وجهة نظر

يا ليتنا دولة ريع !

هل تتناول سيدي المواطن 35 كيلو غراما من السمك سنويا؟ بالمجان؟! الجواب أكيد لا!

هو تذكير بنصيبك من ثروت سمكية احتل فيها وطنك الرتبة 12 في ترتيب لمنظمة الأمم المتحدة للأغدية و الزراعة الفاو 2019: المغرب في الرتبة 12 عالميا كأكبر مصدر للثروة السمكية ب 1.5 مليون طن. الصين جاءت أولا ب 15 مليون طن (لكن ب 1600 مليون نسمة!).

سيقول (المثقفون): “لسنا بلد ريع يجمع الثروات الخام و يفرقها على مواطنيه! نحن دولة تجمع الموارد و الضرائب، لتحولها لخدمات و مشاريع و…الأجر مقابل العم”.

نجيب ب ياليتنا كنا دولة ريع (على أصولها)! أين دولة الخدمات في تعليمك و صحتك؟ ألا تدفع لتدريس ابنك بالمباشر و غير المباشر (ساعات إضافية)؟ ألا تحرك جيبك عند كل خدمة تطبيب أو علاج بدل الموت داخل أقسام المستعجلات و طوابير المواعيد ذات السنة و السنتين؟

في دول الخليج (التي نستهزؤ بها ظنا أننا أفضل حال) هنالك ما يعرف ب”صفقة الحكم”: القرار السياسي بيد عائلة معينة، و باقي المناصب العامة تقسم على كبار القبائل. المواطنون “الأدنى” تضمن لهم الحكومة خدمات مجانية و مصروفا شهريا (ريع) مقابل السمع و الطاعة! فما هي صفقة الحكم في أجمل بلدان العالم؟!

تقرير الأمم المتحدة الخاص بالثروة السمكية صدر في عز شهر رمضان (2019) حين ركب سمك السردين جناحين و طار لمستوى 25 و 30 درهما.

باقي الأنواع السطحية و القاعية و الفواكه أقلها ضرب حاجز ال100 درهم دون مبالغة و أغلاها لا يرى بالعين المجردة، بل يصدر من المصانع العائمة في أعماق المحيط الأطلسي لأسواق اليابان و روسيا و ما جوارها.

أوروبا، تكتري منا شواطئ 3500 كيلو متر طول و 200 ميل عرض (مياه إقليمية) بسعر يراوح متوسط ثمن لاعب في البطولة الإسبانية (60) مليون أورو، تجد في أسواقها سردينا ب أورو و 1.4أورو للكيلو، في مجتمعات مساعدة البطالة بها 1400 أورو شهريا.

سعر ذات السردين في موطنه يصل معدل ال 20 درهما لمواطن دخله المتوسط 4000 درهم (دون احتساب 3 ملايين يعيشون ب 20 درهم في اليوم)!

تناقضات تعود المواطن على بلعها لكثرتها و تواترها، فأصبحت هاته تنسيك تلك.

عطش زاكورة مع دلاحة تستهلك 1000 لتر من الماء. مواكب رسمية تؤمن بالملايين لتوزيع قفة ب 150 درهم، مع تهريب مئات كيلوجرامات الذهب نحو دبي و النواحي…

حديث عن أزمة و تقشف و ترشيد ل “مساعدات الأرامل”، مع كرم في تعدد تعويضات كبار موظفين و مدراء يتقاضون مليارات على رأس مؤسسات مفلسة ( صندوق التقاعد مثالا لا حصرا)!

أخطر مرحلة يصلها المواطن فقدانه الإحساس بالألم، كما يتدرب محترفو فنون القتال على رفع عتبة الشعور بالألم، نجح المسؤولون في ترويضنا و رفع عتبة شعورنا بالحكرة و الظلم.

ما يميز البشر عن الحيوان عتبة شعوره منخفضة بالألم و قدرة أكبر على التعبير عن المواجع. ميزتان إن فقدتا، تحول البشر لقردة و خنازير، فالمسخ ليس بالضرورة ماديا! و الله يجيبنا على خير!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *