اقتصاد

“صنع في المغرب”.. قصة كمامة فتحت أسواقا دولية في وجه المملكة

قبل قرابة سبعة أشهر انطلقت رحلة المغرب في صناعة الكمامات الواقية من انتقال عدوى فيروس كورونا، بتقدير فاق لـ81.9 مليون كمامة من صنع مغربي 100 في 100 مخصصة للاستهلاك المحلي، بسعر 80 سنتيما، وما هي إلا أيام حتى فاق الإنتاج المحلي للكمامة احتياجات السوق الداخلي، وانطلقت عملية التصدير إلى عدة بلدان حول العالم.

رحلة الاكتفاء الذاتي من الكمامات في المغرب لم تكن باليسيرة، إذ اشتكى عدد من المواطنين من ندرتها في الأسواق، بعد إعلان وزارة الداخلية، ووزارة الصحة، ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، ووزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، في السابع من أبريل، في بيان مشترك، فرض وضع الكمامات بشكل إجباري، بالنسبة لجميع الأشخاص المسموح لهم بالتنقل خارج سكناهم إثر الحالات الاضطرارية المقررة بمقتضى مرسوم حالة الطوارئ الصحية.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه السلطات فرض وضع الكمامة، كان توفرها في الأسواق لا يزال عسيرا، مما اضطر آنذاك عددا من المواطنين لخرق القرار والخروج بدونها، الشيء الذي عرض أشخاص للتوقيف، في حين ابتكر عدد آخر من المواطنين كمامات منزلية الصنع لا تقيهم إلا من السلطات فقط، ولا توفر حماية كافية لهم للوقاية من العدوى، وذلك قبل أن تكشف وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي عن توفير الكمامات في الصيدليات، وفقا لما وقفت عليه لجنة خاصة أوفدها الوزير مولاي حفيظ العلمي، متوقعا آنذاك انطلاق تصديرها لدول أخرى.

وإثر ذلك، أصدر وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، قرارا تحت رقم 20.1057، يتعلق باتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أسعار الكمامات الواقية، ونصت المادة الثانية من القرار، على أنه “يحدد سعر البيع للعموم للكمامات المذكورة في المادة الأولى من هذا القرار، في 0,80 سنتيما، للواحدة مع احتساب الضريبة على القيمة المضافة.

وما هي إلا أشهر قليلة من انتشار فيروس كورونا، حتى حطت الكمامة المغربية رحالها في كل من فرنسا وألمانيا وسويسرا ورومانيا والسنغال، الشيء الذي عزز حضور المغرب في السوق الدولي، في عمق الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد العالمي.

كمامات قابلة لإعادة الاستعمال

كمامات تتوفر على غطاء من القطن على المستوى الخارجي، وتهوية من الداخل، يمكن أن تُغسل حتى 15 مرة، وهو ما يمثل حلا عمليا واقتصاديا بالنسبة للمستعملين، وفقا لتصريح الشركة المصنعة “موستانج ووركوير”، الثلاثاء 21 أبريل المنصرم، في بلاغ لها.

وزادت شركة “موستانج ووركوير” بأن هذه الكمامات الواقية موجهة بالدرجة الأولى لكل المقاولات التي تشغل عددا كبيرا من العمال، والتي ترغب في حماية أجرائها، وهي لا تحل محل الكمامات الطبية أو الكمامات الواقية التي يتم التخلص منها بمجرد استخدامها والمخصصة لمهنيي الصحة، لأنها موجهة للاستخدامات الخاصة بالأفراد الذين لديهم اتصال مع أشخاص آخرين، ضمن إطار مهني أو شخصي.

ومضت تعاونية تيزرا للتنمية المتخصصة في الخياطة والنسيج، في مدينة الداخلة، على نهج صناعة الكمامات المخول لها الاستعمال لأكثر من مرة، وفقا لشروط المطابقة من المعهد المغربي للتقييس، بإنتاج 2000 كمامة يوميا.

تيزرا من بين 3 تعاونيات فقط في المنطقة التي استطاعت الحصول على ترخيص صنع كمامات قابلة لإعادة الاستخدام سبعة مرات بعد الغسل، في كل مرة تستعمل لمدة أربعة ساعات فقط.

كمامة المغرب تصل فرنسا

في الوقت الذي أكدت فيه تقارير إعلامية، عجز الحكومة الفرنسية عن توفير كمامات كافية لمواطنيها كل أسبوع، بالرغم من مكانتها الخامسة عالميا كأقوى اقتصاد، استطاع المغرب منذ شهر مارس المنصرم صنع 5 ملايين كمامة يوميا، قبل أن يصبح العدد إلى 7 ملايين، يتم بيعها ب 0.7 يورو للواحدة.

ونشرت صحيفة “لوموند” بأن “34 شركة انطلقت في تصنيع الكمامات القماشية غير المدعمة، يخصص جزء منها للتصدير”، مشيرة بأن “فروع الشركات الفرنسية بالمغرب شرعت في التصنيع هناك، في أفق رفع تدابير الحجر الصحي في فرنسا’.

غير أن قدرة المغرب على وضع رجله في عمق الاقتصاد العالمي، أثارت حفيظة البرلماني الفرنسي عن حزب “فرنسا الأبية” والمرشح السابق للرئاسة، جون لوك ميلونشون، الذي غرد في حسابه على تويتر موضحا “فرنسا انتقلت خلال 3 أشهر من 4 ملايين كمامة يتم إنتاجها في الأسبوع، ورئيس الوزراء يفتخر بذلك، في حين أن المغرب ينتج 21 مليون كمامة في الأسبوع”.

من جهته، انتقد باستيان لاشو البرلماني من نفس الحزب، حكومة بلاده قائلا: “بدون طلبات، بدون تخطيط، نجحت الحكومة في زيادة إنتاج الأقنعة من 7 إلى 8 ملايين في حين ينتج المغرب 21 مليون”، متسائلا “هل سيكون من الممكن في ظل هذه الظروف الجيدة رفع حالة الطوارئ في 11 مايو كما هو مقرر”.

استنكار إيطالي

وفي إيطاليا، أثار توزيع السلطات المحلية بـ”بيدمونت” الإيطالية، على ساكنة تورينو، كمامات طبية قابلة للغسل، مجانا، مكتوب عليها “صنع في المغرب”، استنكارا كبيرا من طرف الإيطاليين الذين كانوا يحلمون أن تقوم فيه دولتهم على نهج خطوة مشابهة للمغرب.

ووفقا لما كانت قد كتبت جريدة “la Repubblica” الإيطالية، فإن السلطات المحلية وعدت الإيطاليين بإنتاج كمامات طبية محليا، الأمر الذي أثار سخطا من طرف الساكنة الإيطالية بعدما تم توزيع أقنعة تحمل عبارة “صنع في المغرب” عليهم، معتبرين أن السلطات تسخر منهم.

ومن جهته علق كارلو بوغليو رئيس تحرير جريدة “Slow Food Edizioni” كاتبا على حسابه بموقع “فيسبوك” “أنا سعيد لتوصلي بالكمامات أنا وعائلتي لم أكن أعتقد أن المغرب يوجد في بيدمونت”.

كمامات قاتلة

بالموازاة مع سهر شركات وتعاونيات ووحدات صناعية مغربية في صنع الكمامات الواقية، وتوفيرها للمواطنين لتحقيق الاكتفاء الداخلي، عملت السلطات على توقيف أشخاص يصنعون كمامات مغشوشة، ويتاجرون فيها، بتهم “تزييف كمامات واقية والنصب والاحتيال وتحضير وبيع أشياء مضرة بالصحة العامة”، مع إحالتهم إلى المحاكمة.

وأسفرت عمليات أمنية لمكافحة ترويج البضائع ومواد التطهير غير المطابقة للمواصفات الطبية، التي تعتبر الكمامات من بينها، عن توقيف عدد من الأشخاص المتورطين في صنع الكمامات القاتلة، في وصف لهم بأنهم “تجار للمآسي”.

حصيلة الموقوفين المتورطين في ترويج الكمامات "المزورة" بالمغرب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • فضولي
    منذ 4 سنوات

    وبالمناسبة اين وصلت قضية المعقمات المغشوشة ، التي وزعت على مستشفيات فاس والتي اتضح ان الشركة المنتجة لاتتوفر عنئذ على سجل تجاري يؤهلها لذلك، ولم يكن مرخصا لها بعد، والدليل حسب بعض المواقع الاخبارية ان المعقمات ووسائل التنظيف سحبت، من المستشفيات، هل من خبر عن الموضوع، حتى يشعر المواطن العادي بقليل من الثقة والطمانينة، في المنتوج الوطني،