مجتمع

“لا مستحيل” (ح.6) : محمد رشيدي من الخميسات.. رغم “إعاقته” كسرت إرادته كل الحواجز (فيديو)

أحيانا بعض الأشخاص “الأصحاء”، لا يتركون مجالا للأشخاص في وضعية إعاقة للعيش، والتعايش معهم بصورة طبيعية، إلا أن إرادة هؤلاء تكسر كل تلك الحواجز.

“محمد رشيدي”، واحد من الأشخاص في وضعية إعاقة الذين تحدوا إعاقتهم لقول “لا للتهميش..لا للإقصاء..ولا للمستحيل”، متزوج وأب لولدين يفتخران بمجهوداته لبناء أسرة هادئة.

“محمد رشيدي”، تقني، ومشرف على مصلحة صنع وإصلاح الأجهزة التعويضية، بمؤسسة ابن البيطار للأطفال المعاقين حركيا بالخميسات، وهي مصلحة خاصة بتهيئ المعدات التقنية الخاصة بالإعاقة من أحذية صناعية وغيرها من الآليات التي تسهل الحياة على “المعاقين”.

كانت بدايات “محمد رشيدي” الذي أصيب بالإعاقة على مستوى رجله في عمر صغير جدا، من مؤسسة ابن البيطار، هناك “بدأت طفولته، وهناك بدأت شخصيته وثقته بنفسه تتكَوَّن”، يقول الراشيدي في حوار مع جريدة “العمق” الإلكترونية.

يقول “محمد رشيدي” بابتسامة تخبئ بعض الألم الطفولي:” لم أعش طفولة سهلة، حيث أُصِبت بالإعاقة الحركية، في كنف أسرة غير قادرة على مصاريف علاجاتي المتواصلة، لكن بالرغم من قلة ذات اليد، حاولت والدتي رحمة الله عليها، ووالدي أطال الله في عمره بكل قوتهما معالجتي، لكنه قدر الله..”.

ومن مدينة فاس حيث ولد “محمد رشيدي”، إلى الخميسات وبالضبط بمؤسسة ابن البيطار بالخميسات، التي تتكلف بتكوين، وعلاج الأشخاص في وضعية إعاقة بالمجان، يقول: “تعتبر مؤسسة ابن البيطر التي بصمت حياتي إيجابيا، منذ بداياتي كطفل إلى ما صرت عليه اليوم، رائدة في رعاية المعاقين حركيا، ففي كل سنة، يحج العشرات من التلاميذ من مختلف ربوع المملكة إليها من أجل الدراسة والإقامة، ناهيك عن توفير المأكل، والملبس، والتطبيب، والترفيه، حيث بسبب عناية الأطر التي تشتغل فيها استطاع مئات “المعاقين والمعاقات” الوصول إلى مناصب عليا”.

وفي زيارة لـ”العمق” لمؤسسة ابن البيطار التي تمنح “الحياة” لمن ضاقت به سبل العيش بسبب إعاقته، تستقبلك أشجار خضراء، وحدائق جميلة، أبدع، مدير المؤسسة، حسن بنعبود، المحب للخضرة، بمساعدة بعض النزلاء في تأثيتها بأزهار مختلفة الألوان، وأنواع من الخضراوات “البيو” التي تستفيد منها المؤسسة، حيث تلعب هذه المبادرة دورا كبيرا في زيادة منسوب الثقة لدى نزلاء المؤسسة، كل حسب استطاعته الصحية..

وزاد “رشيدي” في حديثه عن المؤسسة التي قضى فيها سنوات من عمره وكانت بمثابة الأم الثانية قائلا:” هنا لا يشعر الأشخاص في وضعية إعاقة، -مهما كانت إعاقتهم بسيطة أو صعبة-، بأي صعوبات، حيث توفر المؤسسة جميع متطلبات الحياة السهلة، وتيسر عليهم يومهم من خلال توفير كل الحاجيات الضرورية، بالإضافة الولوجيات، هنا نعيش في كنف أسرتنا الثانية، توفر المؤسسة لكل تلميذ متطلباته حسب وضعيته المرضية، سواء تعلق الأمر بموائد الأكل، أو بالدراسة حيث هناك طاولات للأشخاص من غير يدين، ويستعملون رجليهم في حياتهم اليومية، أو من حيث توفير الأسرة الملائمة، بل تتوفر هذه المؤسسة على “حمامات تقليدية” حيث يتكلف المؤطرون، والمؤطرات بتحميم نزلاء المؤسسة”.

ومن الخميسات، رحل “محمد رشيدي” إلى فاس حيث أسرته، إلا أنه لم يستطع التأقلم مع وضعه الجديد رغم تواجده وسط أسرته، كما حالت “إعاقته” دون استكمال دراسته، فهناك بدأت الصعوبات تظهر بشكل جلي، لا ولوجيات، ولا مقاربة مندمجة لهذه الفئة من المجتمعة، لذلك اضطر إلى حمل حقيبته والتوجه إلى مدينة البيضاء، حيث يوجد “مركز تكوين الأطفال المشلولين” الداخلي، وهو مركز يتضمن شعب التكوين في جميع المجالات للأشخاص في وضعية إعاقة.

مرة أخرى، وفي إطار رحلة البحث عن الذات، حمل ” محمد رشيدي” حقيبته بعد حصوله على “ديبلوم تقني”، متوجها إلى الخميسات، وبالضبط مؤسسة ابن البيطار، حيث تم دمجه بالوظيفة العمومية، يقول:” في رحلة البحث أن أن أكون مواطنا صالحا، فعالا، ومنتجا في المجتمع، عشت الكثير من القصص الأليمة، كما عشت سعادة نجاحاتي رغم بساطتها، عشت تحديات كبيرة، وأنا هنا في هذه المؤسسة لأعطي الكثير لهذه الفئة من المجتمع لأنني مررت من نفس حياتهم، وشعاري أن العجز لن يشعر به إلا شخص عاش نفس المأساة..ولا مستحيل مع قوة الإرادة والعزيمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *