وجهة نظر

مؤسساتنا التربوية: من مجرد مجموعات فايسبوكية للذكريات.. إلى قرارات

حظ المؤسسات التربوية، خاصة الثانويات التأهيلية، والجامعات من ظلمة كورونا كان وافراً، بل ربما غير مسبوق على الإطلاق. إذ انتظرت مؤسساتنا التربوية منذ تاريخ ميلادها سنوات طويلة قبل أن يلتفت لها طلبتها و خريجوها و أطقمها التربوية و الإدارية…فكانت النتيجة أن تم إغراقها بشحنات من الصور و الذكريات…

لقد نتج عن الظرفية النفسية التي ولدتها إجراءات الحجر المنزلي ميلاد فكرة خلق (تأسيس) صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تحت يافطة “مجموعة/صفحة قدماء تلامذة و أساتذة…” أو ” مجموعة/صفحة قدماء طلبة جامعة…”. الفكرة جيدة من حيث المنبع، لكن يبدوا أنها ستستنفذ مهمتها بمجرد ما إن يُرفَع الحجر و ينتشر الناس في الأرض؛ لقد فرضتها ظروف نفسية و اجتماعية كما و قد سبقت الإشارة، أضف إلى هذا أن سقف صلاحيتها محدود، لأنها لم تبنى منذ البداية على بعد استراتيجي أو ظروف خلق/إنشاء موضوعية.

الاقتراحات التي يمكنني أن أُطَعّمَ بها مشروعية هذه المجموعات هو أن تتحول إلى جمعيات واقعية، يُثْبَتُ الانتساب إليها بالوثائق المدرسية ذات الصلة، و يُعهد إلى رئاستها/تسييرها (عبر انتخابات و لو عن بعد) للأطر التي تقدم تصورا للنهوض بمهام الجمعية في الرفع من إشعاع المؤسسة التربوية المعنية و إحداث التغيير المنشود (to make a difference) من خلال تصميم تصور نظري و استشرافي لخدمة أجيال الغد، و الذي قد يكون من ضمنه النقط التالية:

•فتح حساب بنكي للجمعية و السعي نحو بلوغ رصيد مالي معتبر و مستدام يتم تخصيص منَح شهرية منه للتلاميذ المتفوقين أو المعوزين أو الذين يفقدون معيلهم، حتى يتمكنوا من بلوغ أحلامهم أو مواصلة مشوارهم الدراسي.

•تخصيص منح كمساعدة على أداء واجبات الكراء للتلاميذ/الطلبة الذين يضطرون للانتقال إلى مدن مجاورة من أجل الدراسة في مدارس عليا أو جامعات..

•تخصيص منح عبارة عن مساعدة لشراء الكتب و/أو المقررات الدراسية—مع الإشارة على أنه يجب في كل حالة من حالات التقدم على طلب منحة ما من منح هذه الجمعيات تقديم طلبات عبارة استمارة و مرفقات تكون في شكل إبداعات تلاميذية/طلابية، إما عبارة عن مقالات/ قصائد/ أبحاث/أشرطة.. أو –في حالات أخرى– التوقيع على تعهد بتقديم خدمة تطوعية ما للمؤسسة المحتضنة.

•يمكن لذات الجمعية أن تكون كذلك ممثلا لمصالح تلامذة المؤسسة المعنية لدى السلطات في كل نطاقاتها الجغرافية، و كذا لدى الشركاء الدوليين الذين يمكن أن تبحث معهم إمكانية استفادة المتفوقين من منح لمتابعة الدراسة بالخارج.

•يمكن لنفس الجمعيات أن تنظم/ أو تشارك في حفل التخرج، و أن يكون أحد أعضائها البارزين ممن توجه لهم دعوة إلقاء خطاب التخرج على مسامع الخريجين الجدد.

بالنسبة لي، هذا ليس مجرد كلام، و لا يمكنني أن أقول لكم كيف أرد الجميل(TO GIVE BACK) للمؤسسات التي درَست بها، و لو بدون علمها. أكبر طموحي اليوم هو أن أخصص منحة باسمي، لبضعة طلبة من مسقط رأسي لمتابعة دراستهم الجامعية، و أخرى كمنح موسمية للمؤسسات التي اشتغلت بها. سأخبركم بهذا يوم يتحقق هذا الحلم إن شاء الله.

و أخيرا، نعم، لقد سمعت همساتكم،و ها أنا أشارككم الرأي بأن أزمة الثقة بيننا كمواطنين منعدمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالإنفاق المالي.. إذ هناك إحجام عام على إعطاء المال من أجل المصلحة العامة، مخافة أن يعترضه عديمي الضمير و يحولوا مجراه إلى برَكهم الآسنة.. و مهما كان، علينا أن نُقرَّ جميعاً أن واقعنا لن يغيره أثير اللايفات، و لا تمرير التسجيلات عبر مختلف التطبيقات، و لا كثرة النكث و المستملحات، و لا غزارة التدوينات.. واقعنا لن يتغيَّر إلا بأفعال لها وقع الزلزال و يكونَ إنفاقُ المال رافعُ لوائها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *