضافة إلى طلبات العروض التي تتم بطريقة مشبوهة، حيث تقع الكثير من الأمور الغير القانونية بشهادة من كانوا داخل اللجان، فنجد نفس الشركات والتي هي معدودة على رؤوس الأصابع دائما تسيطر على هذه الطلبات، ضاربة بعرض الحائط في أغلب الأحيان القيم الفنية والفكرية والجمالية التي من فروض أن تحملها الأعمال معروض على الجمهور المغربي،  لذا يجب إعادة النظر بشكل جذري في هذه الطريقة، والحرص على أن تكون نزيهة من أجل أن تسير الأمور في اتجاهها  الصحيح .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *