منتدى العمق

البنيات المادية.. المستوى الصحي

أنموذجا للجماعة الترابية عبد الغاية السواحل بإقليم الحسيمة

هل تحديث البنيات الزراعية له علاقة بتحديث بنيات المجال الصحي؟ يبدو أن بين المجال الزراعي والمجال الصحي علاقات مجالية ومؤسساتية فقط تقتصر على وجود مراكز صحية بالعالم القروي. لكن طبيعة الدراسة تفرض تحديد العلاقات السببية بين المجالين لإبراز إن كان التحديث الزراعي قد أنتج سلوكات عند الإنسان القروي ترتبط بالمجال الصحي وتتمثل في ارفاع الطلب الاجتماعي المؤسسة الصحية ووجود تفاعل إيجابي بين المخططات في المجال الصحي وبين شرائح الساكنة القروية التي تعتبر هدف هذه المخططات، فما هي أوجه العلاقة الممكنة بين التحديث الزراعي وتطور الخدمات الصحية الموجهة إلى العالم القروي “. خاصة في مجالي التقليدي والعصري؟

أ -الطب التقليدي

يخص هذا الطب كما يشمل مجموعة المعارف والمهارات والممارسات القائمة على النظريات والمعتقدات والخبرات الأصلية اتي تملكها مختلف الثقافات والتي تستخدم، سواء أمكن تفسيرها أولا للحفاظ على الصحة والوقاية من الأمراض الجسدية والنفسية أو تشخيصها أو علاجها أو تحسين أحوال المصابين بها (منظمة الصحة العالمية 2002).

يبرز واقع حياة الناس انتشار أنماط العلاج التقليدي بشكل كبير وواسع بين فئات مجتمع قروي فكثيرا ما تطلعنا الجرائد اليومية، وتقارير بعض المصالح الصحية، بالانتشار الواسع لظاهرة الشعوذة تحديدا واعتقاد الأفراد بسلامة هذا النمط من العلاج، فيرونه الملجأ للتنفيس عن الظغوطات التي يعيشونها، والأمل الذي من خلاله حلون من مشاكلهم، رغم أننا نعيش في مطلع الألفية الثالثة التي أهم من أهم مميزاتها أنها قرن العلم والمعرفة والانتشار الواسع للتكنولوجيا والإعلام ولعل من الأسباب المفسرة لإنتشار الشعوذة اعتقاد الأفراد بنجاعتها، أولا غلاء المعيشة وصعوبتها سيما العلاج الطبي الحديث، هذا من جهة، ومن جهة أخرى انتشار نسبة الأمية خاصة في المجتمع القروي، تحديد التمثلات الفرد المجتمع القروي لقضايا الصحة والمرض تداخل فيه مجموعة من العوامل منها النفسية والاجتماعية والثقافية والدينية بل وحتى التاريخية وتظل هذه التمثلات نسبية تحكمها العوامل السالفة الذكر بالإضافة إلى قناعات الفرد وتوجهات الجماعة.

ب -الطب الحديث

هو المدخل الذي يفسر تلك العلاقة الجدلية من خلال نظرة الية يعزل فيها مفهومي الصحة والمرض عن الشخص المريض ومحيطه الاجتماعي والثقافي، ويعتمد أساسا على الرصيد والمخزون التجريبي للأدوية والعقاقير الكيميائية في مواجهة المرض مع افتراضات مثالية لمقومات الصحة الفردية والصحة العامة ينبغي توفرها من خلال التحصين والوقاية، مما يفقد تلك النظرة في كثير من الأحيان جوانبها الحسية وعمق مشاعرها الاجتماعية والإنسانية وخلفيتها الثقافية المتصلة بالنظر تجاه الصحة والمرض.

بفضل عامل الإحتكاك بين المجالين الحضري والقروي والذي له علاقة التكافل نجد أن المجال القروي لم يسلم من وحش الحداثة والتقدم التكنولوجي حيث نرى أن إلى جانب التغيرات التي طرأت على المجال القروي والفلاح بصفة خاصة، سواء التغيرات رمزية وتغيرات مادية حيث نجد مجال الطب أخذ نصيبه من التغير السوسيو مجالي حيث بدأ الفلاح يقصد الأطباء عوض العشابين والفقهاء، وأصبح لزاما عليهم مزاولة الطب في فترة الحمل وعند الولادة حتى التلقيح المنهجي للرضيع بات من الضروريات الحتمية التي دخلت على الثقافة البدوية وعرفت استبداله بالطب الحديث عوض الفلاح التقليدي.

المراجع

– محمد سلام شكري، علم الاجتماع بين النظرية والممارسة المجتمع القروي والتغير المركب، منشورات مختبر سوسيولوجيا التنمية الاجتماعية ، كلية الاداب ظهر المهراز،مطبعة سيباما. ص75.

– محمد سلام شكري، نفس المرجع، ص 51.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *