منتدى العمق

أسئلة في زمن كورنا

تتقاذفني اليوم أمواج من الأسئلة، منذ أن حل هذا الوباء بمدينتي القنيطرة، بل وحتى قبلها عندما وصلت أخباره إلى مسامعنا من دول ومدن اخرى بالعالم لنا فيها أصدقاء وأحباء، منذ الوهلة الأولى خشيت أن يصيبهم ما هو مقدر أن يصيبنا جميعا، إما أن نهلك أو ننجو جميعا، فنحن اليوم نركب قاربا واحدا ليس فيه فرق بين ثري وفقير، وبين قوي أوضعيف، بين شاب أو كهل. غير أني اليوم في عالمي- قاربي أنا – أصبحت أخشى وأواجه مجموعة أسئلة.

فأنا أخشى راكبا آخر وهو الجهل، لأنني بت أحس بضيق وعدم الرضى، إما غضبا أو إشفاقا، لأنه اليوم ظهر أمامي سؤال، هل توجد مساواة وهل هناك عدل؟.

فأنا اعتقدت أن قاربي يركبه أناس متساوون لكن للأسف اتضح لي أن هناك نقطة عميقة من اللامساواة. فقلت في نفسي إذا ما ترك الأمر لهؤلاء فهم حتما سيقلبون كل الحسابات، سيجعلون قاربي يمشي ضد التيار.

بينما أنا أفكر في معضلة هؤلاء، قذفني سؤال آخر ماذا عن الجشع والطمع وحب الذات؟ يا ويلي ! قاربي ! مرة أخرى فيه لامساواة لكن هذه المرة في القيم والإنسانية، في قاربي هناك من يملك لوازم النجاة من الغرق لكنه يزعم عدم امتلاكها، ويطمع في امتلاك المزيد وإن كان على حساب الآخر.

ليس غريبا….

فهؤلاء أبناء وأحفاد أولائك، لقد جمعوا بين الجهلين، المعرفي والإنساني، سألت زرافات منهم عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ”

المعضلة الكبرى أنهم لايفقهونه، بل قلة منهم من علم به، غير أن علمه هذا لم يتجاوز حد اللسان. فعلا هناك أزمة تدين لم يؤتي أكله!

هنا وقفت وجلت بناظري قليلا أتفحص الركاب في قاربي أتفقد لعلي أجد شيئا إسمه الإنسان، صرخت عاليا أين هي الإنسانية؟ فوجدتني لست الوحيدة، فهناك صرخات أخرى، على اختلاف ألوانها وأديانها وثقافاتها، تتقاذفها أمواج عالية في بحر الكورونا.

كلها تسأل عن : الإنسان، الإنسان ،الإنسانية….؟ لقد اكتشفنا بل وتيقنا جميعا، أن الكورونا لا يعرف شيئا عن التمييز والعنصرية. الكل سواء.

الآن تجبرنا إنسانياتنا جميعا على التعاون ونبذ الاختلاف وترك الجشع والطمع والفردانية.

الآن حل زمن المساواة والعدل وتقدير الذات والاخر، بل وحل معه أيضا زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم.

أيضا حل زمن الأنوار لإعطاء كل ذي حق حقه على الأقل لكونه إنسان.

هو زمن ستغيب عنه كل الفوارق والتقسيمات، دول نامية تابعة وأخرى صناعية متبوعة.

الكورونا اليوم أثبت ما جاءت به القرآن الكريم في قوله عز وجل” إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ “صدق الله العظيم.

الكل اليوم ينادي نفسي نفسي في الوقت الذي كان الأجدى به والأهم هو أن ننادي جميعا أنقذوا الإنسان، أنقذوا الإنسانية أحسنوا مبدأ استخلاف الله في هذه الأرض، ليعمل السلم والسلام، ولتهدأ الأمواج العاتية حتى تعود كل القوارب إلى بر الأمان.

* مسؤولة قسم الشباب بمركز الحكمة للدراسات الدينية وحوار الثقافات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عبدالله
    منذ 4 سنوات

    مقال متميز ..سلمت اناملك